اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شهاب للأنباء
نشر بتاريخ: ٢٤ تموز ٢٠٢٥
خاص - شهاب
كانت تبتسم رغم كل شيء، إيمان كوارع، الممرضة التي كانت تعتني بجراح الآخرين، لم تكن تعرف أن مساء يوم الاثنين 14يوليو سيغرس في قلبها جرحًا لا شفاء له، بعدما فقدت زوجها الممرض أحمد صلاح وأطفالها في قصف 'إسرائيلي' استهدف خيمتهم المتواضعة في منطقة المواصي شمال مدينة خانيونس.
لم تكن خيمة عائلة الممرض أحمد صلاح سوى ملاذ صغير نجت إليه العائلة من نار الحرب، كان أحمد قد أمضى سنواته بين جدران مجمع ناصر الطبي، يواسي المرضى، يعالج الجرحى، وينقذ ما يمكن إنقاذه من أرواح تتنفس تحت القصف، لكنه لم يكن يعلم أن الموت سيسبقه إلى أسرته، بصمت خبيث وصاروخٍ لا يرحم.
فجأة، تحوّل كل شيء إلى غبار، لم يكن هناك إنذار، ولا فرصة للوداع، ارتقت أرواح الأسرة تحت الركام، بينما بقيت إيمان وحيدة، تحمل ثقل الفقد ومرارة العجز، في وجه حرب لا تفرق بين طبيب ومريض، بين ملاذ ومسكن، بين الأمل والحياة.
استهداف حياة تُنقذ الحياة
وفي شهادة مؤلمة وموجعة، تحدث عز الدين صلاح عن استشهاد شقيقه الممرض أحمد صلاح، الذي كان مثالًا للإنسانية والتفاني في العمل الطبي، ضمن الكوادر الصحية العاملة في ظروف العدوان والقصف، يقول عز الدين لوكالة 'شهاب' للأنباء: 'الأطباء والممرضون كانوا يتغيبون أيامًا وأسابيع عن منازلهم ليقدموا العون للمرضى والجرحى، وليكونوا في الصف الأول لإنقاذ الأرواح رغم الخطر المستمر'.
واصل عز الدين حديثه 'أخي الشهيد أحمد لم يكن يحمل سلاحًا، ولم يشارك في أي نشاط عسكري، كان فقط ممرضًا، يؤدي واجبه الإنساني داخل ميدان الطوارئ، يقدم الرعاية، ويضمد الجراح، لكن لحظة استراحته القليلة كانت آخر لحظاته، حين استُهدفت خيمته بصاروخ مباشر'.
يروي عز الدين بألم: 'استراحته كانت لحظة قصف العدو استهدف خيمته، لم يكن فيها سوى شخص أنهكه التعب'.
يتابع قائلاً: 'العدو لا يفرق بين صغير أو كبير، ولا يعرف من الرحمة عنوان، وشقيقي لم يكن هدفًا عسكريًا كما يدّعون، بل شهيد الواجب الإنساني'.
وفي رسالة مؤثرة يوجهها عز الدين للعالم: 'هذا العالم الذي يدّعي الإنسانية هو عالم لا إنساني، بعد كل هذا الموت والدمار، لا يحق له أن يُسمي نفسه عالمًا إنسانيًا'.
وختم بكلمات تفيض حزنًا واحتسابًا: 'حسبنا الله ونعم الوكيل، لا إله إلا الله، والشهداء أحباب الله'.
العمل كخلية نحل
وفي حديث مؤثر، قال أحد زملاء الشهيد: 'الشهيد أخونا الحكيم أحمد صلاح استُشهد هو واثنين من أفراد أسرته في قصف إسرائيلي غاشم، وهم داخل الخيمة التي كانوا ينامون فيها، كان قد عاد لتوه من مناوبة له في المستشفى، وتم استهدافه بدون أي إنذار مسبق'.
وأضاف زميل الممرض الشهيد أحمد صلاح، أن الطاقم الطبي في المستشفى يعمل باستمرار تحت ظروف قاسية، موضحًا: 'عملنا عبارة عن خلية نحل، نواصل الليل بالنهار لإنقاذ الأرواح والجرحى وإسعاف المصابين، سواء في قسم العمليات أو الطوارئ أو العناية المركزة، نعمل على مدار 24 ساعة، ونتعرض لكمية هائلة من التعب والإرهاق النفسي والجسدي'.
واستُشهد الممرض الفلسطيني أحمد ماجد صلاح، أحد أفراد الطاقم الطبي في قطاع غزة، في قصف 'إسرائيلي' استهدف خيمته التي كان يبيت فيها عقب عودته من مناوبته الطبية، وأسفر القصف عن استشهاد أحمد واثنين من أفراد أسرته وبقيت زوجته الممرضة إيمان كوارع لوحدها في مشهد يعيد الذاكرة إلى جريمة اغتيال عائلة الطبيبة ألاء النجار.
وفي خلفية هذا الحزن المتكرر، تستمر آلة الحرب 'الإسرائيلية' في استهداف أرواح الأبرياء، لليوم الـ647 على التوالي، مجازر ضد النازحين، المجوعين، الباحثين عن شربة ماء أو حبة دواء.