اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٩ نيسان ٢٠٢٥
﴿هذا بَيانٌ لِلنّاسِ﴾
وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } آل عمران138
عظيمة هي دروس معركة أحد التي يمكن الاستناد إليها في محنة غزة العصيبة، والتي تعتبر محطة مفصلية في تاريخ الأمة المعاصر. معركة أحد لم تكن ميدانها الأرض والقتال فقط، بل كان قبل ذلك ميدانها النفس البشرية وصراعها الداخلي وحديثها مع نفسها والانتصار عليها. هي معركة ضمير الإنسانية، ولذلك فهي معركة شاملة تتضمن الجوانب النفسية، والعوامل الاجتماعية، والانقسامات بين الصفوف، وكذلك العامل الاقتصادي، والملاحقة الغذائية والدوائية، وهو ما يتطلب استجابة شجاعة، حتى وإن كان ذلك يتضمن إرسال الجرحى لملاقاة العدو، كما كان في حمراء الأسد في أحد.
تحولات معركة أحد تجلت في الانتقال من نصر بدر إلى نصر بداية أحد، ثم الهزيمة، ثم استجماع القوى، وإعادة الاعتبار، وأخيرًا النصر الختامي. كذلك، انتقلت غزة من 'سيف القدس' الذي حقق نصرًا مبدئيًا، إلى نصر أكثر ارتفاعًا في طوفان الأقصى، ثم انحسار، ومحرقة أهلكت الحرث والنسل، فدمرت غزة بأسرها. واليوم، نراقب ختام مشهد أحد في غزة، حيث تبرز إرادة المستضعفين في حمراء أسد غزة. وفي كل ذلك، { الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ } (آل عمران 154)، كما أخبرنا { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَاٌ } (آل عمران 165).
وفي أحد، كانت آيات الله تعالى تؤكد أنه رغم نصر الظالمين، إلا أنه نصر عابر ومؤقت، جزء من سنن الله في التدافع. الهزيمة التي لاقاها أصحاب الحق كانت بسبب خطأ ارتكبوه. { قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ } (آل عمران 165)، ولكن قدر الله الغلاب يتحقق في النهاية، لأن مقادير الله تعالى مرتبطة بحركة رجاله، { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ } (الأحزاب 23). وبهم يتحقق نصر الله كما ورد في قوله: { وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } (البقرة 251)، { مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ } (آل عمران 179).
كل ما مر به المؤمنون في محطة مؤلمة في أحد، بتخاذل جزء من الجيش واستشهاد 10% من الصحابة، كان جزءًا من سنة الله في التمايز. ورغم الهزيمة، إلا أن هذه سنة الله في خلقه كما ورد في ختام آيات أحد: { مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ } (آل عمران 179). هذه أيضًا محطة تعبئة شاملة للنصر الكبير، ونرى في محرقة غزة كل ذلك وأكثر، { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ } (ص 88).