اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٧ أيار ٢٠٢٥
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي لفرق الإنقاذ والإسعاف أثناء محاولتها إجلاء جرحى وانتشال أحياء عالقين تحت الأنقاض، في خان يونس جنوبي قطاع غزة، يُشكّل جريمة مركّبة تنطوي على قتلٍ عمدٍ للمدنيين، عبر منع إنقاذهم وتركهم يواجهون الموت تحت الركام، في ما يُمثّل دليلًا إضافيًا على نية إسرائيل إفناء ما تبقى من المجتمع الفلسطيني هناك ضمن جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار الأورومتوسطي في بيان صحفي اليوم السبت، إلى أن هذه الأفعال تُمثّل انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، لا سيما المبادئ التي تُلزم بتوفير الحماية الكاملة للجرحى، وضمان حقّهم في الإخلاء والعلاج، وتأمين وصول آمن لفرق الإغاثة دون عوائق أو تهديد.
وشدد على أنّ هذا السلوك لا يمكن فصله عن النمط الأوسع من الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، والتي تكشف عن نية واضحة لإفناء السكان الفلسطينيين عبر أدوات متعددة؛ تشمل القتل الجماعي المنهجي، والحصار، والتجويع، والتهجير القسري، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، والحرمان الشديد من مقومات البقاء الأساسية.
ووثقة فريق المرصد الحقوقي قصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الثلاثاء الموافق 13 أيار/مايو 2025، لمنزل “عبد الكريم الأفغاني” المكوّن من عدة طوابق، شرقي خان يونس، والذي كان يؤوي ما لا يقل عن 24 فردًا، أغلبهم من النساء والأطفال، ضمن أحزمة نارية عنيفة استهدفت ساحة مستشفى “غزة الأوروبي” ومحيطه، ويقع المنزل على بُعد نحو 500 متر إلى الشمال الغربي من المستشفى.
وبين الأورومتوسطي أن طاقم من الدفاع المدني ذهب إلى الموقع، وبدأ بانتشال جثامين الشهداء والبحث عن ناجين تحت الأنقاض، حيث وثّق مقطع مصور أفرادًا من الدفاع المدني وهم ينادون بحثًا عن أحياء، لتُسمع خلال ذلك نداءات طفلة تطلب إنقاذها ويتحرك أحد المنقذين باتجاه مصدر الصوت، قبل أن تُعاود الطائرات الحربية الإسرائيلية قصف الموقع ذاته مستهدفة المنزل وفرق الإنقاذ، ما أسفر عن إصابة اثنين من أفراد الدفاع المدني ونجاة باقي الفريق، واضطرارهم للانسحاب دون التمكن من إنقاذ الطفلة التي كانت تستغيث.
وتابع المرصد الحقوقي مناشدات أطلقها سكان من المنطقة في اليوم التالي، طالبوا خلالها بإنقاذهم وإخراجهم من حيّ “الأفغاني”، في ظل مواصلة الطائرات الإسرائيلية استهداف كلّ من يقترب من المكان، سواء من المدنيين العُزل أو فرق الإنقاذ.
وأحصى فريق الأورومتوسطي الميداني في اليوم الأول انتشال جثامين 11 فردًا من عائلة واحدة، ضمن أكثر من 35 مدنيًا قُتلوا في القصف الإسرائيلي على المنطقة، بينما اضطرت فرق الإنقاذ إلى الانسحاب في وقتٍ كان لا يزال ما لا يقل عن 14 فردًا من العائلة، من بينهم 9 نساء وأطفال، تحت أنقاض المنزل الذي تعرّض للقصف مجددًا، وسط استمرار تعذّر الوصول إليهم أو تقديم أي إسعاف لهم.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي منعت بشكل متعمّد أي محاولة لعودة فرق الإنقاذ أو حتى اقتراب ذوي الضحايا من موقع القصف.
وشدّد على أنّ استهداف المنزل وفرق الإنقاذ أكثر من مرة لا يمكن تفسيره إلا باعتباره قرارًا متعمّدًا بإعدام من تبقّى على قيد الحياة تحت الأنقاض، وإفشال أي محاولة لإنقاذهم، في تجسيد صارخ لسياسة قتل جماعي منهجية ضد السكان المدنيين في القطاع، ونية واضحة لإبادتهم ودفنهم أحياء، لا فقط بالقصف، بل أيضًا بمنعهم من النجاة.
وأشار إلى أنّ القصف الإسرائيلي المتواصل حاصر من تبقّى من الناجين في منزل مجاور، مانعًا إيّاهم من مغادرة المنطقة، في ظلّ نفاد الغذاء والماء، وغياب تام لأي رعاية طبية للمصابين، ما يعني تركهم لمصير محتوم من الموت البطيء تحت الحصار والنيران.
وشدّد الأورومتوسطي على أنّ منع وصول فرق الإنقاذ والإغاثة إلى الجرحى والمصابين، وهو نمط تكرّر مئات المرات خلال الأشهر الـ19 الماضية، إلى جانب القتل المتعمّد للجرحى والمحاصرين، واستهداف المدنيين المصابين الذين لا يشكّلون أي تهديد، وتركهم ينزفون حتى الموت تحت الأنقاض، تُشكّل جرائم حرب، وكذلك جرائم ضد الإنسانية نظرًا لارتكابها في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي يستهدف السكان المدنيين في قطاع غزة، كما تشكل جزءًا من جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة منذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023.
وطالب المرصد الحقوقي المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لإدخال آليات خاصة وفرق متخصصة لرفع ركام المنازل والمباني التي قصفها الجيش الإسرائيلي وإنقاذ الأشخاص المحاصرين تحت أنقاضها وما يزالون على قيد الحياة، وانتشال آلاف الجثامين لآخرين ممن قضوا تحتها منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية.
وطالب الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، مذكّرًا الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي بالتزاماتهم القانونية بالتعاون الكامل مع المحكمة، وضمان تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحق المسؤولين الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة الدولية وضمان عدم استمرار افلاتهم من العقاب.
كما دعا المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف جميع أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
ودعا الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية لتسريع تحقيقاتها وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم الدولية المرتكبة في قطاع غزة، والاعتراف والتعامل مع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل باعتبارها جريمة إبادة جماعية
وطالب كذلك الدول التي تملك قوانين للولاية القضائية العالمية بإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين المتورطين في جريمة الإبادة الجماعية، والمباشرة في إجراءات محاكمتهم، ولو غيابيًا، التزامًا بمسؤولياتها القانونية الدولية في المعاقبة على الجرائم والانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب.