اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
لم أكن اتخيل يوما ان انجر إلى هذا المستنقع وان شئت فقل كمائن أو أماكن الموت، ما وصلنا إليه من قلة ذات اليد والفاقة اضطررت تحت ضغط نفسي كبير من جهة ومشاهد الاغراء التي تمر أمام ناظري ممن يرجعون من هناك وما أدراك ما هناك، هناك الذل والمهانة هناك تسقط كل معاني الإنسانية والأخلاق ويبدأ سيناريو البلطجة والشبيحة والزعرنة ويختلط الحابل بالنابل رجال ونساء شباب وأطفال والكل غايته الوصول قبل الآخر لمكان استلام المساعدات، تسير مسافة لا تقل عن ٦ كم ذهابا وممثلها الإياب.
وفي تلك المحطة التي تبدأ س ٢ صباحا لتلتقي بجموع غفيرة وكأنه يوم الحج الأكبر مع فارق التشبيه ومعظمهم يحمل أسلحة بيضاء من سكين او منشطر أو شبرية أو خنجر، منظر لا يمكن تصوره وما أن تصل مسجد معاوية تجد الكل منبطح أرضا يتحين الفرصة للوثوب على الفريسة وأي فريسة والله فتات وتبدأ عندها لعبة البابجي اطلاق نار من قناصة وكوادكابتر وقذائف من الدبابات ومن القطع البحرية ويتناثر الرصاص من فوق الرؤوس وحول الناس والكل يتأهب، وتستمر تلك الحالة من الساعة ٤ حتى الخامسة والنصف والناس في وضعية القرفصاء والانبطاح حتى يأذن لهم شلومو والأسوأ من ذلك كله سب الذات الإلهية بألفاظ لا يتخيلها ملحد مش مسلم.
بعدها ينطلق السيل البشري الى الغنائم كما يطلقون عليها هناك حيث يفترق الجميع عن الجميع، من يمتلك القوة يصل أولا من أسفلت الى طريق حصمة إلى طريق رملي إلى تلال فوديان صعودا وهبوطا، رحلة تنقطع فيها الانفاس وتبدأ فصل أكثر إثارة وهو الحصول على كرتونة المساعدات، ما إن تصل إلى مشارف المنطقة المتعارف عليها تتفاجأ بأن هناك أناس عائدون يحملون أكياس طحين معبأة بالمعلبات، متى كانوا وكيف وصلوا علما بأننا طلائع التحرير اقصد من اوائل من تقدموا الصفوف، كيف ذاك لا أعلم والمفاجأة الأكبر ان كمية الطعم (المساعدات) جد متواضعة ويبدأ عندها التزاحم والخناق ووالله تكاد تختلف ضلوعك من شدته والويل لمن يسقط أرضا فلا خلاص له، يعني ممكن ان يلفظ أنفاسه دون أن يكترث به أحد.
اما عن إطلاق النار فحدث ولا حرج فالشهداء يتساقطون تترا وكذا الجرحى من حولك ولا تستطيع أن تفعل لهم شيئا إذن هي لقمة مغمسة بالدم وكل هذا المشهد ليلتقطوا الصورة ويخرج لك مأفون يقول لك هذه أفضل آلية كي لا تصل المساعدات لحماس.
وآخر يقول ما تم توزيعه فاق المليون طرد غذائي وهذا كله عار عن الصحة بل كذب بواح، لنعود في نهاية المطاف بحفي حنين نجر أذيال الخيبة والندم على تلك المحاولة الأولى والأخيرة وقد كان الحصاد أكثر من ٤٠ شهيد و١٦٠ جريح وبضعة كوبونات لذر الرماد في العيون.
والله ثم والله ما يجري لا يقفز كونه مؤامرة كونية لسحق الإنسان الفلسطيني بطريقة صفيقة ووضيعة ووقحة وهل يقدم الشيطان لنا حلا سواء كان أمريكا او اسرائيل ومن لف لفيفهم.
أعلم أن المصاب يفوق كونه جلل والحاجة للئيم مغمسة بالذل ولا حول ولا قوة للناس بعد ما يزيد عن ٦٠٠ يوم من العدوان ولا أقول الحرب حتى لا تختلط المفاهيم.
لكن أقولها بقلب مثقل بالهم والكرب من هول ما رأيت وعايشت، أقسم عليكم لا تذهبوا هناك حيث هناك ما هناك ولتسقط المؤامرة كسابقاتها والله نسأل ان يحفظ أبناء شعبنا ويحسن أخلاقهم كما حسن خلقهم.