اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
بعد رحلة نزوحٍ قاسية خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، لم تجد أسرة النازح وائل محمد (50 عامًا) مكانًا تقيم فيه خلال نزوحها الأخير من مدينة غزة إلى مخيم النصيرات وسط القطاع.
وأثناء بحثها عن مأوى، وجدت الأسرة المكوّنة من ستة أفراد من الجنسين ومختلف الأعمار نفسها، بعد ساعاتٍ طويلة من القصف والنزوح القسري للمرة الثامنة، مجبرةً على اللجوء إلى قبو مسجدٍ دمّره الاحتلال الإسرائيلي ثلاث مرات خلال الإبادة الجماعية.
'مكان موحش ومليء بالركام والدمار'، هكذا وصف الأب المكان الذي لجأ إليه برفقة أحد جيرانه خلال نزوحه الأخير إلى المخيم الواقع جنوب وادي غزة، وذلك قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع في مدينة شرم الشيخ المصرية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول: 'لم يكن أمامنا خيار آخر، كان علينا القبول بهذا المكان! واسينا أنفسنا بأنها أيام قليلة ثم نبحث عن مكانٍ أفضل، لكن القيود الإسرائيلية على المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية ولوازم الشتاء أجبرتنا على التعايش مع هذا الواقع المرير.'
ويضيف في حديثه المفعم بالحسرة لـ 'فلسطين أون لاين': 'عامان من الإبادة الجماعية، لم يبقَ لأسرتي منزل ولا ملبس، والآن دخلنا فصل الشتاء، والأمطار ستزورنا بقسوة هذا العام.'
وخلال العامين الماضيين، لم تحصل الأسرة سوى على بعض المساعدات الغذائية من وكالة 'أونروا' وبرنامج الأغذية العالمي، لكنها لم تتلقَّ أي مستلزمات إيواء أو لوازم شتوية رغم مرور شهرٍ على سريان اتفاق وقف الحرب الإسرائيلية.
تُقاطع حديث والدها ابنته ملك (21 عامًا)، وهي طالبة جامعية، قائلةً: 'كان الشتاء جميلًا وزائرًا مرحبًا به، أما الآن فهو فصلٌ مخيف وزائرٌ ثقيل. لقد دمّر الاحتلال منازلنا ودمّر غزة كلها، وأصبحنا نازحين مشرّدين.'
ليست هذه الأسرة التي دُمّر منزلها شمال القطاع وحدها من تخشى الشتاء، فبحسب معطيات حكومية ومؤسسات إغاثية دولية، يعيش نحو مليوني نازح في خيامٍ مهترئة لا تقي برد الشتاء ولا حرّ الصيف.
وتفيد تلك المعطيات بأن 93% من الخيام والشوادر التي يعيش بداخلها النازحون قد تهرأت وأصبحت غير صالحة للسكن. وفي المقابل، تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن لوازم الإيواء الشتوية التي تكفي لمليون إنسان مكدّسة في مستودعاتها خارج غزة، وممنوعة من الدخول بقرار سياسي وعسكري إسرائيلي.
وهذا ما دفع الطالبة ملك، المتخصصة في اللغة الإنجليزية، إلى مناشدة المجتمع الدولي بلغته، مطالبةً بالضغط على سلطات الاحتلال للسماح بإدخال مستلزمات الإيواء والشتاء لأكثر من 2.3 مليون إنسان في غزة.
وكان من المفترض أن يفتح اتفاق وقف إطلاق النار الباب أمام تدفق المساعدات بكمياتٍ كبيرة إلى القطاع، الذي شهد مجاعة حقيقية في أغسطس/آب الماضي، وفقد معظم سكانه منازلهم جراء القصف الإسرائيلي.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن نصف الكمية المطلوبة فقط من المواد الغذائية تصل إلى القطاع، في حين قدّرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية أن حجم المساعدات الإجمالية لا يتجاوز بين الربع والثلث من الكمية المتوقعة.
وكررت الناجية من الإبادة الإسرائيلية مناشدتها للمؤسسات الأممية والإغاثية العاملة في غزة لتحمّل مسؤولياتها وإنقاذ حياة المدنيين من البرد والأمطار والأمراض، والعمل من أجل تأمين حياةٍ كريمةٍ لهم.
وحذّر مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا من أن 'مياه الأمطار ستتسبب بحدوث حالات غرق وتدفق كبير للمياه، واحتمال انتشار أمراض كثيرة بسبب وجود مئات الأطنان من النفايات بالقرب من التجمعات السكانية.'
من جهتها، قالت شاينا لو، المتحدثة باسم المجلس النرويجي للاجئين، الذي يقود مجموعة من المنظمات العاملة على توفير المأوى في غزة: 'الظروف المعيشية في غزة لا يمكن تصورها.'
وتشير تقديرات المجلس النرويجي للاجئين إلى أن 1.5 مليون شخص في غزة بحاجةٍ إلى مأوى، فيما لا تزال كميات كبيرة من الخيام والأقمشة المشمّعة والمساعدات ذات الصلة تنتظر الموافقات الإسرائيلية للسماح بدخولها إلى القطاع.

























































