اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة قدس الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٢ أب ٢٠٢٥
لندن - قدس الإخبارية: نشر موقع 'ميدل إيست آي' البريطاني مقالاً مطولاً للصحفي والكاتب أنتوني لويستين، مؤلف كتاب 'المختبر الفلسطيني'، تناول فيه كيف تنتعش صناعة السلاح لدى الاحتلال على وقع الإبادة الجماعية في قطاع غزة، في الوقت الذي يواصل فيه العالم شراء هذه الأسلحة وأدوات القمع التي جرى اختبارها على الفلسطينيين.
وأوضح لويستين أن دولاً تمتد من ألمانيا إلى دول الخليج تسهم بشكل مباشر في تعزيز اقتصاد الحرب لدى الاحتلال عبر شراء أسلحته ومنظوماته وأجهزة المراقبة التي تم فحصها وتجريبها ميدانياً على الفلسطينيين في غزة.
وأشار إلى أنه بينما تنفذ سلطات الاحتلال حملة تجويع وقتل جماعي ضد القطاع، كانت ألمانيا تتخذ أولويات مختلفة، إذ وافقت مؤخراً على شراء نظام دفاع صاروخي من أكبر شركات تصنيع السلاح الإسرائيلية 'إلبيت' بقيمة 260 مليون دولار، واصفاً ذلك بأنه 'مجرد عمل كالمعتاد' مع كيان تتهمه منظمات حقوق الإنسان الرائدة في إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
وبيّن أن الصناعات العسكرية وأجهزة المراقبة لدى الاحتلال تزدهر بفعل عنفها في غزة والضفة الغربية وخارجها، وأن هذا العنف يشكل نقطة بيع رئيسية لكيان الاحتلال الذي حوّل الحروب والاعتداءات إلى تجارة مربحة. ولفت إلى أن أحدث الأرقام المتاحة لعام 2024 تكشف عن مبيعات قياسية بلغت 14.8 مليار دولار، مع توقعات بأن تكون أرقام 2025 أعلى من ذلك بكثير نتيجة الطلب العالمي الهائل على الأسلحة والطائرات بدون طيار وأدوات المراقبة وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي نشرها الاحتلال في غزة.
وأشار إلى أن الإبادة الجماعية لا تمثل عائقاً أمام الاحتلال في الترويج لنفسه باعتباره 'كياناً مجرباً في المعارك'، وأن دولاً ديمقراطية واستبدادية على حد سواء تنصت وتتعلم وتشتري من خبرته القتالية ضد الفلسطينيين.
وأضاف أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل مايكروسوفت وأمازون وغوغل، غارقة حتى أعناقها في العمل مع جيش الاحتلال، في شراكات تعزز قدراته التكنولوجية والعسكرية.
وأوضح لويستين أنه قضى أكثر من عقد في التحقيق بملف صناعة السلاح لدى الاحتلال، ورأى أنه قد يكون من المبالغة القول إن الاحتلال وجرائمه موجودة حصراً لخدمة مبيعات الأسلحة، لكن لا شك أن الأموال المتدفقة من اقتصاد الحرب تعزز بشكل كبير أرباح الاحتلال.
واستشهد بتقرير المقررة الأممية الخاصة المعنية بالضفة الغربية وقطاع غزة، فرانشيسكا ألبانيز، المعنون 'من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية'، والذي سلّط الضوء على الشركات المستفيدة من ممارسات الاحتلال وسمّاها بالاسم، مشيراً إلى أن التقرير أحال في أكثر من موضع إلى كتابه 'المختبر الفلسطيني' لشرح المنطق الجيوسياسي الكامن خلف هذه السياسة.
وفي معرض حديثه عن أبرز المشترين، أوضح لويستين أن الهند أصبحت إحدى أهم الأسواق للأسلحة الإسرائيلية، إذ تناولت صحيفة 'هآرتس' العبرية في عنوان رئيسي قبل فترة علاقة الشراكة القوية بين شركات السلاح في الجانبين، مشيرة إلى أن هذه الشركات الإسرائيلية أصبحت تبني مصانعها في الهند.
ونقلت الصحيفة عن مصدر إسرائيلي قوله إن 'صناعة الدفاع الإسرائيلية، إن لم تكن فرعاً لصناعة الدفاع الهندية، فهي على الأقل أصبحت شريكاً كاملاً لها'.
وأشار إلى أن الطائرات المسيرة المصنعة في الهند استُخدمت في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما أن حكومة ناريندرا مودي في نيودلهي نشرت طائرات مسيرة إسرائيلية في حربها القصيرة مع باكستان في أبريل/نيسان. وأكد أن العلاقة بين مودي ونتنياهو قائمة على المال والأيديولوجيا، حيث يتبنى الطرفان القومية العرقية ويضطهدان المسلمين، واصفاً ذلك بأنه 'زواج مصلحة وعنصرية' بين الأصولية الهندوسية والتفوق الصهيوني.
كما أوضح أن أوروبا كانت أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية عام 2024، حيث استحوذت على 54% من إجمالي الصادرات، لافتاً إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 دفع العديد من الدول الأوروبية إلى شراء الأسلحة وأنظمة الدفاع الصاروخي من الاحتلال، وهو ما يفسر تردد الاتحاد الأوروبي في قطع علاقاته مع تل أبيب رغم مرور ما يقارب عامين على حرب الإبادة في غزة.
وأضاف أن صناعة السلاح الإسرائيلية تعتبر الضمانة الأساسية لوجود 'دولة يهودية متطرفة'، وأنها تدرك حجم اعتماد الآخرين عليها، مذكّراً بتاريخها المظلم في الشراكة مع أنظمة قمعية منذ الحرب العالمية الثانية، بما فيها أنظمة معادية للسامية علناً.
وقدّر الكاتب أن الاحتلال باع أسلحة أو معدات مراقبة لما لا يقل عن 140 دولة خلال العقود القليلة الماضية، مشيراً إلى أن العديد من الدول الغربية تتبنى النماذج العسكرية الإسرائيلية، في حين تواصل دول عربية مثل البحرين والمغرب والإمارات والسعودية التعامل معه.
وختم لويستين بالقول إن الطريقة الوحيدة لوقف مبيعات الأسلحة الإسرائيلية للخارج هي التوقف عن شرائها، إضافة إلى وقف بيع السلاح للاحتلال كما دعت مجموعة لاهاي حديثاً، مؤكداً أن صناعة الدفاع 'فاسدة وقذرة' بطبيعتها، وأن رفض العسكرة وآلات القتل هو الحد الأدنى الذي يمكن أن تفعله أي دولة تدّعي التحضر.