اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٩ حزيران ٢٠٢٥
تسعى 'إسرائيل' برقابتها العسكرية وحتى الذاتية الأمنية للصحافيين الإسرائيليين إلى منع انتشار المعلومات والصور التي من الممكن أن تسهل قصف مواقعها الأمنية والعسكرية والحيوية.
وذكرت مصادر عبرية، أنَّ شرطة الاحتلال شنَّت حملة اعتقالات واسعة في صفوف المستوطنين الذين يلتقطون صور المنشآت المدمّرة بالصواريخ الإيرانية، بالإضافة إلى أي محاولة لالتقاط صورًا للصواريخ الإيرانية في سماء الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن جهته، قال رامي أبو زبيدة الباحث في الشأن العسكري والأمني، 'في كل حرب تخوضها 'إسرائيل'، تُستدعى الرقابة العسكرية إلى الواجهة كأداة مركزية لضبط المشهد الإعلامي والأمني'.
وأوضح زبيدة، أنَّ هذه الرقابة ليست مجرد توصية مهنية أو تدبير احترازي، بل هي جهاز مؤسسي رسمي تابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وله صلاحيات قانونية صارمة ومباشرة، تمكّنه من حجب المعلومات أو منع النشر بشكل فوري وملزم لكل وسيلة إعلامية داخل الكيان، وأحيانًا خارج حدوده.
وأشار إلى أنَّ الرقابة العسكرية تتحكم في كل ما يُنشر عن العمليات العسكرية الجارية أو المتوقعة، خسائر الجيش الإسرائيلي (قتلى وجرحى)، ومواقع الضربات الصاروخية التي تصيب الداخل الإسرائيلي، وأسماء وأماكن إقامة الشخصيات الأمنية والعسكرية، أو أي تفاصيل تتعلق بمنظومات الدفاع الجوي، أو تحركات القوات، أو مواقع حساسة كالمفاعل النووي في ديمونا، أو القيادة الجوية في تل نوف.
وفيما يتعلق بأهداف الرقابة في زمن الحرب، ذكر الباحث أنَّ الاحتلال يزعم بهذه الرقابة محاولته لحماية ما يسمّى بالأمن القومي الذي يتعلق بمنع تسرب معلومات قد تفيد 'العدو' (أيًا كان)، كتحديد أماكن الإصابة أو مدى فاعلية الدفاعات، ومنع التهويل أو بث الذعر لحماية الجبهة الداخلية من الانهيار النفسي، خاصة في حالات سقوط صواريخ أو شن هجمات نوعية.
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول إدارة الرواية الرسمية من خلال توجيه وسائل الإعلام لنشر رواية واحدة، متماسكة، ومتماهية مع أهداف الدولة في الحرب.
واستدلَّ زبيدة على الرقابة العسكرية الإسرائيلية في العدوان الأخير على غزة، موضحًا أنَّ وسائل الإعلام الإسرائيلية امتنعت عن نشر أسماء الجنود المصابين أو تفاصيل إصاباتهم إلا بعد تصريح رسمي من الرقابة.
وأضاف 'خلال الهجوم الإيراني الأخير بالصواريخ على العمق الإسرائيلي، لم تسمح الرقابة بنشر مواقع الإصابات الدقيقة في تل أبيب أو نوعية الأضرار إلا بعد ساعات، وبعضها بقي محجوبًا تمامًا، حتى الصحف العالمية التي لها مكاتب داخل الكيان تخضع لهذا الإجراء، حيث يُطلب منها تمرير المواد الأمنية إلى مكتب الرقابة العسكري قبل النشر'.
ونوَّه إلى أنَّ تأثير الرقابة يتجلَّى في أن الإسرائيلي، رغم أنه يعيش في منطقة صراع حاد، لا يتلقى معلومات حيّة ودقيقة عن الخسائر أو حجم الفشل الأمني والعسكري، إلا بعد معالجتها أو تمريرها ضمن صيغة دعائية تُرضي المؤسسة الأمنية.
وشدد على أن الرقابة العسكرية الإسرائيلية ليست مجرد وسيلة لضبط المعلومات، بل هي جزء من آلية إدارة الحرب النفسية التي تستخدمها 'إسرائيل' داخليًا لحماية صورتها، وخارجيًا لفرض روايتها. لكن في عصر المعلومات والانكشاف الإعلامي، لم تعد هذه الرقابة قادرة دائمًا على إخفاء الحقائق، وهو ما يُحدث صدوعًا متزايدة في جبهة 'الثقة' بين القيادة والجمهور.