اخبار فلسطين
موقع كل يوم -سما الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
تحت عنوان “الاعتراف بدولة فلسطين.. الوعد المعلّق لإيمانويل ماكرون”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إنه في مواجهة عداء إسرائيل، ومعارضة الولايات المتحدة، وتردّد شركائه، يجد الرئيس الفرنسي صعوبة في تنفيذ التزاماته.
صحيح أن المؤتمر الذي كان من المقرر أن يترأسه ماكرون في نيويورك في 18 يونيو، إلى جانب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بهدف إطلاق “ديناميكية” للاعتراف بفلسطين، قد أُلغي بسبب الضربة الإسرائيلية على إيران. لكن ماكرون وعد بإعادة برمجة المؤتمر “في أقرب وقت ممكن”.
بعد شهر، تضيف “لوموند”، يبدو أن الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين ما يزال معلّقًا.. ومن المتوقع عقد مؤتمر لتعزيز السلام ودفع حل الدولتين في نيويورك بين 28 و29 يوليو، بحضور ممثلين عن دول أعضاء في الأمم المتحدة. لكن لن يكون إيمانويل ماكرون ولا ولي العهد السعودي من بين الحاضرين. فالمؤتمر سيكون على مستوى وزراء الخارجية، وفقًا لمعلومات الصحيفة الفرنسية.
وتابعت “لوموند” القول إن فرنسا لن تُعلن خلال هذا اللقاء اعترافها بدولة فلسطين، بل ستعمل فقط على “توضيح نوايا الرئيس”، بحسب ما أكدت مصادر دبلوماسية في وزارة الخارجية الفرنسية للصحيفة.
وقبل ذلك، ستوجه باريس رسالة إلى محمود عباس، ردًا على الرسالة التي أرسلها أوائل يونيو/حزيران إلى ماكرون وبن سلمان، والتي دان فيها هجوم “حماس” في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 ضد إسرائيل، واصفًا إياه بـ”غير المقبول”. كما التزم الرئيس الفلسطيني، البالغ من العمر 89 عامًا، بتجديد هيكلية الحكم في السلطة الفلسطينية، ووعد بإجراء انتخابات. وستعبّر له فرنسا عن تقديرها، لكنها ستحثه على تنفيذ وعوده، تقول “لوموند”.
ويُنظر إلى هذه “القمة المصغّرة” التي تُعد لها باريس، على أنها خطوة تمهيدية لاحتمال عقد مؤتمر على مستوى رؤساء الدول في سبتمبر/أيلول، تواصل “لوموند”.
وتنقل الصحيفة عن ريم ممتاز، رئيسة تحرير مدونة “Strategic Europe”، التابعة لمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فإن هذه المبادرة هي “طريقة لإبقاء المبادرة الفرنسية حيّة”، في وقت “تبدو فيه الظروف الحالية معقدة”، بحسب تعبيرها. ففرنسا تجد صعوبة في التقدّم وسط عداء إسرائيل، ومعارضة الولايات المتحدة، وغياب الحماس من شركائها الأوروبيين.
في نظر الدبلوماسيين الإسرائيليين، فإن الاعتراف بدولة فلسطين سيكون بمثابة مكافأة لحركة “حماس”، بعد هجوم 7 أكتوبر الذي أشعل الحرب في غزة. ويعارض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الاعتراف بشدّة، توضح “لوموند”.
أمل بانفراج سياسي
وتحت هذا العنوان الفرعي، تابعت “لوموند” قائلة إن الرئيس الفرنسي يواجه العديد من العراقيل، منذ إعلانه، في 7 أبريل/نيسان، بعد زيارة إلى مستشفى العريش على الحدود المصرية مع غزة، بأن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين.
قال ماكرون آنذاك إن الاعتراف هو “واجب أخلاقي”، لكنه يريد أن يكون هذا القرار “مفيدًا”، حسب تعبيره، من خلال المساهمة في إحلال السلام في الشرق الأوسط. وتخيّل ماكرون أن قراره التاريخي سيقابل بإشارات إيجابية من السعودية ودول عربية وإسلامية أخرى نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن هذا الأمل اصطدم بجدار الواقع- تقول “لوموند”- فـ “السعودية تشجع فرنسا على الاعتراف بفلسطين، لكنها لن تعترف بإسرائيل إلا إذا اعترفت إسرائيل بدولة فلسطينية”، بحسب ما تنقل الصحيفة عن المحلل المقيم في لندن علي شهابي، المقرّب من دوائر السلطة في الرياض.
منذ ذلك الحين- تتابع “لوموند”- تخلى ماكرون عن فرض مثل هذه الشروط، لكنه ما يزال يرغب في أن تدعو السعودية إلى نزع سلاح حركة “حماس”، باعتبار ذلك خطوة أولى نحو وضع هيكل أمني للدولة الفلسطينية المستقبلية.
وعلّق دبلوماسي فرنسي قائلًا: “الحد الأدنى الذي يُطلب من أي دولة هو احتكار العنف المشروع. هذا هو تعريف ماكس فيبر للدولة”. ويضيف شهابي: “بن سلمان قد يطلق نداءً لنزع سلاح حماس، لكن ذلك لن يحدث طالما أن الجنود الإسرائيليين مستمرون في إطلاق النار على سكان غزة”.
تزايدت الشائعات في الأيام الأخيرة عن احتمال وقف لإطلاق النار، ما أعطى أملًا بانفراج سياسي. حتى أن فريق إيمانويل ماكرون فكّر في دعوة محمد بن سلمان إلى باريس في 15 يوليو/تموز الجاري، أي بعد يوم من العرض العسكري التقليدي للعيد الوطني، والذي كان من المقرر أن يكون الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو ضيف شرفه. وكان من شأن خطاب من ولي العهد السعودي وزعيم أكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان أن يكون له أثر كبير، تقول “لوموند”.
لكن لم يتم إعلان أي وقف لإطلاق النار، لا من البيت الأبيض، ولا بعد استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يومي الإثنين والثلاثاء 7 و8 من الشهر الجاري. ولم يرَ بن سلمان أن الوقت مناسب للظهور في باريس. وفي 10 من الشهر الجاري، تخلّت وزارتا الخارجية الفرنسية والإليزيه عن فكرة عقد هذا اللقاء، تقول “لوموند”.
ومضت الصحيفة الفرنسية قائلةً إن ماكرون يواصل المعركة، لكن بشكل منفرد، بعد أن كان يسعى لإقناع دول أخرى بالانضمام إليه. فمن لندن، حيث كان في زيارة رسمية في 9 يوليو/تموز الجاري، حاول حشد تأييد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. وقال ماكرون: “أنا مؤمن بضرورة توحيد أصواتنا في باريس، ولندن، وفي كل مكان آخر، للاعتراف بدولة فلسطين وإطلاق هذه الديناميكية السياسية، التي تمثل الأمل الوحيد لتحقيق السلام”، مذكّرًا بمعاناة الرهائن الإسرائيليين ومواطني غزة الذين أصبحوا ضحايا: “تجريد من الإنسانية لا يمكن تبريره بأي شكل”، على حد تعبيره.
لكن دعوته لم تلقَ استجابة.. فقد “أصبحت إستراتيجية فرنسا غير مفهومة. لا يمكن الحديث عن واجب أخلاقي وتبرير هذا التردّد”، يقول كزافييه غينيار، الباحث في مركز الأبحاث السياسية “نوريا”.