لايف ستايل
موقع كل يوم -ال عربية
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
بينما ينشغل عالم الموضة اليوم بإيقاعه المتسارع، وتتصدر المجموعات الجاهزة عناوين الصيحات، تعود الأزياء الراقية لتطرح سؤالاً جوهرياً: هل ما زال الكوتور قادراً على مواكبة الحاضر؟
في عروض خريف 2025 التي اختُتمت مؤخراً في باريس، لم تكن الأجوبة سهلة أو مباشرة. بعض المصممين اختاروا استدعاء الماضي بأسلوب بصري مدهش، فيما غاص آخرون في هموم الحاضر وأحلام المستقبل. لكن ما كان واضحاً أن الكوتور، رغم كونها فنّاً نخبوياً وهامشياً في عصر الموضة السريع، لا تزال تحتفظ بقدرتها على التأثير، لا بل وإعادة تشكيل مفهوم الحداثة بحد ذاته.
الماضي في خدمة الحاضر
من Armani Privé إلى Maison Margiela، مروراً بـBalenciaga وChristian Dior، حملت عروض الخريف إشارات واضحة إلى مفاهيم الأنوثة، الجسد، والهوية. في Dior، قدّمت ماريا غراتسيا كيوري مجموعتها الأخيرة للدار في مايو الماضي بإطلالات تعكس التوازن بين الرقة والقوّة، بخطوط مستقيمة تهمس بالحداثة. أما في عروض أخرى، فقد تمازجت الرومانسية المفرطة مع عناصر رعب وكأنّ العارضات خرجن من فيلم سينمائي متطرّف.
الأزياء كوسيلة لـ'بناء الجسد'
تصاميم مثل تلك التي قدّمتها Viktor & Rolf استكشفت هذه الفكرة حرفياً، حيث عرض الثنائي كل فستان بنسختين: واحدة 'طبيعية' وأخرى 'منفوخة' بحشوات، في استعارة ذكية لفكرة 'الفيلر' الجلدي في الطب التجميلي. أما Balenciaga، فقد مزج بين شخصيات الطبقة البورجوازية ومظهر لاعبي كمال الأجسام، ليكشف التوتر بين التوقعات الاجتماعية وصورة الجسد المعاصر.
بالنسياغا Balenciaga
ما هو الحديث فعلاً؟
في عالم يميل إلى إعادة التدوير والتساؤل عن القيم، كانت لحظة Glenn Martens في Maison Margiela هي الأبرز. من خلال استعادة مواد قديمة وصياغة أزياء تحاكي فن 'الطبيعة الصامتة'، قدّم مارتنز عرضاً يستعرض الجمال في التآكل، ويربط الماضي بالحاضر من خلال سرد بصري ينقب في أوروبا العصور الوسطى والروح القوطية. في المقابل، قدّمت Iris van Herpen نموذجاً أكثر تطلعاً إلى المستقبل من خلال فستان مصنوع من الطحالب الحية يتوهّج بالضوء الحيوي، في تجربة علمية/فنية تعيد تعريف ما يمكن أن تكون عليه الأزياء.
بين الخيال والواقع
لم تكتفِ عروض الهوت كوتور لخريف 2025 بتقديم أزياء جميلة، بل عكست صراعات وتناقضات العصر. بعض المصممين لجأوا إلى الماضي ليستلهموا تصاميمهم، وآخرون استخدموا التكنولوجيا أو المواد الحية لابتكار رؤى مستقبلية.
الجسد الأنثوي ظهر بأشكال مبالغ فيها أحياناً، وكأن المصممين يعلّقون على هوس التجميل وتعديل الجسم. في المقابل، ظهرت تصاميم مستوحاة من الطبيعة أو من فنون قديمة مثل لوحات كليمت أو العمارة القوطية. حتى عناوين المجموعات كشفت عن المزاج العام: من 'بناء الجسد' إلى 'الشفافية' و'الرومانسية الحالمة'، مما يثبت أن الكوتور اليوم لا يكتفي بتقديم أزياء فاخرة، بل يعبّر عن أفكار معقدة بطريقة فنية.