اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١ تموز ٢٠٢٥
لقد تفنّن وأبدع الجيش الإسرائيلي في أساليب مستحدثة لم تسبقها إليها أي قدرات عسكرية من قبل. وبفضل دقتها وبراعة إنجازها، وللحضور 'العظيم' لهذا المنتج الفظيع المسمّى الذكاء الصناعي، فإنها تستحق أن تُدرّس في مساقات التعليم والتدريب بالكليات العسكرية العالمية، بل وتُسجَّل كبراءات اختراع لجيش يتمتّع بقدرات عسكرية 'بديعة' لم يسبقه إليها أحد.
فعلى سبيل المثال: هل سمعتم عن كيفية تكامل دور الاستخبارات مع برمجيات وخوارزميات الذكاء الصناعي، وقدرات الطيران المسيّر، ثم دمج كل ذلك في إدارة المعركة بكل وسائلها الحديثة لرصد هدف عظيم؟ إنه كيس الطحين الأبيض الدقيق، المحمّل على كاهل رجل أنهكته قدرات الحرب، وهيّأته ليكون هدفًا 'سمينًا' لجيشٍ مزوّد بكل أدوات الحرب المعاصرة.
لقد تضافرت مع هذا الجيش جهود أمنية وعسكرية من دول كبرى، أقلّها: أمريكا، بريطانيا، وألمانيا، التي سخّرت أقمارها الصناعية القادرة على رصد النملة في جحرها، لالتقاط هذا الهدف العظيم: كيس طحين يسير على ظهر رجل جائع، خائر القوى، يحمل همّ أطفاله الجياع الذين ينتظرونه بأمعائهم الخاوية.
أخيرًا، وبفضل قرون الاستشعار الدقيقة المنتشرة في سماء غزة، قرّر الذكاء الصناعي أن كيس الطحين هذا يُشكّل خطرًا استراتيجيًا. فقد أظهرت تحليلاته المستقبلية أن سدّ جوع الأطفال اليوم قد يُنتج غدًا مَن يهدّد أمن إسرائيل، وأن احتمالية انتسابهم إلى 'عصابات انتقامية' مرتفعة. وهكذا، تقرّر أن الحلّ هو القضاء على كيس الطحين، لأنه وإن بدا طحينًا، إلا أن باطنه – حسب منطق الذكاء الصناعي – يحمل بذور عبوة إرهابية في المستقبل.
أصدر البرنامج قرارًا فوريًا لم يستغرق سوى أجزاء من الثانية: أطلق الصاروخ، جفّف 'ينابيع الإرهاب'، اقتل من تحت الكيس، فهو شريك في 'الجريمة'. استخرج صورة حامل الكيس، أدرج أسماء أطفاله في قواعد البيانات، جهّز لهم الصواريخ المناسبة لأجسادهم الغضّة، لا تُمهلهم ليكبروا ويفكروا بالانتقام.
كيس الطحين كان هدفًا استراتيجيًا لجيش لا تغيب عنه شاردة ولا واردة. وهذا مجرد نموذج من آلاف النماذج التي نفّذها هذا الجيش باحترافية 'رفيعة' وذكاء صناعي وبشري منقطع النظير.
في مثال آخر، تمكّنت القوات الجوية بالأمس من اكتشاف 'منتجع سياحي' خُزّنت فيه أجساد بشرية نازحة. قرأه الذكاء الصناعي على أنه مستودع صواريخ باليستية، لأنه رأى شيئًا شبيهًا به في إيران أيام حرب الاثني عشر يومًا. الفارق الوحيد أن تلك صواريخ من حديد، وهذه من لحم بشري. ومع ذلك، التحليل الذكي قال: من صنع تلك الصواريخ كائنات من لحم بشري كالتي هنا، وبالتالي فهذه قابلة لأن تتحوّل إلى صانعة صواريخ. الحل: أطلق صاروخًا ثقيلًا، اقصف المنتجع، قطّع أجساد النيام، فدرهم وقاية اليوم خير من قنطار علاج بعد عشر سنوات!
نعم، قلنا إن الأمثلة كثيرة على 'إبداعات' هذا الجيش الذي يصفه الإعلام بأنه 'الأكثر أخلاقية في العالم'. بل قالها وزير الشؤون الاستراتيجية حين سقط صاروخ إيراني قرب مستشفى 'سوروكا' في بئر السبع وتضرّر قليلاً: 'هل هناك من هو أقذر ممن يستهدف المستشفيات؟'
نعم، أنتم. أنتم الذين دمّرتم جميع مستشفيات غزة. بهذه السرعة نسيتم؟ أم أن ما تفعلونه يجب أن يُدرّس في الكليات العسكرية العالمية، بينما إن فعل عدوكم جزءًا من مليون مما فعلتم، يصبح هو 'الأقذر' على الإطلاق؟
لا يمكن أن تُغطى شمس الحقيقة بغربال.