اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
كشف نقيب الصيادين في قطاع غزة نزار عياش عن حجم الدمار الهائل الذي لحق بقطاع الصيد البحري خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، موضحًا أن الخسائر المالية تجاوزت 75 مليون دولار نتيجة التدمير الشامل للبنية التحتية البحرية والموانئ، ما أدى إلى شلّ واحدٍ من أهم القطاعات الإنتاجية في غزة، وحرمان آلاف العائلات من مصدر رزقها الوحيد.
وأوضح عياش لصحيفة 'فلسطين' أن الحرب، التي استمرت لما يزيد على عامين متواصلين، تسببت في تدمير كامل لميناءي شمال القطاع وغزة الرئيس، إضافة إلى تضرر نحو 70% من ميناءي المنطقة الوسطى والجنوب، وهو ما جعل من المستحيل على الصيادين العودة إلى البحر أو استئناف نشاطهم المعتاد.
وأشار إلى أن المراكب والمعدات والمخازن تعرضت لدمار شبه كامل، فضلًا عن فقدان أدوات الصيد ووسائل الاتصال والملاحة، ما فاق قدرات الصيادين المحدودة على التعويض أو الإصلاح.
وأضاف نزار عياش أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يفرض قيودًا صارمة على حركة الصيد داخل المياه الإقليمية للقطاع، حيث يمنع الصيادين من الوصول إلى المساحات البحرية الواسعة، موضحًا أن العمل في البحر يقتصر حاليًا على من يمتلكون قوارب صغيرة أو “حسكات” يمكنها الإبحار في نطاق ساحلي محدود، مما يقلص الإنتاج اليومي ويضاعف معاناة الصيادين.
وطالب نقيب الصيادين المجتمع الدولي والمؤسسات الإغاثية والجهات المانحة بالتحرك العاجل لإعادة إعمار موانئ الصيد وتعويض الصيادين عن خسائرهم، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يشغّل آلاف الأسر ويُعدّ من ركائز الأمن الغذائي في غزة. وأضاف أن استمرار تعطّل الموانئ يهدد الأمن المعيشي لآلاف العائلات، ويرفع معدلات الفقر والبطالة في القطاع الساحلي الذي يعاني أصلًا من حصار طويل الأمد.
منذ أكثر من عامٍ ونصف، يعيش الصياد سعدي أبو عبده حالة من الانقطاع التام عن البحر بعد أن دمّرت الحرب الإسرائيلية مصدر رزقه الوحيد، وأجبرته على النزوح المتكرر وترك مهنته التي ورثها عن والده وجده جيلاً بعد جيل.
يقول أبو عبده، الذي كان يملك قارب “لانش” في ميناء غزة، إنه لم يعد قادرًا على ممارسة مهنته بسبب تدمير الميناء وفقدان أدوات الصيد، ما اضطره إلى العمل في بيع المعلّبات والخضروات في الأسواق الشعبية لتأمين قوت أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
ويضيف بحسرة: 'كنت أعيش من البحر، نصيد الأسماك بأنواعها، واليوم لم يبقَ لنا سوى انتظار الفرج... البحر كان حياتنا ومصدر رزقنا الوحيد.'
ودعا أبو عبده المؤسسات المانحة والجهات الداعمة إلى مساعدة الصيادين في ترميم أدوات الصيد التالفة واستبدال ما دُمّر منها، إضافة إلى إعادة إنشاء غرف الصيادين وتزويدهم بالمعدات اللازمة لاستئناف عملهم. كما طالب بعدم الاكتفاء بالمساعدات المالية المؤقتة، مؤكدًا أن ما يحتاجه الصيادون حقًا هو العودة إلى البحر والعمل بكرامة.
من جهته، تحدث الصياد محمد بكر عن المعاناة المتواصلة التي يعيشها الصيادون الفلسطينيون في عرض بحر غزة نتيجة الملاحقات الإسرائيلية اليومية، مؤكدًا أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف الصيادين بالرصاص واعتقالهم وإغراق قواربهم قبل الحرب وأثناءها وحتى بعدها.
وأوضح بكر أن الاعتداءات المتكررة أدت إلى استشهاد عدد من الصيادين واعتقال آخرين تم اقتيادهم إلى مراكز التحقيق داخل الأراضي المحتلة، فيما صودرت قواربهم ومعداتهم، مما فاقم من حجم المعاناة المعيشية لعائلاتهم.
وأضاف أن الصيادين واجهوا خلال فترات الحصار ظروفًا قاسية، حيث منع الاحتلال إدخال المستلزمات البحرية الضرورية، وعلى رأسها مواد صيانة القوارب مثل 'الفيبرجلاس' وغيرها من الأدوات الأساسية لاستمرار عملهم.
ودعا بكر في ختام حديثه إلى أن يشمل أي اتفاق لوقف إطلاق النار رفع الحصار البحري بشكل كامل، والسماح للصيادين بالإبحار حتى مسافة 20 ميلًا بحريًا، بما يضمن لهم حرية العمل والوصول إلى مناطق الصيد الغنية بالأسماك، مؤكدًا أن الصيادين لا يطلبون سوى العيش بكرامة فوق بحرهم الذي تحوّل إلى سجنٍ كبير.