اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٥
في شمال قطاع غزة، وعلى حدود المستوطنات الإسرائيلية، تقف بلدة بيت حانون كرمز للصمود الفلسطيني أمام آلة الحرب الإسرائيلية، بعدما تعرضت لأبشع أنواع التدمير والتهجير منذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ففي الوقت الذي أعلن فيه جيش الاحتلال عن السيطرة الكاملة عليها وهدم بنيتها التحتية قبل أكثر من عام، فاجأت بيت حانون الجميع بتحولها إلى شوكة في حلق الاحتلال، بقدرتها على استنزاف الجنود وإرباك الخطط العسكرية الإسرائيلية.
ومساء السبت، أعلن جيش الاحتلال مقتل 4 عسكريين، أحدهم ضابط احتياط يخدم في كتيبة (79) التابعة للواء المدرع 'همحتس'، فيما ينتمي القتلى الآخرون إلى لواء النخبة 'ناحال'، وإصابة 6 آخرين، بينهم اثنان بجروح خطيرة، جراء تفجير عبوة شديدة الانفجار في بيت حانون، وفقًا لصحيفة 'معاريف'.
أمام هذا الواقع، أعلن جيش الاحتلال أمس، عن تغيير أساليبه مجددًا، شمل تعديل مسارات النقل اللوجستي وحركة القوات، في محاولة لتقليل الخسائر وتجنب الكمائن.
هذه الخطوة جاءت بعد إخفاقات متكررة في مناطق اعتُبرت 'آمنة'، والتي اجتاحها الجيش عدة مرات سابقًا دون أن يتمكن من فرض سيطرته عليها بشكل كامل.
تقع بيت حانون في الجزء الشمالي الشرقي من قطاع غزة، وتعد البوابة الشمالية للقطاع، بسبب وجود معبر بيت حانون 'إيرز' فيها، وهو أحد أهم 7 معابر لغزة مع الأراضي المحتلة عام 1948، والذي كان مخصصًا بصورة أساسية لتنقل الأشخاص قبل أن يُقتحم في عملية 'طوفان الأقصى' ويتم تدميره بشكل كامل وأسر جنوده.
وتبلغ مساحة البلدة شبه المستوية قرابة الـ20 ألف دونم، لكنها كانت من المناطق المكتظة بالسكان في القطاع، بسبب تجاور الأبنية في مساحة تصل إلى 5 آلاف دونم، كان يعيش فيها حتى قبل العدوان قرابة الـ50 ألف نسمة.
وبحسب معظم المصادر التاريخية، يعود أصل تسمية المدينة بهذا الاسم إلى الملك حانون الآشوري، وقد جرت بينه وبين الملك اليافي حروب طويلة حتى أهلكا بعضهما، فعملوا له تمثالاً ووضعوه في بيت العبادة، فاشتهرت البلدة منذ ذلك الوقت باسم بيت حانون. كما يوجد في المدينة مسجد النصر الذي يرجع تاريخه إلى عام 637 للهجرة، وكذلك قبة أم النصر التي انتصر فيها المسلمون على الفرنجة.
وتعتبر البلدة من أكثر المناطق حساسية لدى الاحتلال، بسبب موقعها المجاور لمستوطنات 'إيريز' و'نتيف هسعراه' (العين العاشرة) و'سديروت'، و'نير عام' و'كفار عزة'. وكانت من أهم نقاط الانطلاق في 'طوفان الأقصى'، خاصة مع اكتشاف النفق الكبير الذي اقتحم معبر 'إيريز' بسببه في العملية، وكان يمتد إلى جباليا.
الحامية الشمالية
وكتب الباحث الفلسطيني، سعيد زياد، عبر حسابه على منصة 'إكس': 'افتتحت بيت حانون المعركة الدفاعية بمعارك باسلة، وكانت بحق الحامية الشمالية لقطاع غزة. رغم مرور خمسة عشر شهراً على اجتياحها، أثبتت أنها قادرة على تكبيد الاحتلال خسائر فادحة'.
وقال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة، عبر حسابه: 'منذ أمس و(إسرائيل) تبكي عشرة من جنودها تمت تصفيتهم في غضون أسبوع واحد في بلدة بيت حانون، البلدة الصغيرة التي ما زالت تحارب نيابة عن جيوش الأمة العربية والإسلامية رغم الحصار والتدمير. النصر حليف أبطال بيت حانون'.
وفي تغريدة عبر حسابه، وصف الصحفي التونسي حسام الهمادي المشهد بالمعجزة قائلاً: 'تخيلوا أن بيت حانون، التي تبعد ثلاثة كيلومترات فقط عن أقرب مستوطنة إسرائيلية ومحاصرة بالكامل، أصبحت مقبرة لجنود الاحتلال. هو الله ولا غيره'.
بينما علّق الصحفي أنس الشريف قائلاً: 'رغم الإبادة والدمار، تظل بيت حانون عنواناً للصمود والتحدي. أرضٌ تُبيد المحتل بإرادة الله وأهلها'.
أما الناشط السعودي ناصر بن عوض القرني فقال: 'حتى نفهم ما يفعله رجال بيت حانون، يجب أن نعلم أنهم صامدون منذ 462 يوماً من الحصار والإبادة. رغم ذلك، لا يزالون يسطرون المجد'.
الصحفي يونس أبو جراد كتب: 'بيت حانون، المدينة التي لا تهادن ولا تستسلم، رجالها من طينتها العنيدة. تلك النقطة الصغيرة في أقصى شمال القطاع لا تزال تسطر بطولات تفوق الوصف. عمليات نوعية تُجهز على الضباط والجنود، ليعود رجالها سالمين. بيت حانون باقية والاحتلال إلى زوال'.
وتساءل صاحب حساب 'معتصم' في تغريدته: 'بيت حانون، التي تم تسويتها بالأرض تماماً، كيف تقتل عشرة جنود في الأيام الأخيرة وتُصيب أضعافهم؟ هناك سرّ كبير بينها وبين الله'.
وكتب الدكتور يحيى غنيم: 'ما حدث في بيت حانون يفوق الأساطير. بعد خمسة عشر شهراً من اجتياحها وهدم كل منازلها، شهدنا مجزرة أودت بحياة أربعة جنود وجرح قائد اللواء برتبة عميد وآخرين.. اللهم انتقاماً يعادل ما سُفك من دماء الأطفال والنساء الأبرياء'.