اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
تواجه مؤسسة يقودها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير' عاصفة من الانتقادات والاتهامات بالمشاركة في مناقشات تتعلق بخطة مثيرة للجدل لإعادة إعمار غزة، تُتهم بأنها تهدف إلى تنفيذ تطهير عرقي بحق الفلسطينيين، من خلال اقتراحات تنطوي على تهجير جماعي وتحويل القطاع المحاصر إلى مشروع استثماري ضخم يخدم مصالح شركات عالمية ومستثمرين إسرائيليين.
وذكر موقع ميدل إيست آي البريطاني أن الاتهامات الموجهة إلى معهد بلير تأتي بعد أن كشفت صحيفة فاينانشال تايمز عن وثائق تفصيلية، من بينها عرض تقديمي بعنوان “الثقة العظيمة” أعدته مجموعة من رجال الأعمال الإسرائيليين بدعم استشاري من مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG).
وتتضمن تلك الخطط تصوراً لإعادة تطوير قطاع غزة المدمَّر، عبر مشاريع تجارية ضخمة ومناطق اقتصادية خاصة وجزر اصطناعية، على غرار ساحل دبي، في مشهد أشبه بـ'ريفييرا ترامب' تحمل أسماء زعماء خليجيين أثرياء.
وتكشف الوثائق أن الخطة تعتمد على افتراض خطير مفاده أن 25% على الأقل من سكان غزة سيغادرون “طواعيةً” ولن يعودوا أبداً، وهو ما اعتبره خبراء حقوقيون وصحفيون خطةً واضحةً للتطهير العرقي بحق سكان القطاع الأصليين.
ولم توضح الوثائق ما إذا كان للفلسطينيين خيار فعلي في هذا “الخروج الطوعي”، ما يثير مخاوف كبيرة من إجبار السكان على النزوح في ظروف القصف والحصار.
ويهدف المشروع إلى تحويل غزة إلى مركز استثماري مربح، عبر اجتذاب شركات عملاقة مثل تيسلا وأمازون وإيكيا، وزيادة قيمة اقتصاد القطاع من «صفر دولار اليوم» إلى 324 مليار دولار، وفقاً لتوقعات BCG.
ورغم محاولات معهد توني بلير للتغيير العالمي (TBI) النأي بنفسه عن المشروع، كشفت الوثائق تورط موظفيه في حضور اجتماعات ومناقشات تتعلق بالمبادرة. وأقر المعهد لاحقاً بأن اثنين من موظفيه كانا على علم بالمحادثات وشاركا فيها، رغم تأكيده أنه لم يكتب أو يوافق على العرض التقديمي.
في البداية، نفى معهد TBI أي تورط له، إذ قال متحدث باسمه لصحيفة فاينانشال تايمز: «روايتكم خاطئة تماماً... لم يشارك معهد TBI في إعداد العرض التقديمي».
لكن بعد تقديم أدلة على وجود مجموعة رسائل مكونة من 12 شخصاً، تضم موظفي TBI ومستشاري BCG ومنظمين إسرائيليين، اعترف المعهد بأن موظفيه حضروا اجتماعات ذات صلة بالمبادرة.
وأوضح المتحدث: «لم نقل قط إن معهد TBI لا يعرف شيئاً عمّا تعمل عليه هذه المجموعة».
ومن بين المشاريع المقترحة ضمن الخطة، إنشاء ميناء عميق المياه لربط غزة بممر النقل الدولي الجديد الذي يصل الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، إلى جانب بناء جزر اصطناعية قبالة ساحل غزة، تحمل مشاريعها أسماء مثل «حلقة محمد بن سلمان» و«مركز محمد بن زايد»، في محاولة لاستقطاب استثمارات خليجية وربط المشروع بأسماء زعماء المنطقة.
كما اقترحت الخطة وضع الأراضي العامة في غزة تحت إدارة صندوق خاص خاضع للإشراف الإسرائيلي، بدعوى «نزع السلاح والتطرف» من القطاع.
وسيحصل أصحاب الأراضي الخاصة على رموز رقمية مقابل التنازل عن أراضيهم، مع وعد بإعادة توطينهم في مساكن دائمة، وهي فكرة أثارت انتقادات بأنها تغلف التهجير القسري بغلاف رقمي واقتصادي زائف.
كشفت التقارير أيضاً عن لقاء بين توني بلير وفيل رايلي، وهو مستشار سابق في BCG وأحد المشاركين في وضع الخطط لغزة، جرى في لندن مطلع العام الجاري.
وأكد معهد TBI أن الاجتماع جاء بطلب من رايلي، وأن دور بلير كان «في وضع استماع فقط»، مؤكداً مجدداً أن TBI ليس جزءاً من أي مؤسسة تُنفذ هذه الخطط، مثل مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) التي أسسها مستثمرون إسرائيليون.
جدير بالذكر أن معهد توني بلير لا يواجه لأول مرة اتهامات بالارتباط بمشاريع مشبوهة في الشرق الأوسط. فقد تعرض بلير سابقاً لانتقادات حادة بسبب كونه راعياً فخرياً للفرع البريطاني للصندوق القومي اليهودي الإسرائيلي، الذي يُتهم بالتورط في دعم المستوطنات غير القانونية وحذف فلسطين من خرائطه.
كما تلقى معهد TBI تبرعات من شخصيات ومؤسسات ارتبطت بشبكات إسلاموفوبيا أمريكية وممولين متورطين في دعم الاستيطان الإسرائيلي غير الشرعي.
تأتي هذه التطورات في وقت يعيش فيه قطاع غزة واحدة من أسوأ مراحله التاريخية، بعد حرب إبادة إسرائيلية دمرت أجزاء واسعة منه، وأودت بحياة الآلاف من الفلسطينيين.
في ظل ذلك، تتزايد المخاوف من أن تتحول خطط إعادة الإعمار إلى ستار لمشاريع تهجير جماعية وتغيير ديموغرافي يخدم مصالح اقتصادية وسياسية لقوى إقليمية ودولية.