اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٠ أيار ٢٠٢٥
بين وعود المساعدات الإنسانية وغبار الصفقات السياسية، تتجه الأنظار إلى زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، في لحظة مفصلية من تاريخ الصراع في المنطقة، مع استمرار حرب الإبادة ضد قطاع غزة للشهر التاسع عشر على التوالي.
في هذه المعادلة المعقّدة، تثير الزيارة تساؤلات حول أهدافها الحقيقية، وما إذا كانت ستحمل أي نتائج إيجابية تُذكر للفلسطينيين، أم أنها مجرد محطة جديدة في رحلة تسويق النفوذ الأمريكي وتحصيل المكاسب السريعة، كما يراها المحلل السياسي والباحث في معهد الشرق الأوسط د. حسن منيمنة.
ومن المقرر أن يبدأ ترامب، الثلاثاء المقبل، جولة إلى السعودية وقطر والإمارات، ستكون الأولى له خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية.
وهم المبادرات الإنسانية
يرى منيمنة أن زيارة ترامب قد تحمل في ظاهرها بعض المؤشرات على تحريك الملف الإنساني في غزة، وربما تتخللها تصريحات حول تقديم مساعدات أو إطلاق مبادرات إغاثية، لكن هذه التحركات – وفق رأيه – لا تعني بالضرورة تحولًا جوهريًا في موقف الإدارة الأمريكية من (إسرائيل).
'علينا ألّا نتأمل كثيرًا من هذه الزيارة'، يقول منيمنة لـ 'فلسطين أون لاين'، مضيفًا: 'ما يقوله ترامب يجب أن يُقرأ دومًا في إطار تأييده الثابت لـ(إسرائيل)، حتى وإن بدا أحيانًا أنه يحاول أخذ مسافة شكلية من نتنياهو، كما حدث في ملف اليمن'.
ويؤكد أن ترامب، بحكم عقليته 'الصفقية'، يبحث عن مكاسب فورية وعوائد ملموسة، لا عن إعادة رسم خريطة المنطقة أو دعم حقوق الشعوب. لذا، فهو مستعد لتجاوز بعض الخطوط الشكلية التي تربط بلاده بـ(إسرائيل)، لكنه لن يُقدِم على أي خطوة حقيقية تُضعف موقف (تل أبيب) أو تمسّ بالتوقعات الإسرائيلية لما تسميه 'الانتصار'.
ومنذ بدء ولايته الرئاسية الجديدة، في 20 يناير/كانون الثاني 2025، قدّم ترامب دعمًا متنوعًا وغير محدود لحكومة نتنياهو، التي تشنّ منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حرب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
رغم ذلك، نقلت صحيفة 'يسرائيل هيوم'، أمس، عن مصادر لم تسمِّها، أن 'ثمّة انخفاضًا في العلاقات الشخصية وخيبة أمل متبادلة بين نتنياهو وترامب'.
المساعدات التي قد تُعلَن لغزة، بحسب منيمنة، ليست بلا مقابل، إذ يشير إلى أن 'ثمنها سيدفعه سكان القطاع في مرحلة لاحقة وليست بعيدة'، مضيفًا: 'يجب أن نتذكر أن الأمل وُضع يومًا على دونالد ترامب، خاصة حين أصرّ على وقف إطلاق النار، لكن سرعان ما تبيّن، وكان واضحًا لكل من أراد أن يرى، أن ترامب سيقف في نهاية المطاف إلى جانب (إسرائيل)، وفقًا لما تراه وتقرره'.
'المسعى الإسرائيلي اليوم هو تهجير الفلسطينيين، لا بالضرورة قسرًا، بل من خلال فرض معادلة تجعل خيار الرحيل اضطرارًا، لأن الخيارات أمامهم باتت بين الموت أو الرحيل'، يقول منيمنة، قبل أن يستدرك: 'لكن الخيار الثالث – وهو الثبات – هو الأمل الوحيد'.
صفقات وسلاح... لا حلول
وفي نظر منيمنة، فإن هدف زيارة ترامب أبعد ما يكون عن دعم الفلسطينيين أو تهدئة حقيقية في غزة: 'الرئيس الأمريكي قادم لعقد صفقات تجارية، لبيع السلاح، وجلب الاستثمارات الخليجية. لا يعنيه المدى البعيد ولا التوازنات الجيوسياسية بقدر ما يعنيه الربح السريع'، يؤكد.
ويتوقع أن تسفر الزيارة عن تهدئة مؤقتة، 'على النمط اللبناني' – كما يصفها – أي زعم وجود تهدئة مع استمرار القصف، خصوصًا مع بقاء آلة الحرب الإسرائيلية جاهزة لإطلاق عملية واسعة فور انتهاء الزيارة.
وحول غياب (إسرائيل) عن جدول زيارة ترامب، يرى د. حسن منيمنة أن ما يجري لا يتعدى كونه خلافًا شخصيًا بين ترامب ونتنياهو، إذ يسعى كل منهما إلى تثبيت صورته باعتباره صاحب القرار المطلق؛ فترامب يحرص على الظهور كمن يفرض رؤيته على الجميع، بينما يحاول نتنياهو الإيحاء بقدرته على توجيه السياسة الأمريكية والتحكم بمواقف قادتها.
لكن منيمنة يحذّر من المبالغة في تأويل هذا التوتر الشخصي، مشددًا على أنه لا يرقى إلى مستوى التغيير في السياسات الفعلية. 'قد يتخذ ترامب خطوات مفاجئة، ظاهرها تجاهل لنتنياهو أو حتى إقصاء، كما حدث في ملف اليمن، إلا أن هذه التصرفات تبقى آنية ومجرد رسائل مؤقتة'، يوضح، مضيفًا: 'في كل مرة، ما يلبث أن يعود إلى خط الدعم المطلق لـ(إسرائيل)، ثم يعمد إلى تهدئة الأجواء مع نتنياهو'.
وأوضح أن 'ما يبدو من خلاف بين ترامب ونتنياهو ليس أكثر من ملهى يخفي خلفه مأساة حقيقية؛ فـ(إسرائيل) تستعد لمزيد من الأذى لغزة، بتسليح أمريكي مباشر'.
ويخلص منيمنة إلى أن 'الرهان الوحيد الممكن اليوم هو على صمود الإنسان الفلسطيني في أرضه'، مؤكدًا أن 'العالم العربي والدولي مشلول، وأن القرار في هذه المعركة بات بيد الفلسطينيين، ثم بيد (إسرائيل) والولايات المتحدة'.
وترتكب (إسرائيل)، بدعم أمريكي، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 171 ألف شهيد وجريح فلسطيني – معظمهم أطفال ونساء – وما يزيد على 11 ألف مفقود.