اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
سلطت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على تزايد الإدانات الدولية الموجهة لدولة الاحتلال الإسرائيلي على خلفية جرائم قتل مئات المدنيين الفلسطينيين الجائعين أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية في قطاع غزة، وسط اتهامات بأن آلية توزيع المساعدات المدعومة أميركيًا وإسرائيليًا قد تحوّلت إلى فخ قاتل، لا سيما في ظل انهيار كامل للنظام الإنساني داخل القطاع المحاصر.
وأشارت الصحيفة إلى تحذّير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن 'آخر شرايين الحياة التي تبقي الناس على قيد الحياة في غزة تنهار'، وذلك بعد الهجوم الإسرائيلي على منشآت منظمة الصحة العالمية في دير البلح، المدينة التي كانت تُعد آخر معقل لمنظمات الإغاثة في وسط القطاع.
مراكز توزيع تتحوّل إلى ساحات قتل
وفقًا لمسؤولين أمميين، فإن أكثر من 1000 فلسطيني استشهدوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية منذ أواخر مايو/أيار 2025، خلال محاولتهم الوصول إلى مساعدات غذائية تديرها مؤسسة 'غزة الإنسانية' (GHF)، وهي منظمة غير ربحية مدعومة من الولايات المتحدة وتعمل بتنسيق مع دولة الاحتلال.
وقد وصف غوتيريش الوضع في غزة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي بأنه 'عرض رعب'، مؤكدًا أن النظام الإنساني بأكمله ينهار، محرومًا من القدرة على العمل أو الوصول الآمن إلى المدنيين.
وقال: 'سوء التغذية يتفاقم، والجوع يدقّ الأبواب. النظام الإنساني يُحرَم من الظروف الأساسية للعمل، ومن المساحة اللازمة لتقديم المساعدات، ومن الأمان الضروري لإنقاذ الأرواح'.
وفي تطور خطير، هاجمت القوات الإسرائيلية مستودعات ومساكن الموظفين الأمميين في دير البلح، وهي مركز حيوي لتوزيع المساعدات.
كما ألغت السلطات الإسرائيلية تأشيرة عمل جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في غزة، في خطوة أثارت استنكارًا واسعًا في الأوساط الأممية.
هذه الهجمات جاءت بالتوازي مع تصاعد حالات الوفاة جوعًا، إذ سجلت مصادر طبية في غزة خلال 48 ساعة فقط وفاة 33 شخصًا، بينهم 12 طفلًا، بسبب سوء التغذية الحاد وعدم القدرة على الوصول إلى الطعام.
انتقادات أوروبية وعالمية
قالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، في منشور على منصة X (تويتر سابقًا): 'إن قتل المدنيين الذين يسعون للحصول على المساعدة في غزة أمر لا يمكن الدفاع عنه. لقد تحدثت مع وزير الخارجية الإسرائيلي للتذكير بتفاهماتنا بشأن المساعدات. كل الخيارات مطروحة على الطاولة'.
كما أعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن 'الغضب والاشمئزاز'، مؤكدًا في مقابلة مع BBC أنه 'لا يمكن القبول بمشهد أطفال يُقتلون وهم يمدون أيديهم للحصول على الغذاء'، مضيفًا: 'هذه ليست كلمات عادية من دبلوماسي، لكنها تعكس ما يشعر به أي إنسان يرى هذه المشاهد'.
وفي بيان مشترك، أدانت 27 دولة غربية، من بينها المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا وكندا، القيود الإسرائيلية على المساعدات، ودعت إلى وقف فوري للعدوان.
أرقام صادمة لحصيلة القتلى في طوابير المساعدات
قال ثمّين الخيطان، المتحدث باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: 'منذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية عملياتها، قُتل أكثر من 1054 فلسطينيًا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء. 766 منهم في محيط مواقع برنامج الغذاء العالمي، و288 آخرين قرب قوافل المساعدات الأممية'.
أما رئيس وكالة الأونروا، فيليب لازاريني، فوصف غزة بأنها 'جحيم على الأرض'، مؤكداً أن العاملين في القطاع الطبي والإنساني يعانون من الجوع والإرهاق ويُغمى عليهم أثناء أداء مهامهم.
وقال لازاريني في مؤتمر صحفي في جنيف: 'إن مقدمي الرعاية، من أطباء وممرضين وعمال إغاثة، يعيشون على وجبة واحدة يوميًا. لا يمكنهم الصمود أكثر في ظل هذا الجوع والضغط المتواصل'.
في هذه الأثناء أصدر برنامج الغذاء العالمي تقييمًا جديدًا في يوليو، أكد فيه أن ربع سكان غزة يواجهون ظروفًا تشبه المجاعة، في حين يعاني ما يقرب من 100 ألف امرأة وطفل من سوء تغذية حاد وشديد.
وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، فإن 93% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، فيما يواجه 244 ألف شخص – أي 10% من سكان القطاع – مستويات كارثية من الجوع.
رجال دين وزعماء دول يتحدثون عن 'كارثة أخلاقية'
قال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك اللاتين في القدس وأعلى مرجعية كاثوليكية في الأرض المقدسة، في تصريحات بعد زيارته لغزة: 'رأينا رجالًا ونساءً يصمدون تحت الشمس لساعات على أمل الحصول على وجبة بسيطة. هذا أمر غير مقبول أخلاقيًا وغير مبرر بأي حال'.
أما رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، فقال في منشور له: 'الصور القادمة من غزة مروّعة. المدنيون يعانون، والأطفال يموتون جوعًا. هذه الحرب يجب أن تتوقف الآن'.
ورغم تصاعد الغضب الدولي، انتقدت منظمات الإغاثة صمت الحكومات الغربية. وقال كريستيان بنديكت من منظمة العفو الدولية: 'فشل الحكومة البريطانية في اتخاذ تدابير حقيقية لمنع الإبادة الجماعية ليس خطأ بريئًا. بصفتها طرفًا في اتفاقية منع الإبادة، فإن واجبها القانوني يفرض عليها التحرك – لكنها تتقاعس عن ذلك'.
ومع استمرار التدمير الإسرائيلي للبنية التحتية، واستهداف المستشفيات، وحرمان العاملين الإنسانيين من الوصول، يخشى المراقبون أن ينهار النظام الإنساني في قطاع غزة بالكامل، ما يُنذر بكارثة أوسع إذا لم يتم التحرك الفوري لوقف الحرب وتثبيت ممرات إنسانية آمنة.