اخبار فلسطين
موقع كل يوم -وكالة شمس نيوز
نشر بتاريخ: ١٧ حزيران ٢٠٢٥
حمزة حماد
صحفي من شمال غزة
للمرة الرابعة على التوالي منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة والتي تدخل يومها الـ620، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الدموي والتخريبي على شمال قطاع غزة، ويرتكب افضع الجرائم بحق أهله الذين ذاقوا ويلات القتل والنزوح والتجويع.
فمنذ يوم الثالث عشر من شهر مايو لعام 2025 اشتدت وتيرة القصف على منازل المواطنين المأهولة وارتكب الاحتلال خلالها مجازر بشعة، راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى، وهي الأيام التي مهد بها الجيش لاجتياح مناطق كاملة مثل بيت حانون، وبيت لاهيا، وجبالبا البلد، وحي تل الزعتر، مُستخدما مختلف أنواع الأسلحة كالصواريخ الحربية وسلاح المدفعية والطائرات المُسيرة، والروبوتات المفخخة، إلى جانب عمليات النسف للمنازل.
لقد عاد الاحتلال الكرة في عدوانه الرابع لمحافظة الشمال بعد تلويحه بشن عملية عسكرية تحمل اسم 'عربات جدعون' والتي انطلقت فعليا وفق تصريحات الجيش في 18 مايو الماضي، والذي أعلن فيها عن 'بدء عمليات عسكرية واسعة في شمال وجنوب القطاع بهدف الضغط على المقاومة'. وفق قوله
ومع بدء حملة 'جدعون' والتي قال فيها: أنها تحمل 3 مراحل (توسيع الحرب، وتزامن القصف الجوي مع البري واجبار الناس على النزوح جنوبا، واحتلال مناطق واسعة من عزة مع تواجد عسكري طويل الأمد)، استهدف الجيش المنشآت الإنسانية والعمرانية كافة، بدءًا بالمنازل المتبقية التي كان يتكئ عليها المواطنون في العيش بداخلها هربًا من جحيم الخيام، والمستشفيات التي أخرجها عن الخدمة بفعل القصف والحصار واجبار طواقمها على المغادرة من مناطق الشمال رغم أنها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، وتدمير المحال التجارية، والبنى التحتية بشتى أنواعها، وتدمير عشرات آبار المياه، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية.
رغم مرور أكثر من شهر على هذا العدوان الرابع، والاحتلال يستخدم السياسة ذاتها بهدف إحداث الخراب وخلق أبشع صورة من الدمار لمنطقة رفض أهلها النزوح أو الهجرة، كما أنه ضرب كل القوانين الدولية بعرض الحائط التي من شأنها أن تكفل الحماية للمدنيين وقت الصراعات والحروب، وجعل لحياتهم عنوانا اسمه الشقاء.
لعل شهادتي كوني خرجت متأخرا من تلك المنطقة خلال تغطيتي أحداث العدوان لم تكن مختلفة عن الشهادات الآخرى، فهي مليئة بالوجع نتيجة حالة التوحش التي اتبعها الاحتلال مع المكونات المجتمعية التي رفضت النزوح، مُستكملًا ما اوقعه من دمار وخراب بحق البنية المدنية لمنطقة تأوي مئات آلاف النازحين والصامدين، الذين رفضوا ترك بيوتهم المدمرة عندما عادوا إليها بعد العدوان الثالث لجباليا في شهر أكتوبر 2024م، والنزوح لمناطق أخرى أو التفكير بالهجرة من بلد قدم آلاف الشهداء والجرحى والأسرى.
فالسيناريو لهذه الحملة العسكرية لم يختلف عن سابقه، حيث يبدأ الاحتلال بالتهديد والوعيد للمدنيين، ثم تنزل الحمم النارية على منازلهم في ساعات الليل المتأخرة كما شهدنا إبان العدوان الحالي، ثم يطلق مدفعيته المسعورة تُشعل لهيب النار في كل مكان، وتسيطر المُسيرات على الأحياء السكنية والمشافي بفرض السيطرة الأمنية والنارية عليها إلى أن يبدأ التوغل البري وهنا نرى المصائب التي تحدث عنها قادة الاحتلال في تحويل مناطق الشمال إلى كومة من الحجارة، بأن تكون غير صالحة للعيش واللجوء لبدائل أخرى كـ'الهجرة الطوعية'، إلى أن يُطبق بحصاره كما حدث سابقًا وحينها كانت الصدمة من هول المشهد.
الحقيقة أن هذه الأساليب التي يستخدمها الاحتلال ليست بالجديدة، إنما عشنا تفاصيلها في جميع مرات الاجتياح لشمال القطاع، سواء في شهر ديسمبر 2023، أو شهر مايو 2024، أو شهر أكتوبر 2024، وصولا إلى المرحلة التي نعيش غِمارها أمام محاولات مستمرة من قبل الوسطاء في التوصل إلى وقف لإطلاق النار واتمام صفقة التبادل، وهذا ما ينتظره الغزيون بفارغ الصبر لإنهاء موت النزوح الصامت، والعودة لمنازلهم، وإدخال المساعدات الإنسانية التي يمنع الاحتلال إدخالها لأكثر من 100 يوم تواليًا، إلى أن يتحقق الإعمار وكل شروط الاتفاق.