اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
مع اتساع الهوة بين رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تُسلط الصحافة العبرية الضوء على ما تصفه بـ'تآكل الصبر الأميركي'، في وقت تُسرّع فيه إسرائيل عملياتها العسكرية في غزة ضمن ما بات يُعرف بـ'معركة الدقيقة 90'، وفق تحليل للكاتب إيهاب جبارين.
من جهتها، كشفت صحيفة يسرائيل هيوم اليوم الثلاثاء عن توتر متزايد بين البيت الأبيض وحكومة نتنياهو، مشيرة إلى أن إدارة ترامب قد تطالبه بتحديد موعد لإنهاء الحرب على غزة.
واعتبرت الصحيفة العبرية أن ترامب لم ينتقد إسرائيل علناً بعد، لكن كل المؤشرات تدل على أن البيت الأبيض على وشك تغيير نبرته، ونقلت عن مصادر، لم تسمها، قولها إن مقرّبين من ترامب يتحدثون عن تحديد موعد لإنهاء الحرب على غزة، وحتى عن دعوة 'استفزازية' إلى البيت الأبيض لرئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت، الذي تمنحه استطلاعات الرأي حظوظاً كبيرة في حال ترشحه للانتخابات الاسرائيلية المقبلة.
وفي قراءة متقاطعة، رأت صحيفة يديعوت أحرونوت أن حكومة نتنياهو 'عزلت إسرائيل دبلوماسيًا' و'كذبت على الجمهور' بشأن شروط إدخال المساعدات مقابل تحرير الأسرى. وحمل الكاتب نداف إيال الحكومة مسؤولية الانهيار في شرعية الحرب، مؤكدًا أن 'إسرائيل بقيت وحدها في العالم'، وسط انتقادات غربية متزايدة.
وأشار إلى أن جميع استطلاعات الرأي أظهرت عدم ثقة الجمهور بالحكومة الإسرائيلية وأنه 'لا يعتقد أن اعتبارات رئيس الوزراء موضوعية، بل يراها تتعلق بالحفاظ على الائتلاف الحكومي. وتشعر عائلات المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين في غزة)، التي تعد أكثر الفئات معاناة في المجتمع الإسرائيلي حالياً، أن الحكومة تزدريها'.
أما هآرتس، فذهبت أبعد، إذ اتهم الكاتب يوسي فيرتير الحكومة بأنها 'تعطّشت للدم وأبعدت ترامب وأغضبت العالم المتحضر'، واصفًا قرار وقف المساعدات لغزة بأنه نتاج 'غباء استراتيجي' لا يُراعي حتى أكثر الحلفاء حماسة لإسرائيل داخل الكونغرس الأميركي.
وأردف الكاتب بأنه 'تم اتخاذ قرار وقف المساعدات الإنسانية إلى غزة في الكابينت الإسرائيلي، 2 مارس (آذار)، كان المنطق وراءه أن الإدارة الأميركية الجديدة ستكون غير مبالية بالعواقب المروّعة. لكن اتضح أن الرئيس ترامب إنساني، (وفقاً لستيف ويتكوف) ومصدوم مما يراه عبر شاشة التلفزيون ولا يتوقف عن الحديث عن المعاناة وعن الأشخاص الذين يموتون جوعاً.
ووزير الخارجية ماركو روبيو، اليميني المتطرّف، اتصل بنتنياهو ثلاث مرات خلال 24 ساعة بشأن المساعدات. أما أعضاء مجلس الشيوخ الودودون، فهم يمينيون ومؤيدون، لكن اتضح أنهم ليسوا متعطشين للدماء مثل ممثلي اليمين المتطرف المسياني في الحكومة (الإسرائيلية)'.
ولفت الكاتب أيضاً إلى أن نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، 'الذي كان في طريقه إلى إسرائيل، كجائزة ترضية عن تخطي ترامب لزيارتها الأسبوع الماضي' ألغى زيارته، وذلك 'على الأرجح بسبب تجدد الحرب وغياب صفقة لإطلاق سراح المختطفين'.
جبارين: إسرائيل تُراهن على نصر اللحظة الأخيرة
في هذا السياق، يرى الصحفي والمحلل إيهاب جبارين أن التحركات العسكرية الإسرائيلية ليست مجرد تصعيد، بل تأتي في إطار إستراتيجية أشبه بـ'تكتيك الانقضاض في الدقيقة 90'، حيث تسعى تل أبيب لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الميدانية قبل أن تُغلق نافذة العمل العسكري بفعل الضغوط الأميركية أو التفاهمات الإقليمية.
ويؤكد جبارين أن إسرائيل تُدرك التغير الحاصل في أولويات واشنطن، لا سيما بعد التقارب مع الحوثيين وإشارات التهدئة في غزة، ما يدفعها لتكثيف عملياتها بغرض 'فرض وقائع تحت النار'، مثل تفكيك شبكة الأنفاق في رفح أو تنفيذ اغتيالات نوعية لقادة المقاومة.
ويُضيف أن هذا التكتيك نابع من شعور بالإرباك أكثر من كونه تعبيرًا عن ثقة، خاصة مع بدء إدارة ترامب بإعادة ترتيب أوراقها الإقليمية من دون إسرائيل في بعض الملفات، ما يُفاقم مخاوف نتنياهو من فقدان الدور المحوري في المعادلات الجديدة.
الوقت ينفد… والمعركة قد تتجاوز غزة
بحسب جبارين، تسعى إسرائيل لتحقيق 'نصر رمزي' يُعزز موقف نتنياهو سياسيًا، في ظل تآكل شعبيته داخليًا، إلا أن المخاطرة تكمن في أن هذا التكتيك قد يفتح جبهات جديدة بدلًا من إغلاق الحالية، في حال لم يتمكن من إنتاج نتائج واضحة قبل أن تُجبرها واشنطن على التوقف.
بحسب تحليلات إسرائيلية، تسعى تل أبيب إلى تحقيق مكاسب ميدانية 'تحت النار' في غزة، أبرزها تدمير شبكة الأنفاق في رفح واغتيال قادة من حماس، إلى جانب توجيه ضربات نوعية في اليمن ضد أهداف مرتبطة بإيران، في محاولة لإثبات التفوق الاستخباراتي وإعادة تأهيل الردع الإقليمي.
على المستوى الداخلي، يواجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ضغوطًا سياسية، ويرى في التصعيد العسكري فرصة لتثبيت موقعه وسط تراجع شعبيته وفشل أهداف الحرب.
مع انسحاب حاملات طائرات أميركية وتقليص الغطاء العسكري الأميركي، تدرك إسرائيل أن الوقت ليس في صالحها، وأن قرار وقف الحرب قد يُفرض عليها خارجيًا، ما يدفعها إلى محاولة انتزاع 'نصر اللحظة الأخيرة' – ولو كان مؤقتًا.
ويختم قائلاً إن القرار النهائي بيد الولايات المتحدة، التي تملك وحدها مفتاح ضبط الإيقاع العسكري والدبلوماسي، بينما تسابق إسرائيل الزمن – لا لتحقيق نصر استراتيجي، بل للهروب من هزيمة سياسية.