اخبار فلسطين
موقع كل يوم -شبكة مصدر الإخبارية
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
القدس المحتلة – مصدر الإخبارية
بعد نحو شهرين من 'مصائد الموت' التي نصبتها 'مؤسسة غزة الإنسانية' المدعومة أمريكيا وإسرائيليا لحصد أرواح مئات الفلسطينيين بالقطاع، تسارع تل أبيب الخطى نحو مخطط جديد بعنوان براق آخر يحمل اسم 'المدينة الإنسانية' يستهدف تجميع نحو 600 ألف فلسطيني مع حظر مغادرتهم لها.
حسب المخطط الإسرائيلي الذي تناقلته وسائل إعلام عبرية، ستقام تلك المدينة المزعومة على أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وسط مواصلة تل أبيب حرب الإبادة على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بالتوازي مع رفضها دخول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين للشهر الخامس.
مخطط جديد
القناة 12 العبرية، تطرقت الجمعة، إلى تلك المدينة التي وصفها أكاديمي إسرائيلي ومسؤولة أممية بأنها 'ستكون سجنا للفلسطينيين'.
ولفتت القناة إلى أن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أعلن الخطة الاثنين الماضي قائلا 'سيتم إنشاء مدينة إنسانية ونقل 600 ألف فلسطيني إليها، وأن كل من يدخل المدينة لن يتمكن من المغادرة، وأن الدخول سيكون عبر بوابات ودون عناصر حماس'.
ونقلت عن كاتس قوله إن 'الجيش الإسرائيلي سيكون قادرا على بناء المدينة الإنسانية خلال وقف إطلاق النار (المحتمل) الذي يستمر 60 يوما مع حماس'، في إشارة إلى المفاوضات التي تستضيفها الدوحة منذ الأحد الماضي واتهمت 'حماس'، في بيان الأربعاء إسرائيل بـ'التعنت' خلالها.
وكشفت القناة العبرية، الجمعة أنه 'في الوقت نفسه، تخطط إسرائيل لاستخدام المدينة الإنسانية لتشجيع سكان غزة على الهجرة، ويقود المدير العام لوزارة الدفاع نائب رئيس الأركان السابق، أمير برعام، الخطة ويقوم بالفعل بالترويج لها'.
وأشارت إلى أن 'هدف المدينة: عزل السكان عن حماس، وإنشاء آليات لتشجيع الهجرة الطوعية، وإنشاء نظام مدني جديد'، وفق تعبيرها.
وترفض مصر والأردن الجاران لفلسطين مخطط التهجير الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتأييد إسرائيلي، منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني الماضي، والذي كرره في فبراير/ شباط، ومارس/ آذار وأبريل/ نيسان ومايو/ أيار، وكذلك قبل أيام بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالبيت الأبيض.
ويلقى الرفض المصري الأردني تأييدا عربيا واسعا ومواقف أممية وأوروبية مناصرة تتطلع لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ولا يتوقف المشهد عند حدود إقامة مدينة لتهجير الفلسطينيين إليها فحسب، بل قد يواجه موقع إنشائها باعتراضات محتملة لا سيما من مصر والموقف الإنساني الدولي.
وتشير القناة 12 إلى أن 'المدينة ستقع بين محور فيلادلفيا وطريق موراج الذي يسيطر عليه الجيش، ما سيسمح لإسرائيل بالسيطرة العملياتية عليه'.
وأوضحت أن المدينة 'ستضم مجمعا ضخما من المخيمات والهياكل الدائمة، وسيتم بناء البنية التحتية هناك وستركز إسرائيل معظم المساعدات الإنسانية التي ستتدفق إلى قطاع غزة إلى المدينة'، بهدف جلب الفلسطينيين إلى المنطقة.
وترفض مصر، لا سيما منذ سيطرة إسرائيل على رفح الفلسطينية، أي تواجد عسكري إسرائيلي هناك وطالبت أكثر من مرة بانسحاب فوري لضمان أمنها القومي.
وبالإضافة إلى 'الصعوبات العملياتية والضغوط الدبلوماسية، تثير الخطة الإسرائيلية الجديدة أيضا أسئلة قانونية صعبة، وقد تتعارض مع القانون الدولي من تعبئة (تهجير) السكان إلى المدينة، مرورا بحظر مغادرتها، إلى زيادة الهجرة خارج غزة'، بحسب القناة ذاتها.
ونقلت عن البروفيسور يوفال شاني، رئيس دائرة القانون الدولي العام في الجامعة العبرية: 'يبدو لي أن هذا برنامج غير قانوني في ظاهره من منظور القانون الدولي، فالمشكلة، أولا وقبل كل شيء، هي الترحيل القسري للناس داخل منطقة قتال خالية جزئيا، وهذا أمر لا يسمح به القانون ككل'.
وأضاف أن 'تشجيع الفلسطينيين في غزة على الانتقال إلى المدينة من خلال توجيه المساعدات الإنسانية إليها وحدها هو بمثابة إكراه في نظر القانون الدولي، وبالنظر إلى أنهم تم إجلاؤهم بالفعل من مكان إلى آخر عدة مرات خلال الحرب يجعل الوضع القانوني صعبا'.
سجن منتظر
وأردف شاني: 'القضية الثانية التي تثير صعوبة قانونية هي مسألة منع الخروج من المدينة، وهو ما أعلنه وزير الدفاع كاتس، وبقدر ما تتحدث الخطة عن عدم السماح لهم بمغادرة المدينة، فهي غير قانونية. لا يمكنك سجن الناس، فهذا مخالف للقانون الدولي'.
وأشار إلى أنه 'بالإضافة إلى ذلك، فإن تشجيع السكان الفلسطينيين على الهجرة من غزة يمثل أيضا إشكالية من منظور القانون الدولي، فلا يمكنك إجبار الناس على المغادرة أو تشجيعهم عليها'.
وأضاف محذرا من العواقب التي قد تترتب على تنفيذ الخطة: 'إن بعض جوانبها قد تقع في نطاق القانون الجنائي الدولي، وقد يعتبرها القانون جريمة حرب، وهذا يمكن أن يفتح جبهة قانونية أخرى لإسرائيل'.
من جهتها، أكدت هيئة البث العبرية، الخميس، معظم تلك الانتهاكات المحتملة لا سيما عدم الخروج من المدينة لمن يدخلها قائلة إنه 'وفقا للخطة، التي عهد بها إلى مدير عام وزارة الدفاع، أمير برعام، فإن المدينة الجديدة التي سيتم بناؤها ستضم حوالي 600 ألف فلسطيني، سيخضعون للتفتيش قبل دخول المجمع، ولن يسمح لمن يدخله بالخروج منه'.
وأفادت بأنه وفقا للخطة، سيتم نقل جميع الفلسطينيين بقطاع غزة إلى المدينة الجديدة، ووفقا للنموذج الذي تم بناؤه، لن يوزع الجيش الإسرائيلي مساعدات أو غذاء على الفلسطينيين بغزة، بل 'سيؤمن المنطقة فقط من مسافة بعيدة، وستحاول إسرائيل تجنيد دول ومنظمات دولية ستكون مسؤولة عن توزيع المساعدات والغذاء'.
وتابعت هيئة البث الإسرائيلية: 'بحسب المصادر، فإن هذا الموضوع أوقف التقدم في المحادثات وحماس تعارضه بشدة'، لافتة إلى أن تلك المدنية وتشغيلها في السنة الأولى سيكلف حوالي 20 مليار شيكل (أكثر من 6 مليارات دولار).
وما زال تمسك إسرائيل بالاحتفاظ بسيطرتها على هذه المنطقة الواقعة بين محور فيلادلفيا على الحدود بين مصر وغزة، ومحور موراج الذي يفصل رفح عن خان يونس، نقطة الخلاف المركزية في المفاوضات غير المباشرة الجارية في العاصمة القطرية الدوحة.
فبينما تريد حركة 'حماس' انسحاب إسرائيل إلى مواقع ما قبل انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/ آذار الماضي، أي إلى محور فيلادلفيا، تصر إسرائيل على إبقاء سيطرتها على رفح بعد أن دمرتها.
رفض أممي
وفضلا عن ذلك يواجه هذا المخطط رفضا أمميا، إذ قال المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في منشور على منصة إكس، الأربعاء: 'بحسب تصريحات لمسؤولين إسرائيليين هناك نية لتنفيذ عملية نزوح قسري واسعة النطاق جديدة للفلسطينيين في غزة باتجاه رفح'.
وأضاف: 'سيؤدي هذا إلى إنشاء معسكرات مكتظة ضخمة على الحدود مع مصر للفلسطينيين الذين عانوا من النزوح جيلاً بعد جيل، وهذا سيحرم الفلسطينيين أيضًا من أي أمل في مستقبل أفضل في وطنهم'.
وتابع المفوض العام لوكالة الأونروا: 'لا يمكننا الصمت والتواطؤ مع هذا النزوح القسري واسع النطاق'.
كما وصفت الأمم المتحدة تلك المدينة المزعومة بأنها 'سجن' أيضا، وقالت مديرة العلاقات الخارجية والإعلام في وكالة الأونروا تمارا الرفاعي، في تصريحات صحفية الخميس، أن تسمية هذا المكان 'المدينة الإنسانية' تعد 'إهانة لمبدأ الإنسانية؛ لأنه لا يوجد أي جانب إنساني في ذلك، وهذه المدينة (المزعومة) لا تمت للإنسانية بصلة'.
واعتبرت أن 'حشر' 600 ألف فلسطيني بغزة في ذلك المكان خلال المرحلة الأولى، ثم جميع سكان القطاع (البالغ عددهم مليونين و114 ألفا) داخل مساحة ضيقة تخضع لرقابة مشددة من القوات الإسرائيلية، 'سيحول غزة التي كانت تعرف قبل ذلك بأنها أكبر سجن مفتوح في العالم إلى السجن المفتوح الأكثر اكتظاظا ورقابة في العالم'.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت تل أبيب في 27 مايو/ أيار الماضي، عبر 'مؤسسة غزة الإنسانية' المدعومة أمريكيا وإسرائيليا تنفيذ مخطط لتوزيع مساعدات.
وبوتيرة يومية، يطلق الجيش الإسرائيلي النار تجاه المجوعين المصطفين قرب مراكز التوزيع، ما أدى إلى مقتل 782 فلسطينيا، وإصابة أكثر من 5 آلاف و179 آخرين، وفق وزارة الصحة بغزة، الخميس.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة في غزة أكثر من 195 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين.