اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٠ أيار ٢٠٢٥
في ذروة مفاوضات معقدة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، وتحت ضغط دولي متصاعد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، اختارت (تل أبيب) إطلاق عملية عسكرية حملت اسم 'مركبات جدعون'، في تصعيد يوصف بأنه الأعنف منذ أشهر.
لكن خلف هذا التصعيد، يلوح هدف أبعد من مجرد الإنجاز العسكري، إذ تسعى (تل أبيب) – بحسب خبراء – لاستخدام التصعيد وسيلة ضغط تفاوضي لفرض شروطها على المقاومة الفلسطينية، ومحاولة خلق واقع سياسي جديد على الأرض.
وبحسب صحيفة 'يديعوت أحرونوت' العبرية، بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ خطة عسكرية سياسية متكاملة أطلق عليها اسم 'عربات جدعون'، تهدف إلى تحقيق حسم عسكري وسياسي في غزة، عبر عملية منظمة من ثلاث مراحل، مع استخدام خمسة روافع ضغط مركبة ضد حركة حماس في محاولة لإرغامها على القبول باتفاق لتبادل الأسرى، وتفكيك بنيتها العسكرية.
حسابات تفاوضية
لكن الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد يرى أن توقيت إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن عمليته العسكرية في غزة ليس عسكريًا بحتًا، بل يخضع إلى حسابات تفاوضية واضحة.
وقال أبو زيد لـ 'فلسطين أون لاين'، إن الاحتلال يزيد الضغط العسكري على قطاع غزة باستخدام 'كتلة نارية ضخمة' في محاولة لرفع كلفة التفاوض على المقاومة، من خلال استهداف ممنهج للأحياء السكنية، وتوسيع نطاق التدمير في مناطق مدنية كثيفة.
وأوضح أن من أهداف هذا التصعيد عرقلة الاتصال بين قادة المقاومة الميدانية والمفاوضين في الدوحة، ما يُبقي وفد المقاومة في حالة غموض وشك حول مدى تماسك المقاومة، ويدفعه إلى تقديم تنازلات نتيجة عدم الاطلاع على الوضع الميداني من المقاومة مباشرةً، بل من مصادر إعلامية يرفع فيها الاحتلال حدة الخطاب ويظهر فيها قيمة الدمار من خلال التهديد بعملية ما يُعرف بـ'عربات جدعون'.
ما يعزز ذلك، وفقًا لأبو زيد، تصريحات الجنرالات العاملين (وليس المتقاعدين) التي صدرت أمس في صحيفة 'يديعوت أحرونوت'، حيث تحدثت قيادات عسكرية تشكك بجدوى هزيمة المقاومة، وأنه لم يعد هناك أهداف عسكرية يمكن تحقيقها في غزة، الأمر الذي يشير إلى عمق الأزمة بين الطرفين، ومدى الكلفة التي سيدفعها الاحتلال إن فشلت المفاوضات وذهب إلى الحل العسكري.
وأشار إلى أن استهداف الاحتلال للبنية التحتية الحيوية والمستشفيات والمدارس يمثل محاولة مباشرة لسلخ المقاومة عن حاضنتها الشعبية، وتحميل المجتمع المدني ثمنًا باهظًا للحرب، بما قد يُحدث شرخًا في جبهة الصمود الداخلي، ويدفع المقاومة لتقديم تنازلات في المسار التفاوضي.
وبحسب المرصد 'الأورومتوسطي' لحقوق الإنسان، فإن الهجوم الإسرائيلي الأخير هو 'الأوسع والأكثر فتكًا' منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر، ويأتي ضمن 'نهج مستمر يتسم بالقتل الجماعي والتجويع والتدمير المنهجي لمقومات الحياة'.
وأكد المرصد أن هذا التصعيد يهدف إلى 'إفناء المجتمع الفلسطيني في غزة، وفرض واقع استعماري بالقوة يقوم على محو السكان الأصليين، وتهيئة الأرض لضمها الفعلي إلى (إسرائيل).'
ورقة ضغط
وفي تعليقه على إعلان جيش الاحتلال بدء عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، ضمن عملية 'مركبات جدعون'، قال أبو زيد: 'هذا الإعلان يتزامن مع المفاوضات، وهو ورقة ضغط على المقاومة لتحقيق تنازلين يريدهما الاحتلال: الأول يتعلق بنزع سلاح المقاومة، والثاني خروج المقاومة من قطاع غزة، لذلك أعلن عن هذه العملية.'
وأضاف: 'الاحتلال يريد من خلال هذه العملية تفحص مدى قدرات المقاومة، والتأكد مما أعلن عنه بخصوص اغتيال القيادي محمد السنوار، لذلك أعتقد أن هذه العملية تندرج في إطار العمليات الاستخباراتية أكثر من العمليات البرية، ويبدو أنه يريد حماية مصادره أو التأكد من موضوع المستشفى الأوروبي، إن كان الذي تم استهدافه هو السنوار، ليخرج نتنياهو معلنًا ما يسميه 'الانتصار'، ويُعلن استشهاد السنوار، ومن ثم يذهب إلى المسار الدبلوماسي.'
ويختم أبو زيد: 'لا أعتقد أن هناك عملية برية واسعة كما يُروج لها الاحتلال، بل هي حملة إعلامية مغلفة لهدف تفاوضي بوسائل نارية وصادمة نفسيًا.'
وبدعم أميركي، ترتكب (إسرائيل) منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.