اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الأول ٢٠٢٥
في ذروة حرب الإبادة على غزة، انبرت أقلام تهاجم المقاومة الفلسطينية. قبل عملية 'طوفان الأقصى'، كانت بعض هذه الأقلام تتهم حركة حماس بالتراجع عن واجبها في المقاومة والانشغال بمراكمة مصالحها الخاصة في القطاع.
ومع تصاعد حرب الإبادة تحولت هذه الأقلام إلى منصات لتشويه صورة المقاومة، محاولين تحميلها مسؤولية المآسي التي يعيشها الفلسطينيون، في حين يتم تصوير الاحتلال الإسرائيلي ضامنًا للشرعية والنظام.
وتكشف إحصائيات حديثة لمنصة 'إيكاد' عن حجم هذه الحملات الرقمية المنظمة، حيث شارك أكثر من 20 ألف حساب في أكثر من 32 ألف تغريدة خلال أسبوع واحد بعد إعلان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر. هذه البيانات تعكس التنسيق والدقة في صناعة خطاب سلبي منظم ضد المقاومة الفلسطينية، وتسليط الضوء على محاولة تفريغ صمود الغزيين من رمزيته الإنسانية والسياسية أمام الرأي العام العربي والدولي.
حملات متعددة الأطراف
يشير أستاذ الإعلام في جامعة النجاح، د. فريد أبو ضهير، إلى أن الحملات ضد المقاومة الفلسطينية تشمل الاحتلال الإسرائيلي، الولايات المتحدة، وأطرافا عربية وفلسطينية موالية للسلطة الفلسطينية.
تهدف هذه الحملات إلى إعادة تشكيل الواقع الفلسطيني، عبر تحميل المقاومة مسؤولية الفوضى ونزع سلاحها وإبعادها عن المشهد السياسي، ما يفرض على الفلسطينيين القبول بالواقع الراهن دون مواجهة.
ويؤكد أبو ضهير في حديثه لـ 'فلسطين أون لاين'، أن هذه الحملات تعمل على محورين رئيسيين: الأول الهجوم على الإعلام المقاوم لتشويش رسالته وإضعاف تأثير قيادة المقاومة، والثاني التأثير على الجمهور المحلي، خصوصا الفئات ضعيفة الوعي، لنشر اليأس والاستسلام بين الناس.
ويضيف أن الرد المستمر والتوضيح المستمر للحقائق يمثلان السبيل الوحيد لمواجهة التضليل الإعلامي، فالسكوت عن هذه الحملات يتيح انتشارها وزيادة قبولها لدى الجمهور.
المثقفون بين التردد والانحراف الفكري
ويشير أستاذ الأدب العربي والنقد في مصر، الأستاذ الدكتور مصطفى عطية جمعة، إلى أن المثقفين العرب لم يعودوا كما كانوا تاريخيا، حين كانت القضية الفلسطينية محور الأدب والفكر العربي.
ويضيف لـ 'فلسطين أون لاين'، اليوم غاب القوميون واليساريون، وانقسم الليبراليون بين دعم الأنظمة المطبّعة أو الالتجاء لتبريرات متعلقة بالشرعية الدولية. هذا الانقسام أدى إلى تهميش رمزية المقاومة والدور السياسي للفلسطينيين في الخطاب العربي المعاصر.
ويقول جمعة، إن التيارات الفكرية العلمانية اختزلت القضية الفلسطينية في نزاعات سياسية قابلة للتفاوض، متجاهلة البعد الديني والتاريخي للقدس والمقدسات. هذا الاختزال ساهم في إضعاف التعاطف العربي مع صمود الغزيين، وجعل القضية مجرد أرض قابلة للمساومة، بعيدا عن رمزية المقاومة والدفاع عن الحقوق المشروعة.
حملات رقمية
ومؤخرا، أظهرت منصة 'إيكاد' أن الحملات الرقمية ضد المقاومة الفلسطينية منظمة بشكل دقيق، مع مشاركة أكثر من 20 ألف حساب في أكثر من 32 ألف تغريدة خلال أسبوع واحد.
تستهدف هذه الحملات تشويه صورة المقاومة، وتحميلها مسؤولية الفوضى، وإعادة إنتاج رواية الاحتلال كضامن للشرعية والنظام، في محاولة لمحو رمزية صمود الغزيين أمام العالم.
هذه الأرقام تكشف مدى التنسيق والدقة في صناعة خطاب سلبي منظم، ولا يمكن تجاهل أثرها على الرأي العام المحلي والعربي والدولي، خصوصا في ظل ضعف متابعة الجمهور للحقائق الحقيقية على الأرض.
ويتفق أبو ضهير وجمعة على أن الحملات تعمل على محورين متكاملين: الأول إعلامي، ويهدف إلى تضليل الرأي العام وتشويه صورة المقاومة، والثاني فكري وثقافي، لإضعاف الخطاب العربي التقليدي الداعم للقضية الفلسطينية.
ويشيران إلى أن مواجهة هذا التحدي تتطلب خطة استراتيجية متكاملة تشمل الرد المستمر على الحملات، وتوضيح الحقائق للجمهور، واستعادة الدور الثقافي والفكري للمثقف العربي في نصرة فلسطين، مع رفع مستوى الوعي الجماهيري لمنع الوقوع في فخ التضليل الإعلامي.
صمود غزة.. المقاومة الحقيقية
رغم الضغوط الرقمية والفكرية، يظل صمود أهالي غزة عنوانا للمقاومة الحقيقية. الرسائل المستمرة للمقاومة والمواقف البطولية للغزيين تثبت أن فلسطين ليست مجرد صراع سياسي يمكن المساومة عليه، بل قضية كرامة تتجاوز حدود السياسة لتصبح رمزا للحرية والعدالة.
ويبقى التحدي الأكبر مواجهة التضليل الإعلامي والفكري، وإعادة الخطاب الثقافي والفكري العربي إلى مساره الأصلي، بحيث تكون فلسطين قضية تجمع بين الشعب والمثقفين، لا مادة للتلاعب الإعلامي والسياسي.

























































