اخبار فلسطين
موقع كل يوم -فلسطين أون لاين
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
في وقت تتسارع وتيرة تدمير الاحتلال مخيمات شمال الضفة الغربية، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وتتوسع اعتداءات المستوطنين، ومحاولات تهويد المقدسات، يلف صمت غريب المشهد السياسي في الضفة الغربية.
ويرى خبراء أن القضايا التي تمس جوهر الوجود الفلسطيني وتهدد مستقبله تتراجع خلف موضوعات شكلية ونقاشات باهتة، تتعمدها النخبة السياسية الممسكة بمقاليد الأمور في الضفة. فما هو السر في ذلك في وقت تتطلب خطورة المرحلة تحرك نضالي ضد سياسات الاحتلال وممارسات مستوطنيه.
يقول أستاذ الإعلام في جامعة النجاح، د. فريد ابو ضهير، هناك غياب واضح للحضور الفاعل للسلطة الفلسطينية ولشخصياتها القيادية، وتختفي كذلك بيانات الفصائل خصوصا المنضوية في منظمة التحرير.
حسابات سياسية باهتة
ويؤكد أبو ضهير لصحيفة 'فلسطين'، أن هذا الغياب ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج شبكة معقدة من الضغوط الخارجية والسياسات الداخلية.
ويتابع، أن هناك سياسة أمريكية واضحة منذ بداية العدوان على غزة في أكتوبر ٢٠٢٣، تحذر العالم أجمع، وتحديدا الطرف الفلسطيني من أي تدخل في موضوع حرب الإبادة على غزة، وانسحب ذلك على الممارسات الاحتلالية في الضفة الغربية.
ويشير أبو ضهير إلى أن هذه السياسة خلقت حالة من 'العزوف عن تسجيل مواقف حقيقية'، حتى أصبح التنديد والاستنكار في القضايا المصيرية محدود وبمواقف باهتة.
يضاف إلى ذلك، الملاحقة الشرسة التي تشنها مخابرات الاحتلال ضد أي صوت حر، مما بث رهبة وصلت إلى طلبة الجامعات بالضفة والأكاديميين، وجعل من أي تحرك سياسي أو إعلامي مغامرة محفوفة بالمخاطر.
ويصف أبو ضهير هذا الصمت بـ'التخاذل أو الجبن'، مؤكدًا أنه لا يجوز أن يمر حدث دون موقف قوي، وإلا على هذه القوى 'أن تحل نفسها وتغادر المشهد'.
تبديل الأولويات
بدوره، يؤكد المحلل السياسي الدكتور أمين الحاج، لصحيفة فلسطين، أن سياسة صمت الطبقة السياسية الرسمية وقوى منظمة التحرير متعمدة لتغييب الموضوعات المهمة في الضفة والقدس عن الاجندة السياسية والإعلامية.
والسبب في رأيه أن إبراز القضايا الوطنية الكبرى دون رد فعل يتناسب مع حجمها 'يحولهم إلى مدانين ويزيد الضغوط عليهم'، فالحديث عن الاستيطان والمصادرة يترتب عليه استحقاقات لا يستطيعون تحمل تبعاتها، والجمهور بعد ذلك سيسائلهم عن تقصيرهم في حماية ما يعد من الثوابت.
ويتابع، لذلك يلجؤون مسؤول السلطة والأحزاب إلى سياسة 'نفخ الموضوعات الصغيرة وتنفيس القضايا الكبرى والمهمة'، وتصدير قضايا شكلية لا تلامس هموم المواطن الحقيقية، كطريقة للهروب من المسؤولية.
وبخصوص موقف النشطاء السياسيين، ممن يتبنون سياسات مناوئة للاحتلال، فإنهم يعيشون وضعا معقدا، فالاحتلال يلاحقهم على أبسط أشكال التعبير، حتى على تعليق أو تفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويردف، ما كان متاحًا قبل أكتوبر ٢٠٢٣ لم يعد كذلك بعده.
ويضاف إلى ذلك، كما أشار أبو ضهير، أن بعض وسائل الإعلام في الضفة لا تستضيف هؤلاء النشطاء، مما يكمل حلقة التغييب.
في المحصلة، فإن تراجع حضور مختلف المكونات السياسية في الضفة الغربية يترك الساحة الإعلامية فارغة أمام الاحتلال لتنفيذ مخططاته، وسط غياب رواية فلسطينية رسمية تفضح سياسات الاحتلال الاستعمارية.