اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
يشهد المشهد اللبناني في الآونة الأخيرة حراكًا دبلوماسيًا مكثّفًا يعكس حجم القلق الدولي والإقليمي من استمرار التوتّر على الساحة الجنوبية وتداعياته على استقرار البلاد.
وفي هذا السياق، برزت الزيارة الجديدة التي يقوم بها الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، حاملةً إشارات واضحة إلى إعادة تحريك مسار المفاوضات ومحاولة بلورة رؤى مشتركة بين مختلف الأطراف المعنيّة. وتأتي هذه الزيارة ضمن تنسيق لافت مع دول عدة، بهدف منع انزلاق لبنان إلى مرحلة أكثر خطورة وتثبيت أسس تفاوضية تُعيد ترتيب الأولويات السياسية والأمنية في البلاد.
ومع سلسلة اللقاءات التي عقدها لودريان مع القيادات اللبنانية، اكتسبت التحركات الأخيرة زخمًا إضافيًّا، ما رسّخ الانطباع بأنّ المرحلة المقبلة ستكون مفصليةً في رسم ملامح الحلول المطروحة على طاولة البحث.
وقالت مصادر سياسية لصحيفة 'الجمهورية' إن المؤشر الأبرز الذي توحي به عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، هو أنّ مسار التفاوض قد تحرّك فعلًا، وأنّ هناك حاجةً إلى تفاعل مجموعة كبيرة من الأفكار والطروحات، خارج الطرحَيْن الأميركي والإسرائيلي اللذَيْن يدوران حول نقطة واحدة هي: نزع سلاح 'حزب الله' بكامله وقبول الحكومة اللبنانية بمسار التفاوض خارج إطار 'الميكانيزم'.
وأوضحت هذه المصادر أنّ الحراك الفرنسي جاء منسّقًا مع المبادرات العربية الثلاثيّة، السعودية ـ القطرية ـ المصرية، التي استُؤنفت جميعها بشكلٍ لافتٍ في الأسابيع الأخيرة على خط بيروت، بهدف تجنّب وصول الوضع اللبناني إلى نقطة الانفجار الحتمية، كما كان متوقعًا، مع مطلع العام الجديد.
وأشارت المعلومات لصحيفة 'اللواء' أنّ لودريان ركّز أيضًا على موضوع العلاقات اللبنانية – السورية وضرورة ترسيم الحدود البرية، وعلى ملف الانتخابات والتشديد على إجراء الاستحقاق في موعده وعدم إعطاء أي إشارة سلبية خلال العهد الجديد.
وأوضحت المصادر أنّ لودريان لن يلتقي هذه المرة وفدًا من حزب الله، وهو التقاه في الزيارة الماضية ويعلم موقفه من كل التطورات علمًا أنّ التواصل واللقاءات مع الحزب لم ولن تنقطع، لكنّ أجندة زيارته هذه المرة مختلفة.
لقاءات لودريان
وكان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان قد استكمل، لليوم الثاني على التوالي، لقاءاته في بيروت بهدف تثبيت وقف إطلاق النار بين إسرائيل و'حزب الله'.
والتقى لودريان، الثلاثاء، كلًّا من رئيس مجلس النواب نبيه بري وقائد الجيش رودولف هيكل ورئيسَيْ الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط والحالي النائب تيمور جنبلاط، كما اجتمع مساءً مع رئيس الحكومة وعدد من الوزراء على مأدبة عشاء في قصر الصنوبر.
كذلك، التقى لودريان رئيس حزب 'القوات اللبنانية' سمير جعجع في معراب، وتمحور البحث حول المؤتمر الدولي الذي سيُخصّص لدعم الجيش اللبناني، بمشاركة أميركية وسعودية وفرنسية، فضلًا عن ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدّد. وعقب اللقاء الذي دام ساعة، اكتفى لودريان بالقول للصحافيين: 'Quand je parle je parle'.
وكان لودريان قد بدأ زيارته إلى بيروت، مساء الاثنين، بلقاء مع رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أبلغه بأنّ لبنان يرحّب بأي دور فرنسي في إطار لجنة 'الميكانيزم'، رافضًا كذلك الاتهامات التي تدّعي عدم قيام الجيش اللبناني بدوره كاملًا.
وكان الرئيس عون أبلغ الموفد الفرنسي في لقائهما الإثنين 'أنّ لبنان يرحب بأي دور فرنسي في إطار لجنة 'الميكانيزم'، يسهم في تحقيق الأهداف الأساسية للمفاوضات التي تجري في إطار هذه اللجنة، والتي تهدف إلى وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الجنوبية، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وتصحيح النقاط العالقة على الخط الأزرق'.
وأكد عون، بحسب بيان الرئاسة اللبنانية، أنّ المواقف الداعمة للبنان التي أعلنها دائمًا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعكس عمق العلاقات اللبنانية – الفرنسية المتجذرة في التاريخ، والتي نحرص على تطويرها في المجالات كافة.
وشرح عون للموفد الرئاسي الفرنسي المعطيات التي أدت إلى تفعيل اجتماعات لجنة 'الميكانيزم'، وتولّي السفير السابق سيمون كرم رئاسة الوفد اللبناني، مشيرًا إلى أنّ الاجتماع المقبل للجنة في 19 كانون الأول الحالي، يُفترض أن يباشر البحث في النقاط المطروحة، وفق الأولويات المحددة، وقال: 'موقفنا من تحريك اجتماعات 'الميكانيزم'، يعكس رغبتنا في التفاوض لإيجاد حلول دبلوماسية لأنّنا لا نريد مطلقًا اعتماد لغة الحرب، ولعلّ ردود الفعل الإيجابية التي تلت موقف لبنان من الدول الشقيقة والصديقة، تعني التأييد لهذه الخطوة، وتخفف حتمًا الضغط الذي كان سائدًا مع استمرار القصف ضد لبنان'.
وجدّد الرئيس عون رفضه للاتهامات التي تدّعي عدم قيام الجيش اللبناني بدوره كاملًا في جنوب الليطاني، وقال إنّ هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.
وأشار عون إلى أنّ القوات الإسرائيلية تواصل تدمير المنازل والممتلكات ولا تفتح المجال أمام الجيش و'اليونيفيل' ولجنة 'الميكانيزم' للتأكد من خلوّها من العناصر المسلحة. وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على التنسيق الكامل القائم بين الجيش واليونيفيل، لافتًا إلى ضرورة توفير العتاد والتجهيزات الضرورية ليتمكّن الجيش من تنفيذ المهام الموكلة إليه والتي لا تقتصر فقط على جنوب الليطاني، بل تشمل كل الأراضي اللبنانية. ولفت الرئيس عون الوزير السابق لودريان إلى أنّ لبنان يؤيد أي تدقيق تقوم به لجنة 'الميكانيزم' في الإجراءات المطبقة في جنوب الليطاني، وفق قرار مجلس الأمن 1701.
وكان لودريان نقل في مستهل الاجتماع إلى عون دعم الرئيس ماكرون للخطوات التي اتخذها بتسمية السفير كرم لرئاسة الوفد اللبناني إلى المفاوضات وتفعيل عمل لجنة 'الميكانيزم'، مؤكداً أنّ بلاده تقف دائمًا إلى جانب لبنان في خياراته الوطنية، وتدعم كل ما من شأنه أن يحقق أمنه واستقراره.
كما استقبل بري لودريان والوفد المرافق، في حضور السفير الفرنسي لدى لبنان هيرفيه ماغرو. وتناول اللقاء الذي استمر أكثر من ساعة، بحسب بيان صادر عن رئاسة البرلمان، تطورات الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والميدانية في ضوء مواصلة إسرائيل لاعتداءاتها على لبنان، إضافة للعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.
وأفاد بيان للجيش اللبناني بأنّ العماد هيكل استقبل لودريان على رأس وفد مرافق، و'جرى عرض آخر التطورات في لبنان والمنطقة وسبل دعم الجيش في ظلّ التحديات الراهنة'.
كما التقى لودريان، الاثنين، وزير الخارجية يوسف رجّي، مشدّدًا على 'أهمية إيجاد آلية تُتيح التحقق من مدى التقدم المحرز فعليًّا لحصر السلاح في يد الدولة'.
وقال إن 'هدف زيارته الاطّلاع على الموقف اللبناني قبل الاجتماع الثلاثي المرتقب عقده، الأسبوع المقبل، في باريس بين فرنسا والولايات المتحدة والسعودية، تحضيرًا للمؤتمر المنتظر لدعم الجيش اللبناني، ودعم خريطة طريق لتثبيت وقف إطلاق نار طويل الأجل'.











































































