اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
ليس الفخر ألّا نسقط بل أن ننهض كلما سقطنا!...
تتلوّن الحياة فتراها وردية زاهية باسمة تبعث في النفس ميت الآمال وتحيي الرغبة فيها والتنعّم بها أو تراها ظلالا قاتمة تسلبنا البهجة وتبعث في نفوسنا الكآبة والملل لما قد نصادفه على مسرحها من أشواك وعثرات وتيارات تهب في طريق صعودنا فتوقفنا حيث نحن، أو ترجعنا إلى النقطة التي بدأنا منها أو أبعد منها، فنحيا ساعة الفشل بكل ما تحمله من مرارة وظلام وقسوة على النفس والجسد فتورثه السقام. ويستبدّ الضعف ببعض الناس في مثل تلك الحالات، وتخونه ثقته بنفسه وتخور عزيمته فيستسلم لذلك الواقع الأليم فتشلّ حركته ويصبح عبدا طائعا لليأس وهو أقوى ما يدمّر الروح البشرية فيسيطر على تفكير المرء ويثبط همّته إلى أن يجعله ليس أكثر من كتلة لحم لا تعرف من مقومات الحياة إلّا طعاما وماء وهواء، وكثيرا ما تبعد عندها عنه الحياة!
وقد يدفعه يأسه في النهاية إلى التخلّص حتى من هذه المقومات المادية، ولذا كان الاستسلام لليأس اسوأ ما عرف من خطل الرأي وضعف التفكير وبُعد الإنسان عن جادة الصواب وانحداره إلى الطريق الذي يهوي به إلى الحضيض، بينما يجب على الإنسان أن يواجه الحياة بخيرها وشرّها، وحلوها ومرّها، فلا يضعف أمام الأحداث. فالفشل عند بعضهم يشحذ المقدرة، ويكون سببا للنجاح الهائل، بدلا من الاستسلام للهزيمة، ويغيّر للمرء طريقه، فيوضح له معالم الخطأ من الصواب والغث من السمين، ويعرف مواطن ضعفه، فيتعظ بها ويبتعد عنها لئلا يلدغ من جحر مرتين.
وقول أديسون عندما أخفق أربعين مرة «لقد عرفت أربعين طريقا لا تؤدي إلى الصواب»، مأثرة من المآثر، وحافز قوي لدعم قواه، وصمود جبار أمام الصعاب، وهو يحاول اختراع الحاكي فيفشل، ولكن في محاولة أخيرة بلغ ما يصبو إليه وكان «الحاكي» (gramophone)!
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه