اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
نوال أبو حيدر
في إطار متابعة تنفيذ التزامه بتفعيل الهيئة المنظّمة للاتصالات، كما وعد في أول تصريح صحافي له عبر جريدة «اللواء» رغم التشكيك الكبير بخطوة تنقل بموجبها نحو 60% من صلاحياته، ترأس وزير الاتّصالات شارل الحاج اجتماعا في مكتبه حضره أعضاء الهيئة ورئيستها جيني الجميّل، إلى جانب عدد من المدراء العامين وكبار الموظفين في الوزارة. خُصّص الاجتماع لوضع جدول زمني لتسلّم الهيئة الملفات المنوطة بها بعد إعادة تفعيلها رسميا.
وأكد الوزير على ضرورة المباشرة الفورية بعمل الهيئة وتسليمها الملفات تدريجيا. وبعد مناقشات مستفيضة، تقرر إحالة جميع طلبات التراخيص، العالقة والجديدة، إلى الهيئة فورا. كما شكلت لجنة مشتركة من الهيئة والوزارة عملت على مدى يومين، وقدمت برنامجا زمنيا يلزم بتسليم الهيئة جميع الملفات في مهلة أقصاها 14 تشرين الثاني 2025. كذلك، طلب الوزير من جميع كوادر الهيئة الذين تم الاستعانة بهم في الوزارة وهيئة أوجيرو خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية، العودة إلى مراكزهم الأصلية في الهيئة المنظّمة للاتّصالات. ويبقى السؤال الأهم: هل تفعيل الهيئة الناظمة كافٍ لتحرير قطاع الاتصالات من المحسوبيات؟
الهيئة الناظمة عادت!
من هذا المنطلق، تقول مصادر وزارة الاتّصالات لـ «اللواء» إن «الهيئة الناظمة بدأت تأخذ دورها تدريجيا في تنظيم القطاع، فهي الجهة التي تُصدر التراخيص، وتُشرف على سير العمل، والالتزام بتطبيق القانون. عملياً، عادت نحو 60% من صلاحيات الوزير إليها».
القانون... المعيار الضامن
وعن المعايير والآليات التي ستعتمد لضمان فعالية واستقلالية عمل الهيئة بعد تسلّمها صلاحياتها، توضح المصادر أن «القانون يشكّل المعيار الأول والأساس، إذ إنه منح الهيئة استقلالية تامة، سواء من الناحية الإدارية أو المالية. وقد تم تعيين أعضائها من قبل مجلس الوزراء، وفق آلية واضحة وشفافة، ما يعزز الثقة بعملها ويؤمّن الحد الأدنى من الحصانة ضد التدخلات السياسية أو الإدارية. كما أن هذه الاستقلالية تعدّ شرطا ضروريا لتمكين الهيئة من أداء دورها الرقابي والتنظيمي بفعالية».
من هنا، تعتبر المصادر أن «هذا هو جوهر القانون، أي أن القانون وضع أصلا لضمان وجود جهة تنظيمية تشرف على القطاع بعيدا عن الاعتبارات السياسية أو التبدّل الدوري في المناصب الوزارية، وقد يكون هذا سبب تجنّب الوزراء الذين تولوا مهام الوزارة في السنوات الثلاث عشرة السابقة تعيين هيئة ناظمة، إذ ليس من السهل التخلّي عن هذا القدر من الصلاحيات».
ماذا عن تطوير الكوادر؟
وعن تطوير الكوادر في الهيئة، ترى أنها «مسؤولية أساسية تقع على عاتق الهيئة نفسها، إذ يفترض أن تضع خططا واضحة للتدريب والتأهيل المستمر، بما يضمن رفع كفاءة العاملين ومواكبتهم لأحدث التطورات التقنية والإدارية في قطاع الاتصالات».
فصل جديد في إدارة الاتصالات؟
من جهة أخرى، تشدّد المصادر نفسها على أن «نقل 60% من صلاحيات وزير الاتصالات إلى الهيئة الناظمة يُعدّ تحوّلا جوهريا في نمط إدارة قطاع الاتصالات في لبنان. فبدلا من أن يمسك الوزير بكامل مفاصل القرار، تتجه الأمور نحو نموذج أكثر مؤسساتية واستقلالية، تمارس فيه الهيئة الناظمة دوراً رقابياً وتنظيمياً مستقلا عن السلطة التنفيذية المباشرة».
وتتابع: «ما يجب أن ندركه اليوم هو أن الوزير الحالي قد تنازل طوعا عن سلطات لم يعد يمتلكها، بعد أن عادت الصلاحيات فعليا إلى يد الهيئة الناظمة. وهذا بحد ذاته يعتبر حدثا استثنائيا في الحياة الإدارية والسياسية في لبنان، حيث جرت العادة على تمسّك الوزراء بصلاحياتهم، بل أحيانا توسيعها، لا التخلّي عنها».
تحوّل إيجابي؟
وفي تقييم ما إذا كان هذا التحوّل إيجابيا أم سلبيا، توضح المصادر بأنّه « أمر إيجابي، لأنه يعزز الحوكمة الرشيدة ويسهم في حماية القطاع من التسييس، كما يفتح الباب أمام بناء مؤسسات قائمة على الكفاءة، لا على الولاءات».
الهيئة... شرط الإصلاح؟
وأمام كل تلك المعطيات، تشرح المصادر أن «إعادة تفعيل الهيئة الناظمة ومنحها دورها الكامل ليس مجرد إجراء تقني، بل هو خطوة إصلاحية أساسية طال انتظارها. فلبنان، الذي يعاني من اختلالات بنيوية في مؤسساته، بحاجة ماسة إلى هيئات مستقلة وفعالة، تعمل وفق منطق الدولة. إذ تُعدّ الهيئة الناظمة لقطاع الاتصالات واحدة من الشروط الأساسية التي يطالب بها المجتمع الدولي في إطار دعم مسار الإصلاح في لبنان، سواء من قبل صندوق النقد الدولي أو الجهات المانحة».











































































