اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٨ أيلول ٢٠٢٥
كتب مرسال الترس في 'الجريدة'
ليس مستغرباً على اللبنانيين مطلقاً ماذا يطلب ـ أو يفرض ـ هذا الموفد الأميركي أو ذاك. ففي ذاكرة اللبنانيين، في الخمسين سنة الأخيرة من عمر الوطن على الأقل، العديد من المقترحات واللحظات المؤلمة التي عملوا على “بلعها”، أو التي ما زالت تنكأ جراحهم حتى العظم!
فالموفد الأميركي دين براون، الذي زار بيروت عام 1976 والتقى رئيس الجمهورية آنذاك سليمان فرنجية وأعضاء “الجبهة اللبنانية”، حمل في جعبته اقتراحاً بترحيل المسيحيين إلى كندا، مطمئناً إياهم أن السفن جاهزة في عرض البحر لإتمام المهمة!
وفي العام 1982 غطى الموفد الأميركي فيليب حبيب اجتياح جيش الاحتلال الاسرائيلي العاصمة بيروت وترتيبها لإنتخاب رئيس للجمهورية موالٍ لها، ومن ثم ترحيل المسلحين الفلسطينيين عن بيروت إلى تونس قبل وقوع مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا الغنية عن التعريف!
واللبنانيون لا يمكن أن ينسوا العبارة الشهيرة للموفد الأميركي ريتشارد مورفي في أواخر ثمانينيات القرن الماضي حين قال بعد اتفاق مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد “إما مخايل الضاهر أو الفوضى”، وهي الاشارة لمجلس النواب كي ينتخب الضاهر رئيساً للجمهورية، فلم يُنتخب الضاهر وعمّت الفوضى!
ومنذ أسابيع قليلة أطل على اللبنانيين الموفد الأميركي توم براك من على منصة قصر بعبدا تحديداً، وحذّر الاعلاميين من “التصرفات الحيوانية” التي قد تجبره على مغادرة القاعة غير آسف على تعابيره الفظة!
وفي هذه المرحلة، تعود الموفدة مورغان أورتاغوس، التي كان لها صولات وجولات في عدم احترام خصوصية عداوة الدولة اللبنانية للكيان الصهيوني، متأبطة ذراع قائد القيادة الأميركية الوسطى، وكأنها توجه التهديدات للبنانيين، لأن القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء اللبناني حتى الآن لا ترقى إلى المستوى التي تطمح له في نزع سلاح المقاومة في أسرع وقت ممكن، والعبور نحو “تطبيع ما”.
هذا ما هو ظاهر على الأقل، فيما أن المخفي في جعبتها لا يمكن أن يدركه عقل لبناني متزن، في حين أن إدارتها في واشنطن لا تتورع عن توجيه التهديدات بشكل شبه يومي إلى قادة لبنان بوجوب “تنفيذ المطلوب” من دون أي تباطؤ.. وإلاّ فإن “الويل والثبور وعظائم الأمور” ستتوالى. ومنها على سبيل المثال ربما، اطلاق يد العدو في “ما يراه مناسباً” على الأراضي اللبنانية، ولا سيما أن جزءاً مهماً منها يندرج ضمن خرائط “إسرائيل الكبرى” التي يطمح بنيامين نتنياهو أن يحققها في ولايته!