اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٢ حزيران ٢٠٢٥
يواصل الذهب تداولاته قرب مستوى 3,340 دولارات للأونصة في نطاق ضيّق من التماسك، في وقت يترقّب فيه المستثمرون حول العالم صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) في الولايات المتحدة اليوم. وتُعتبر هذه القراءة التضخميّة الحدث الأبرز لهذا الأسبوع، نظرًا إلى قدرتها على تحديد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيديرالي وتحريك الأسواق المالية، ولا سيما أسعار الذهب.
تقرير التضخم تحت المجهر اليوم
من المتوقع أن يُظهر تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لشهر مايو ارتفاعًا بنسبة 0.2% على أساس شهريّ في المؤشر العام، في حين يُتوقع أن يبقى المؤشر الأساسي (الذي يستثني الغذاء والطاقة) عند 0.3% على أساس شهريّ. وعلى أساس سنويّ، تُشير التقديرات إلى ارتفاع المؤشر العام بنسبة 2.5%، وهو ما يزال أعلى من هدف الفيديرالي البالغ 2%. وفي ظلّ اعتماد سياسة الفيديرالي بشكل أساسيّ على مسار التضخم، تكتسب بيانات اليوم أهمية بالغة.
فإذا جاءت القراءة أقوى من التوقّعات، فقد يؤدّي ذلك إلى تأجيل خفض أسعار الفائدة واستمرار ارتفاع العوائد الحقيقية، ممّا قد يُضعف جاذبية الذهب. أمّا إذا جاءت القراءة أضعف من المتوقّع، فقد تعزّز التوقّعات بخفض الفائدة في أيلول/سبتمبر، مما يدعم الذهب كأصل آمن لا يدرّ عائدًا.
ضغوط تضخمية هيكليّة مستمرّة
بعيدًا عن الأرقام المجرّدة، لا تزال الضغوط التضخمية الهيكلية حاضرة، خصوصًا بفعل عاملين رئيسيين: تصاعد التوترات التجارية، والتوسع المالي الأميركي المستمرّ.
فقد شهدت العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين تصعيدًا جديدًا، مع فرض رسوم جمركية إضافية وقيود على الصادرات الاستراتيجية، مما أثار مخاوف بشأن 'التضخم المستورد'. وقد تبدأ الشركات بتمرير ارتفاع التكاليف إلى المستهلكين، مما يزيد من التماسك السعريّ في قطاعات رئيسية مثل الإلكترونيات والسيارات والمكونات الصناعية. ويُعدّ هذا النوع من التضخم المرتبط بالرسوم الجمركية أصعب في المعالجة عبر أدوات السياسة النقدية، بل قد يُؤخّر أيّ تحول تيسيريّ من الفيديرالي.
في الوقت نفسه، تُثير مستويات الإنفاق الحكومي والعجز المرتفعة قلقًا متزايدًا بشأن التضخم على المدى الطويل. فالحكومة الأميركية مستمرة في نهج توسعيّ يشمل حزم بنية تحتية واستثمارات في الطاقة النظيفة وزيادة في الإنفاق الدفاعي، وهو ما يُبقي الطلب الكلي مرتفعًا ويدفع تكاليف الاقتراض إلى الأعلى. ونتيجة لذلك، بقيت عوائد سندات الخزانة مرتفعة نسبيًا، رغم بعض مؤشرات التباطؤ في سوق العمل والإنفاق الاستهلاكي.
كل هذه العوامل تخلق بيئة معقدة، يمكن أن تؤدي فيها حتى مفاجأة طفيفة بصعود التضخم إلى إعادة تسعير حادة لتوقعات خفض الفائدة، وبالتالي الضغط على الذهب. في المقابل، فإن قراءة ضعيفة لمؤشر CPI قد تُشكّل نقطة تحول إيجابية للذهب، خاصة إذا ترافقت مع إشارات أخرى تدعم خفض الفائدة في الربع الثالث من عام 2025.
أبرز البيانات الاقتصادية الأخرى هذا الأسبوع
بعد صدور بيانات التضخم اليوم، تتجه أنظار الأسواق نحو مجموعة من المؤشرات الاقتصادية الأميركية المرتقبة خلال الأيام المقبلة، والتي قد يكون لها تأثير مباشر على توقعات السياسة النقدية، وبالتالي على تحركات الذهب. ففي يوم الخميس 12 حزيران/يونيو، سيجري الإعلان عن مؤشر أسعار المنتجين (PPI)، وهو مقياس رئيسيّ للتضخّم على مستوى الجملة. وإذا جاءت القراءة أقلّ من المتوقع، فقد تعزّز من السرديّة التي تشير إلى تباطؤ الضغوط التضخمية، مما يدعم احتمالات خفض الفائدة ويمنح الذهب مزيدًا من الزخم. أما إذا جاءت النتائج أعلى من التوقعات، فقد تعزّز المخاوف من استمرار التضخم، مما قد يؤدي إلى تراجع شهيّة المستثمرين تجاه الذهب.
في اليوم ذاته، تصدر بيانات طلبات إعانة البطالة الأسبوعية، التي تُعد مؤشرًا لحظيًا على صحة سوق العمل. أي ارتفاع ملحوظ في عدد الطلبات قد يُفسَّر على أنه إشارة إلى ضعف تدريجي في سوق العمل، مما من شأنه أن يدعم وجهة النظر الداعية إلى خفض الفائدة، وهو ما يُعتبر عاملًا إيجابيًا لأسعار الذهب.
أما يوم الجمعة 13 حزيران، فستُصدر القراءة الأولية لمؤشر ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغان، والذي يُقاس من خلال تقييم الأسر الأميركية للظروف الاقتصادية الراهنة وتوقعاتها المستقبلية، بما في ذلك التوقعات التضخمية. إذا استمر ضعف ثقة المستهلكين أو ارتفعت توقعاتهم للتضخم، فقد يدفع ذلك المزيد من المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن يحمي من تآكل القوة الشرائية وتقلبات الأسواق.