سمير الخطيب… مسيرة حافلة بالانجازات تخطت حواجز الطائفية

في الرابع والعشرين من آذار، أي يوم الأحد الماضي، زرت ووفد من أعضاء اللجنة التنظيمية لدوري مزبود لكرة القدم، ضريح المهندس سمير الخطيب في بلدة مزبود، لمناسبة الذكرى السنوية الأولى لوفاته، حيث وضعنا اكليلاً من الزهر على ضريحه، بحضور أفراد عائلته، التي تمثلت بزوجته السيدة أدال وابنيه المهندسين زياد ورجا.

تأملنا قليلاً في ما أعطاه هذا الرجل المحب لبلدته وأبنائها، ولمنطقته ولبنان ككل. هذا الرجل الناجح بكل ما للكلمة من معنى، وهو ما ظهر في النجاح الكبير والمستمر لشركة 'خطيب وعلمي'.

الخطيب كان الداعم الإنمائي الأول، ولم يفرق بين منطقة وأخرى، وبين طائفة أو مذهب.

كان محباً للرياضة، وداعماً أول لها، اذ لم يكن هناك أي نشاط رياضي على أنواعه في الاقليم، الا وكانت له بصمة فيه، كان همه دعم الشباب، وتحييدهم عن الآفات والمشكلات التي يواجهونها.

هذا ليس أمراً غريباً عن الخطيب الذي يصفه كثر ممن يعرفونه بصاحب الأيادي البيض. ويستذكرونه بالحسنى ويترحمون عليه، وهنا لا نتحدث عن أبناء جلدته وحسب، بل ان أعماله وأفعاله تجاوزت الإقليم وقريته مزبود، لتغطي لبنان كله.

رجل دولة

الكاتب والصحافي أحمد منصور، الذي رافق الخطيب في كل عطاءاته، يشير في حديث لموقع 'لبنان الكبير' الى أنه 'رحل تاركاً مسيرة طويلة وحافلة بالإنجازات والمشاريع والأعمال والعطاءات والطموحات والعلاقات التي تخطت حدود الوطن، لتصل الى العالم أجمع على الخريطة الدولية والعربية. ويوم وفاته في 25 آذار سيبقى رمزاً لشخصية محبوبة، لعبت دوراً محورياً ومهماً، ووطنياً بامتياز، في لبنان والعالم العربي'.

هذا ما يشدد عليه رئيس جمعية 'معاً نرقى بمزبودنا' عبد الله عبد الرحيم، معتبراً أن الراحل 'خسارة كبيرة للجمعية ولمزبود والمنطقة ككل، كان انساناً لا يمكن حصره في ضيعة أو إقليم أو مدينة، بل كان على صعيد الوطن ككل رجل معطاء، لم يكن محصوراً بطائفة ولا حتى بلون'.

ويؤكد منصور أنه 'كرّس حياته للنهوض والتنمية في لبنان والدول العربية، هندسياً وإعمارياً واجتماعياً، وكانت له مواقع مهمة وشبكة علاقات واسعة مع مختلف الشخصيات والقيادات في لبنان والعالم العربي، والتي وضعت بشخصه الثقة التامة وطرح اسمه لتشكيل الحكومة في لبنان للخروج من أزمته في العام 2019، لكن لم يحالفه الحظ. واستكمل مسيرته بكل اندفاع وتصميم وثبات'.

معطاء

رئيسة 'جمعية الشوف للتنمية' ومديرة مركز المطران مارون العمار للرعاية الصحية الأولية الدكتورة دعد القزي تقول لـ 'لبنان الكبير': 'كانوا يسمونه في المركز بدولة الرئيس، ولا كلمات تصف هذ الرجل الكبير أو تفيه حقه، وهو خسارة كبيرة للإقليم ولبنان، فكان دائماً يقول لنا شو بدكن لساعدكن'.

وعن اللقاء بالخطيب، توضح القزي أن 'التعارف كان بعد الدعوة الى افتتاحية مستوصف المطران مارون العمار قبل أن يتحول الى مركز رعاية صحية أولية، هو من قال لنا انه سيقف الى جانبنا وسيدعمنا بصورة دائمة، فكان هو المبادر ولوهلة لم أصدق، الا أنه بعد فترة أرسل مبلغاً من المال، وأصبح كل فترة يرسل مبلغاً، وعند قيامنا بأي مشروع كان يساعدنا فيه ولم نطلب منه مرة، بل كان هو السباق الى تقديم المساعدة من دون الطلب. حتى قبل وفاته بأسبوع أو 10 أيام أرسل لنا مبلغاً من المال بعدما عرف أننا نحضر لشيء في المركز. كنا نقول له انها جمعيته ويقول لنا انه يعلم وسيبقى يهتم بها'.

أما عبد الرحيم فيشير الى أن الخطيب في أول زيارة له، 'عرفناه على الجمعية وأهدافها، انفتح قلبه لنا واعتبر نفسه الراعي الدائم، ومن يومها في أي نشاط، كان هو الداعم الأول لنا، منذ ما قبل 2019 يوم لم تكن هناك أزمة اقتصادية. بعد 2019 والأزمة وتغير نمط اللبناني ومجرى حياته، وبعد معاناة الناس خصوصاً بعد كورونا، تفاعلنا كجمعية مع الأزمات، وتم انشاء خلية للأزمة، وكان الأستاذ سمير الداعم الأول. فتحولنا من النمط الترفيهي الى النمط التوعوي والصحي والعمل الخيري تناسباً مع ظروف البلد، وكان أيضاً هو الداعم الأول، فكان على اطلاع على ظروف المنطقة'.

منفتح

يصف منصور في حديثه لـ 'لبنان الكبير' الخطيب بأنه 'لم يكن شخصاً عادياً، كان رجلاً على مستوى دولة، طيب القلب، لم يعرف الحقد والتعصب والتقوقع والانعزال، كان جامعاً ومحباً للجميع، تفتخر به منطقته وأهله وبلدته، وشخصية مميزة، تخطت كل حواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية'، لافتاً الى أنه 'ابن المؤسسة الكبرى، شركة خطيب وعلمي التي أسسها المهندس الراحل منير الخطيب، الذي أحبّه، وكان نموذجاً في الإنسانية والعمل، حتى وصلت الشركة الى أعلى المراتب المتقدمة محلياً وعربياً ودولياً'.

وتروي القزي أنها طلبت منه في احدى المرات الحضور الى احتفال للجمعية وكان المطلوب حضور أسماء قليلة لكثافة الضغط، فقال لها انه مشغول، لكنه لبى طلبها وكان أول الحاضرين، وذلك لأنه 'بي' الجمعية. وتصفه بأنه 'من أعمدة جمعية الشوف للتنمية وطلب أن يكون مقعده بالقرب من المطرانين لأنه كان منفتحاً وعلى علاقة قوية بالمطارنة'.

أما عبد الرحيم فيتحدث عن اتصال جرى بينه وبين المرحوم الخطيب قبل 10 أيام من وفاته، وقال له انه متعافٍ وجيد ومتعطش لمعاودة العمل مع الجمعية من أجل الناس، فهو كان محباً ويعطي التوجيهات كما الأب لأبنائه.

المسيرة مستمرة

يختم منصور حديثه لموقع 'لبنان الكبير' بالقول: 'نفتقد هذا الرجل الكبير، الذي لم تفارق البسمة وجهه، كان محوراً للتلاقي والوحدة الوطنية والعيش المشترك، سيبقى مثالاً للوطنية والإنسانية. وعلى الرغم من غيابك أستاذ سمير، وكما يقال من خلّف ما مات يبقى حضورك ماثلاً أمامنا، من خلال نجليك المهندسين زياد ورجا والعائلة، وتبقى الآمال معقودة على متابعة مسيرتك التي أرسيتها ووضعت خريطة الطريق لها'.

ويترحم عبد الرحيم على الخطيب، آملاً أن يكون ابنه مثله وأفضل 'لأن شخصية كهذه تترك أثراً وفراغاً كبيراً. ونتمنى أن يتمكن من حمل هذه الراية والمضي بها'. ويضيف: 'لا أتخيل أي شخصية عظيمة أن تقوم بما قام به هو وأمثال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فمن الرائع والجميل أن يكون للإنسان أثر وتاريخ جميل يذكر به ويترك بصمة على الأرض'.

وتكشف القزي في الختام عن أنهم كانوا في صدد التحضير مع المرحوم لتشييد مركز علاج فيزيائي يحمل اسمه قبل وفاته، و'الآن نعد له مع أبنائه وهم على دربه سائرون، وافتتاحيته أصبحت قريبة، فالأستاذ سمير الخطيب كان شخصاً إنسانياً ومتواضعاً جداً ومحباً'.