اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٥ تشرين الأول ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
انتهت مهلة ترامب بشأن بدء وقف إطلاق النار والاستدارة لتطبيق حل النقاط التي كانت ٢١ ثم أصبحت عشرين نقطة تبدأ بنقطة إطلاق حماس لسراح كل الأسرى الإسرائيليين لديها الأحياء والأموات بخلال ٧٢ ساعة.
تقول حماس أنها قد تحتاج لبعض الوقت الإضافي لترتيب عملية إطلاق كل الأسرى لديها. ومن ناحيته نتنياهو قال ليلة أمس أنه أرسل مفاوضين إلى القاهرة ليتحدثوا بموضوع واحد وتقني وهو تنفيذ البند الأول من مبادرة ترامب والمتضمن حصراً إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين فوراً. ولوحظ أن الإعلام الإسرائيلي ركز على نقطتين إثنتين في هذا السياق؛ قالت الأولى أن ترامب لن يتسامح مع أي مماطلة تبديها حماس في عملية إطلاق الأسرى؛ والثانية كشفت أن نتنياهو أرسل إلى القاهرة وفداً للتفاوض بالواسطة مع حماس مؤلفاً من أشخاص تابعين له بشكل وثيق.
ويبدو واضحاً انطلاقاً من غير إشارة أن كلاً من ترامب ونتنياهو يريدان أن يبدأ الفصل الجديد من مرحلة ما بعد حرب غزة بعرض مشهد أساسي وهو إطلاق الأسرى الإسرائيليين؛ ذلك أن هذه الورقة بنظر واشنطن وتل أبيب تشكل آخر ورقة ضغط تملكها حماس على إسرائيل؛ وبالتالي فإنه بعد نزعها منها ستصبح حماس 'عاطلة عن العمل في غزة' ودائماً حسب التصور والسيناريو الأميركي – الإسرائيلي.
وفي هذه الحالة ستفتح الستارة على المشهد الثاني الذي سيتم تركيز الأضواء عليه، والذي سيظهر بداية دور الهيئة الدولية في تولي إدارة غزة وذلك برئاسة طوني بلير والذي سيكون مساعده الأساس من وراء الستارة كوشنير صهر الرئيس الأميركي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا تريد الهيئة القضائية في غزة ومن غزة؛ وما هي الخلفيات الكاملة لمقترح ترامب الذي صاغ فلسفته طوني بلير؟؟.
يوم ٧ آب الماضي جرى اجتماع في البيت الأبيض ضم إلى ترامب مبعوثه إلى المنطقة ويتكوف والوزير المقرب من نتنياهو ديرمر (وهو وزير الخارجية فعلياً) وطوني بلير وكوشنير؛ وآخرين لهم صلة بملف غزة وكل المنطقة.
وقالت قناة ١٢ العبرية حينها أن الاجتماع ناقش ثلاثة ملفات:
١- ملف غزة ومقترح طوني بلير (الذي أصبح الآن اسمه مقترح ترامب).
٢- ملف المنطقة لجهة التطورات الجيوسياسية الساخنة فيها وتأثيراتها من مختلف الجوانب.
٣- كشفت قناة ١٢ – وهذا أمر هام للبنان – أن النقاش لم يقتصر فقط على غزة بل أيضاً وبالأخص تناول وضع لبنان.
ومن هنا يمكن التوقع بكثير من الثقة أن مقترح ترامب في غزة له تتمة في لبنان؛ وعليه يمكن وضع التصور التالي المحتمل لتطور الأحداث في المدى المنظور والمتوسط المقبل:
المرحلة الأولى التي نحن في خضمها الآن ستركز حصراً على إعادة الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات إلى عائلاتهم.. وهنا سيقول ترامب للايباك أنه نجح في إنهاء ما يسميه 'المأساة الإسرائيلية' التي لم يستطع أحد قبله حلها.. وسيقول لنتنياهو أنه أرغم حماس على إطلاق الأسرى دفعة واحدة.. ولكن بالمقابل صاغ بلير عملية التوازن التي تسمح باتمام صفقة الأسرى على هذا النحو السريع، وذلك من خلال جعله المقترح يتضمن بنداً حول عدم تهجير الغزاويين من غزة؛ وهذا البند تم وضعه للضغط على حماس للموافقة على إنهاء الحرب وإطلاق الأسرى طالما هذا يخدم بقاء الغزاوي في أرضه وطالما هذه الخطوة مرتبطة ولو نظرياً فقط بعدم تهجير الغزاويين وهو الهاجس الأكبر للشارع الشعبي الفلسطيني.
يلاحظ هنا أن مطالب نتنياهو في الوثيقة المدعومة من ترامب جرى إحاطتها ببعض مناخات المناورة التي هي من صناعة طوني بلير، والتي تم وضعها كي ترضي الفلسطينيين وتجعل حماس تواجه إحراجاً فلسطينياً في حال لم توافق على مطالب مقترح ترامب.
.. وبهذا المعنى فإن مبادرة ترامب هي ثلاثة أجزاء:
٦٥ بالمئة منها هي من صناعة نتنياهو الذي اجتمع مع كوشنير وويتكوف ٦ ساعات لإجراء تعديلات على النسخة الأولى التي وافق عليها الزعماء الستة العرب والمسلمين في لقائهم مع ترامب الذي دام أقل من ساعة..
٣٠ بالمئة من الوثيقة هي من صناعة اللقاءات التي جمعت في بداية المسار كل من ترامب وبلير ومعهما فريق عمل المنطقة، ولاحقاً جمعت ترامب بالزعماء العرب والمسلمين ليعرض عليهم الوثيقة التي صاغها مع بلير وفريقيهما؛ ويعرف هذا القسم من المبادرة باسم قسم المبادئ؛ أي عناوين الحل..
بقي الجزء الثالث وهو خمسة بالمئة فقط؛ وتم في هذا الجزء مراعاة الجانب الفلسطيني؛ حيث كشف أكثر من قيادي في حماس أن الحركة لم تطلع على المبادرة قبل إعلانها وأن الحركة استلمت في نهاية الأمر مبادرة مختلفة عن تلك التي سلمها ترامب للعرب والمسلمين الذين التقاهم في البيت الأبيض.
وبالخلاصة يمكن القول أن كل مسرح أحداث المنطقة خلال هذا الشهر سيكون مركزاً على فعاليات تحرير الأسرى الإسرائيليين. وهنا سيضغط ترامب من أجل عدم حصول أي حدث يشاغب على نقل صورة إنجازه العظيم هذا إلى كل العالم. وبهذا المعنى فإنه يتوقع أن تشهد المنطقة خلال هذا الشهر 'صفر أحداث عسكرية صاخبة'؛ كون العم سام يريد أن يتصدر مشهده ويتقدم على كل المشاهد الأخرى.
المرحلة الثانية يتوقع أن تبدأ ارهاصاتها مع نهايات هذا العام على أن تشتد رياحها مع بداية ٢٠٢٦؛ ومضمونها هو إخراج حماس من غزة بالتزامن مع تمكين الهيئة الدولية من البدء في إدارة شؤون غزة.. وفي هذه المرحلة سوف يتم تركيز الضوء على حركة مكوكية لطوني بلير يقوم بها على الدول العربية والإسلامية الكبرى بهدف ترتيب اتفاق منسق حول الوضع الأمني الجديد في غزة الذي ستكون سمته 'ناقص حماس' من جهة؛ وأن لا يكون فيه من جهة ثانية سوى دور رمزي للسلطة الفلسطينية.
هذه المرحلة يفترض أن تنتهي بأقصى سرعة؛ لأن بلير سيعتمد في تمريرها على معادلة استخدام عصا ترامب حتى تقبل المنطقة جزرته.
المرحلة الثالثة وستكون متداخلة مع المرحلة الثانية في أجزائها التمهيدية، ستتعلق بإظهار أن هناك صلة بين حركة بلير في غزة وحركة اللجنة الخماسية في لبنان؛ ذلك أن هناك معلومات تقول أن مبدأ نزع سلاح حماس سيقابله طرح مبدأ نزع سلاح حزب الله في لبنان. وهنا تجدر العودة لتقرير قناة ١٢ العبرية تعليقاً على اجتماع البيت الأبيض يوم ٧ آب الماضي الذي كان نجمه طوني بلير؛ حيث قال هذا التقرير: إن اجتماع بلير وترامب في البيت الأبيض لم يناقش المجتمعون خلاله فقط وضع غزة بل ناقشوا أيضاً وضع المنطقة وخاصة الوضع في لبنان.