اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ١٩ تموز ٢٠٢٥
تُعدّ البطالة في لبنان، من أبرز التحديات التي تواجه البلد في السنوات الأخيرة، حيث باتت تؤرق فئة واسعة من اللبنانيين، خصوصًا الشباب والخريجين الجدد. وبينما يُحمّل البعض أزمة نقص الوظائف كامل المسؤولية، فإنّ واقع الأزمة الاقتصادية والاجتماعية يشير إلى أنّ جذور البطالة أعمق وأكثر تعقيدًا.
وصحيح أنّ تراجع فرص العمل المتاحة في السوق اللبناني يشكّل عاملًا أساسيًا في ارتفاع نسبة البطالة، إلا أن هذه الأزمة لا يمكن اختزالها فقط في جانب الوظائف. فالبطالة في لبنان هي نتاج تراكمات اقتصادية وسياسية طويلة، من سوء الإدارة المالية العامة، وغياب السياسات التنموية، إلى الفساد المستشري داخل مؤسسات الدولة. أضف إلى ذلك هجرة رؤوس الأموال والشركات بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي، والانكماش الاقتصادي وانخفاض الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما أنّ تدهور النظام التعليمي وضعف ربطه بحاجات سوق العمل ساهم في خلق فجوة بين المؤهلات المتوافرة والكفاءات المطلوبة، ما زاد من تعقيد الأزمة. وعليه، فإن معالجة البطالة في لبنان تتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرّد خلق وظائف، لتشمل إصلاحات بنيوية في الاقتصاد والتعليم والإدارة العامة.
تشجيع الإنتاج الوطني
يشرح الخبير المالي الدكتورعماد عكوش، في حديثه للدّيار 'الأزمة فعليًا تعود لعام 2019، نتيجةً لانهيار البنيوي للدّولة، قوّة العملة الأجنبية وتراجع القطاع العام بما يقدمه من خدمات ومنافع اجتماعية مثل التعليم وغيرها. بالاضافة إلى غياب الخطط للصعود بالاقتصاد الإنتاجي وغياب الحوافز التي تشجع على نشوء بيئة سليمة للاستثثمار وجذب المستثمرين. نضيف عليها خلوّ الموازنات من الاعتمادات الاستثمارية. فمثلما نرى دائمًا الموازنات تكون نفقات فقط اجتماعية ورواتب وصيانات وغيره. كل هذه العاومل تؤدي إلى اعتبار أنّ البطالة ليست ظرفية أونتيجة دورة اقتصادية مؤقتة، لكن هي تمثل فشلًا لنموذج الاقتصاد اللبناني والذي يعتمد على الريعية والاستهلاك'.
وعن التحديات، اعتبر د.عكوش أنّه 'طبعًا هناك تحديات كبيرة، منها متعلّقة بالسياسات الحكومية والتي لا علاقة لها بالقوانين المحفّزة والضرائب غير الواضحة والقابلة للتغيير مع أي موازنة، كما نرى لكل موازنة تغييرًا في الضرائب والرسوم. ومنها متعلق بصعوبة الوصول للتمويل. اليوم نحن نرى لبنان خاضعًا لعقوبات غير مباشرة التي تمنع عنه التمويل، وبالتالي تمنع عنه إعادة الإعمار. وبمجرّد أنّ الإعمار ليس موجودًا سيزداد حجم البطالة في البلاد. ومنها له علاقة بارتفاع الكلفة، سيّما في بلدنا لبنان وخاصّةً في ما يتعلق بالطاقة والكهرباء، الدولة شبه متوقفة عن إنتاج الكهرباء إلا بحدود ضئيلة جدًا. بالاضافة الى ارتفاع اليد العاملة وضعف البنية التحتية، أيصًا ما تساهم في ارتفاع الكلفة'. أما التحدي الأخير، فله علاقة بهجرة الأدمغة المستمر'.
وتابع:' بالنسبة للطلاب المشكلة كبيرة، حتّى لو تفوّق الطالب، لم يتوفق في تلبية حاجاته في السوق، ما يؤدّي إلى الهجرة. المسؤولية الاولى تقع على عاتق الدولة، لأسباب كبيرة، منها فشل السياسات الاقتصادية، ضعف التشريع، سوء إدارة القطاع العام، عدم اصدار تشريعات لها علاقة بتشجيع الانتاج الوطني والحفاظ عليه، غياب الخطة الاستراتيجية، وعدم ربط التعليم بسوق العمل منذ المرحلة المتوسطة'.
وختم:' الحلول كثيرة، ولكن علينا أولًا أن نعالج الأسباب التي ذكرت وأهمها وضع خطة استراتيجية، لتعمل على وضع مشاريع لتشجيع الانتاج الوطني وتحفيزه وحتى لو أدى إلى فرض رسوم جمركية على الاستيراد بنسب معقولة، كما تعمل اليوم الولايات المتحدة الأميركية، الصين.. على فرض رسوم جمركية لتشجيع الانتاج الوطني، تحفيز القطاع الخاص وخفض الضرائب.'