اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
بواقعية سياسية مربوطة بالأحداث الجارية في المنطقة، يطلق النائب وليد البعريني مواقف متمايزة منذ مدة، عن كثير من النواب وعن نواب 'كتلة الاعتدال الوطني' التي ينتمي إليها بطبيعة الحال. تتدرج مواقفه وتندرج في خانة كسر التابوهات، والحديث فوق السقوف العالية، والخروج عن كل التصريحات التقليدية بشأن العلاقات مع إسرائيل أو مع محور الممانعة، التي كان يحرص الكثير من السياسيين لا سيما من سنّة لبنان، عدم الخوض فيها بهذا الشكل العلني.
وتتدرّج مواقف البعريني في الآونة الأخيرة، من المطالبة بالفيدرالية كحل يؤمّن الإنماء للمناطق المحرومة، إلى المطالبة العلنية بنزع سلاح 'حزب الله' كمعبر أساسي لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وصولاً إلى الإعلان عن الموافقة على التطبيع مع إسرائيل، في حال كان ذلك الخيار سيجلب السلام للبنان والمنطقة، ويعيد الأرض ويحقق الازدهار المنشود.
في السياق، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ وليد البعريني تحوّل إلى 'ترند'، وشاعت مواقفه في كل اتجاه وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. وأصبح حديث الصالونات السياسية، وانتقل بسرعة من الوسطية السياسية إلى أبعد خطوط المواجهة، وتقدّم بمواقفه من 'حزب الله' والحرب والسلاح، على نواب المعارضة السنّية حتى على أشرف ريفي إلى وضاح الصادق وفؤاد مخزومي. وبالعودة إلى موقفه الأخير من التطبيع، فقد أحدث انقسامات على الساحتين الشمالية والسنية. ومهما يكن من أمر، فإن الدعوة إلى التطبيع في هذا التوقيت، تجعل البعريني أول شخصية سياسية لبنانية، وتالياً أول شخصية سنية، تأخذ موقفاً بهذا التقدّم في عز الحرب مع إسرائيل.
هذا الموقف، وإن كان قد ترك المجال واسعاً ليعبّر الشارع السني عن رأيه بالتطبيع ومن يطالب به، إلا أنه بلا شك، بات يعبّر عن مزاج سني في لبنان يعتبر أن التطبيع والحل السلمي، بناءً على المبادرة العربية التي انطلقت في قمة بيروت العام 2002، أفضل من الاستمرار في دوامة الحروب التي لم تجلب إلا الدمار، وأعادت لبنان إلى الوراء عشرات السنوات، في حين أن الدول التي ربطت نزاعها مع إسرائيل تشهد ساحاتها تقدماً وازدهاراً في شتى المجالات. وهذا المزاج السني لا يقتصر على لبنان فحسب، إنه مزاج عربي عريض، من مصر إلى الخليج، فسوريا، وصولاً إلى فلسطين نفسها، وما تشهده ساحات غزة من حركة اعتراضية على 'حماس' والمطالبة بوقف الحروب العبثية، التي لم تجلب لفلسطين إلا القتل والتشريد، ولم تؤد بطبيعة الحال إلى عودة الأرض لأصحابها على مدى عقود. هذا المزاج السني يرى أن ما حصل بالمنطقة من متغيّرات بعد 7 أكتوبر لم يكن يتصوّره عقل. والسلام مع إسرائيل قادم لا محالة، والدول الكبرى واضحة في ربط كل مسار المنطقة. فلنذهب إليه بإرادتنا الآن أفضل من أن نذهب إليه مرغمين.
بالمقابل، يؤكد البعريني لـ 'نداء الوطن' أنه بمواقفه يعبّر عن رؤيته الشخصية وليس عن مواقف الكتلة. أما في التوقيت فهو يرى أن 'فلسطين كانت وستبقى القضية المركزية، لكننا نرى ما يحصل في غزة من دمار، ولا نريد للبنان أن يتحوّل إلى غزة ثانية.. التعنّت لا يأتي بالحلول، وعلينا أن نعالج الأمور بعقل وحكمة، وليس بالمزايدات، آخذين بالاعتبار موازين القوى.. هناك مبادرة سلام عربية مطروحة على بساط البحث، جرّبنا الحروب بأجندات غير عربية ورأينا أين وصلت بنا، لنجرّب الوقوف خلف العرب لأن مصلحة لبنان والمنطقة بها'.