اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ٣ نيسان ٢٠٢٥
كتاب جديد باللغة الإنكليزية للكاتب والمفكّر اللبناني حسن عجمي بعنوان 'عِلم التحليل الشمولي'، صادر عن دار 'لامبارت للنشر الأكاديمي'، يحتوي على فصول فلسفية وعلمية عديدة منها تحليل الواقع شمولياً على أنه بناء عقلي واجتماعي وعلمي قابل للتفسير مادياً ومثالياً وبقوانين حتمية واحتمالية مما يوحِّد بين المنظور العلمي للواقع، من جراء أنَّ الواقع بناء علمي، ومنظور العلوم الاجتماعية والإنسانية للواقع، من جراء أنَّ الواقع بناء اجتماعي أيضاً، بالإضافة إلى التوحيد بين المادية والمثالية من خلال اعتبار أنَّ الواقع قابل للتفسير مادياً ومثالياً كتفسير الواقع على أنه متكوِّن من ذرات مادية ومعلومات مجرّدة في آن ٍ معاً.
فصول الكتاب ترمي الى تعريف شمولي للإنسانوية مفاده أنَّ الإنسانوية بناء اجتماعي وأخلاقي وعلمي يتكوّن من الحفاظ على الطبيعة و كلّ الكائنات الحية وتطويرها مما يوحِّد بين الاتجاه الإنسانوي العلمي والاتجاه الإنسانوي الاجتماعي.
لمناسبة صدور كتابه تحدث عجمي لـ 'جنوبية':
ما هي المضامين الأساسية لكتابك الجديد 'عِلم التحليل الشمولي' الصادر باللغة الإنكليزية؟
يتضمن كتابي الجديد 'عِلم التحليل الشمولي' فصولاً عديدة منها تحليل الواقع شمولياً على أنه بناء عقلي واجتماعي وعلمي وقابل للتفسير مادياً ومثالياً وبقوانين حتمية واحتمالية مما يوحِّد بين المفهوم العلمي للواقع (من جراء تحليل الواقع على أنه بناء علمي) ومفهوم العلوم الاجتماعية والإنسانية للواقع (من جراء تحليل الواقع أيضاً على أنه بناء اجتماعي) بالإضافة إلى التوحيد بين المادية والمثالية من خلال اعتبار أنَّ الواقع قابل للتفسير مادياً ومثالياً معاً كتفسير الواقع على أنه متكوِّن من ذرات مادية ومعلومات مجرّدة في آن. أما الجُسيمات ما دون الذرية كالإلكترونات فهي بناءات اجتماعية ورياضية وعلمية التي من الممكن البرهنة على وجودها أو على أنها أدوات ناجحة في تفسير الظواهر بمصطلحات مادية ومجرّدة مما يوحِّد بين المذاهب الاجتماعية والعلمية والرياضية المتنافسة حيال تحليل الجُسيمات فيؤدي بدوره إلى تقديم نظرية شمولية حيال مفهوم الجُسيم ما دون الذري. من المنطلق الشمولي نفسه، العِلم بناء اجتماعي يتكوّن من عملية تصحيح مستمرة ومؤدية إلى صياغة نظريات صادقة وناجحة في تفسير الظواهر الطبيعية وقابلة للاختبار ومفيدة في تطوير المجتمع وتحقيق إنسانية الإنسان مما يوحِّد بين المفهومين العِلمي والاجتماعي للعِلم من خلال تحليل العِلم على أنه بناء اجتماعي متغيِّر وقابل للاختبار. من فصول الكتاب أيضاً تعريف شمولي للإنسانوية مفاده أنَّ الإنسانوية بناء اجتماعي وأخلاقي وعلمي يتكوّن من الحفاظ على الطبيعة و كلّ الكائنات الحية وتطويرها مما يوحِّد بين الاتجاه الإنسانوي العلمي والاتجاه الإنسانوي الاجتماعي.
ما الهدف من وراء طرح عِلم التحليل الشمولي؟ وما فوائد هذا العِلم؟
الهدف الأساس من وراء طرح هذا العِلم هو توحيد المعارف بدلاً من أن تبقى المعارف متجزئة ومنفصلة مما يتضمن تحرير المعرفة من التشتت والتضارب. عِلم التحليل الشمولي تعبير فلسفي و علمي عن وحدة المعارف. من هنا، تتضح فوائد عِلم التحليل الشمولي كفائدة توحيد المعارف فالحصول على إدراك شمولي للمفاهيم والحقائق اعتماداً على الحقول المعرفية والإبداعية المتنوّعة. فالفصل بين الحقول الإبداعية والمعرفية وهم لأنها ليست سوى تعابير عن العقل الإنساني ومشاعر الإنسان والعقل والشعور يشكّلان كينونة واحدة لا تتجزأ. فكما أنَّ للعقل ذكاء وذاكرة للمشاعر ذكاء وذاكرة أيضاً مما يدلّ على اتحاد العقل والشعور.
ما هي الفرضية العلمية التي قدّمتها في كتابك 'الكون المُمتلِىء' الصادر باللغة الأنكليزية؟ وما فوائدها النظرية والعملية؟
تعتبر فرضية الكون المُمتلِىء أنَّ الأكوان الموازية الممكنة موجودة في عالَمنا الواقعي الذي نحيا فيه بدلاً من أن تكون منفصلة عن عالَمنا. فنظرية الأكوان الموازية تقول إنَّه توجد أكوان موازية عديدة ومختلفة في حقائقها وقوانينها الطبيعية و إنَّ هذه الأكوان منفصلة عن عالَمنا. لكن فرضية الكون المُمتلِىء تؤكِّد على أنَّ تلك الأكوان الممكنة والموازية موجودة ضمنياً في عالَمنا الواقعي وبذلك تتنبأ هذه الفرضية بوجود آثار لتلك الأكوان في كوننا الواقعي. ولذلك إن لم توجد آثار لأكوان ممكنة موازية في عالَمنا فحينئذٍ فرضية الكون المُمتلِىء فرضية كاذبة مما يدلّ على إمكانية اختبارها على ضوء ما تتنبأ. وبما أنه من الممكن اختبارها، إذن هي فرضية علمية. تتضمن فرضية الكون الممتلىء أنَّه من الممكن أن تتغيّر القوانين الطبيعية وبذلك من الممكن أن يتحوّل عالمنا إلى عالَم آخر محكوم بقوانين طبيعية مختلفة عما هو سائد حالياً في عالمنا. فبما أنَّ الأكوان الموازية موجودة ضمنياً في عالَمنا الواقعي، إذن من الممكن أن يتحوّل كوننا إلى أكوان موازية أخرى مختلفة عن عالَمنا الحالي مما يتضمن أن تتغيّر حقائق عالمنا وقوانينه الطبيعية. من فوائد هذه النظرية توجيه البحث نحو محاولة اكتشاف أكوان ممكنة وموازية كامنة في عالمنا ومختلفة بحقائقها وقوانينها الطبيعية. و في هذا فائدة عملية ونظرية معاً. تصوير عالَمنا الواقعي على أنه غني بتنوّع أكوانه وقوانينه الطبيعية يدعو إلى استمرار البحث العلمي عن قوانين فريدة وغير معهودة ولكنها سائدة في الأكوان الموازية الكامنة في عالَمنا بالذات. واستمرارية البحث العلمي فضيلة نظرية وعملية كبرى.
هل أبحاثك الفلسفية والعلمية الجديدة مرتبطة بكتاباتك السابقة كالفلسفة الإنسانوية والسوبر حداثة والسوبر مستقبلية؟
تقول السوبر مستقبلية إنَّ التاريخ يبدأ من المستقبل بينما تؤكِّد السوبر حداثة على أنَّ اللامُحدَّد يحكم العالَم. فمثلاً، بالنسبة إلى السوبر مستقبلية، المعاني قرارت اجتماعية تتشكّل في المستقبل مما يجعل المعاني غير مُحدَّدة في الحاضر والماضي تماماً كما تقول السوبر حداثة. و لامُحدَّدية المعاني تدفعنا إلى تحديدها فتمكّننا من أن نكون فعّالين في عملية تحديد معاني المصطلحات والعبارات. وهذه فضيلة أساسية لكلّ من السوبر مستقبلية والسوبر حداثة. وإن كانت المعاني غير مُحدَّدة بل نحن مَن نحدِّدها فحينئذٍ نضمن حرية الإنسان ومحورية الوجود الإنساني مما يعبِّر عن الفلسفة الإنسانوية. هكذا ترتبط أبحاثي الفلسفية فيما بينها وتشكِّل وحدة معرفية متواصلة وغير منفصلة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر السوبر حداثة أنَّ الكون غير مُحدَّد ولذلك النظريات العلمية ناجحة في تفسير الكون رغم الاختلاف فيما بينها كاختلاف نظرية النسبية لأينشتاين القائلة بحتمية القوانين الطبيعية ونظرية ميكانيكا الكمّ القائلة بأنَّ القوانين الطبيعية احتمالية وليست حتمية. فإن كان الكون مُحدَّداً فحينئذٍ لا بدّ من وجود نظرية علمية واحدة ناجحة في وصف الكون وتفسيره. ولكن توجد نظريات علمية عديدة ومختلفة ناجحة في تفسير الكون ووصفه مما يدلّ على أنَّ الكون غير مُحدَّد كما تقول السوبر حداثة. وبذلك ليس من المستغرب أن يكون عالَمنا الواقعي متكوِّناً من كل الأكوان الممكنة والموازية المختلفة، كما تؤكّد فرضية الكون المُمتلِىء، وذلك من جراء لامُحدَّدية الكون. هكذا ترتبط أبحاثي الفلسفية السوبر حداثوية بأبحاثي العلمية الجديدة. فالفلسفة والعلوم تشكِّل حقلاً معرفياً واحداً لا يتجزأ.
ما هو الرابط بين الفلسفة الإنسانوية والقول بوجود الأكوان الموازية في عالَمنا الواقعي؟
بالنسبة إلى الفلسفة الإنسانوية التي عبّرتُ عنها، كل البشر يشكّلون إنساناً واحداً لا يتجزأ وتؤكِّد بذلك على وحدة كل الثقافات والحضارات والمعارف. من المنطلق نفسه، كل الأكوان الموازية الممكنة والمختلفة في حقائقها وقوانينها الطبيعية تشكِّل كينونة واحدة لا تتجزأ ألا وهي عالَمنا الواقعي نفسه لأنها كامنة في عالَمنا. هذا يرينا الرابط الجوهري بين الفلسفة الإنسانوية والقول بوجود الأكوان الممكنة والموازية في عالَمنا. فتوحيد المعارف يتضمن توحيد الموجودات وتوحيد الواقعي والممكن.
هل من الممكن أن تسود الفلسفة الإنسانوية في زمن الصراعات والحروب؟
الفلسفة الإنسانوية ليست فقط ضرورة معرفية بل هي أيضاً ضرورة وجودية فبِها فقط سيتمكّن الإنسان من أن ينجو ويتطوّر. فالمبدأ الأساس للفلسفة الإنسانوية هو الدعوة إلى السلام العالمي على أسس علمية وفكرية منها وحدة كلّ الكائنات و كلّ البشر. فإما أن نرتقي معاً وإما أن نزول معاً. ولكن السلام العالمي يستدعي العدالة الكامنة في الحرية لكلّ فرد والمساواة الاجتماعية والاقتصادية بين كلّ الافراد. بلا حرية ومساواة لن نتمكّن من أن نحيا ونتطوّر فالحياة صيرورة تطوّر مستمرة.