اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يقدم وليد جنبلاط مثلاً حول كيف يمكن إنتاج آلية لتسليم لسحب سلاح الأحزاب والفلسطينيين لمصلحة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية..
قال جنبلاط أنه اتصل بالرئيس جوزاف عون وأبلغه عن مخزن سلاح لحزبه قرب قصره في المختارة؛ فحضر فخامة الرئيس وأخذ السلاح لحساب الدولة.
.. ثم استدرك جنبلاط ليقول أن هذا السيناريو حصل قبل ثلاثة إلى أربعة أسابيع؛ أي ربما قصد القول أنه جرى قبل أن يأتي المبعوث الأميركي توماس باراك إلى بيروت مع ورقته التي شاع أنها تتضمن رؤية عامة لمباشرة سحب سلاح حزب الله.
وبكل الأحوال يمكن القول الآن أنه منذ اتفاق الطائف ومروراً بلحظة تخلي الدولة اللبنانية عنه وصولاً لغاية اليوم؛ لم يحدث أن حصل مع لبنان الرسمي أن تلقى اتصالاً من حزب يطلب أن تأتي الدولة وتأخذ سلاحه من دون قيد أو شرط..
صحيح أن الدولة بعد اتفاق الطائف جمعت سلاح القوات اللبنانية وأحزاب أخرى؛ وصحيح أن الدولة في أوقات متفرقة كانت صادرت أسلحة؛ ولكن جنبلاط يعطي مثلاً يقول أن المختارة بادرت وطلبت سحب سلاحها من دون قيد وشرط؛ ليضيف أنه يجب على باقي الأحزاب أن تحذو حذوه؛ ثم أضاف أنه يجب أن يتسع صدر اللبنانيين لفكرة أن كل طرف في لبنان يجب أن يسلم سلاحه للدولة بالطريقة التي تناسبه ويختارها.. وعملياً قدم جنبلاط وسيلة إيضاحية لفكرته هذه حينما قال أن المختارة سلمت سلاحها بالطريقة التي ناسبتها: اتصال بفخامة الرئيس فاتفاق معه على سحب سلاحها.
طبعاً جنبلاط يريد قول أمر ما أبعد من ذلك؛ وهو إعطاء حزب الله مساحة اختيار طريقة التفاوض على سحب سلاحه وكيفية تسليم سلاحه. ولكن من الأمور الأخرى التي يريد جنبلاط قولها أن أول خطوة بتسليم السلاح حتى تكون ناجحة يجب أن تأتي بطلب من الجهة صاحبة السلاح.. علماً أن أية جهة لن تقوم بهذا الأمر إلا إذا أدركت أن مصلحتها ضمن موازين القوى الجديدة تكمن بالتخلص من سلاحها عبر تقديمه للدولة المطلوب اليوم تقويتها حتى تصبح هي جيش كل الطوائف الخائفة.
لا يختلف إثنان على أن جنبلاط لديه هواجس كبيرة في هذه اللحظة؛ فهو يدرك أن المختارة تمر في لحظة تحولات وأن عليها حسم خياراتها قبل أن تفرض عليها خيارات حادة. وما فعله جنبلاط هو إعلانه أن خيار المختارة اليوم وغداً هو الاحتماء بالدولة بغض النظر عن ما قد يحدث لاحقاً من تبدلات جغرافية وديموغرافية في المنطقة.
لقد سبق وليد جنبلاط توماس باراك بتقديم رؤيته للعيش في المختارة من دون سلاح درزي؛ علماً أن باراك – مبعوث ترامب إلى سورية – لم يحسم بعد على نحو واضح مسألة ما إذا كانت السويدا عليها العيش مع سلاح أحمد الشرع الأميري أم مع سلاح درزي؟!.
.. مع ذلك، يمكن تصور أن تؤسس مبادرة جنبلاط بسحب سلاح المختارة إلى تشجيع حصول خطوات عملية إضافية لعودة المهجرين في الشوف وعاليه؛ ولكنها قد لا تفيد بنفس المقدار بموضوع حل ملف سحب السلاح وحصره بيد الدولة؛ ذلك أن خطوة جنبلاط لا تستطيع أن تتخطى بمعناها مجرد كونها مبادرة داخل الملعب الدرزي الشوفي والإقليمي؛ ومن الصعب لأسباب موضوعية النظر إليها على أنها مبادرة تصلح لأن تكون نموذجاً يمكن أن يحذو حذوه حزب الله والفصائل الفلسطينية وآخرين.. ملف سحب السلاح كما هو مطروح داخلياً ودولياً يحتاج لمبادرة تبدأ – أو هي بدأت – في البيت الأبيض وتمر – أو هي مرت – بالإليزيه ولندن وإيران وصولاً – أو هي وصلت – لقصر بعبدا والسرايا الكبير ومقر عين التينة.. أكثر من يعرف هذا الفارق بين ملف سلاح المختارة وملف سلاح حزب الله والفلسطيني هو وليد جنبلاط ولكنه مع ذلك أراد أن يقول أنه يحاول من جهته أن يمارس تمريناً على تبسيط الحلول حتى تبقى داخلية مقتدراً عليها، بدل أن تصبح دولية ليس باليد أية حيلة تجاهها!!.