اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٨ حزيران ٢٠٢٥
كتب غسان ريفي في 'سفير الشمال':
ينشغل العالم بتداعيات حرب الـ12 يوما بين إسرائيل وإيران، وبماذا سيكون عليه مستقبل الشرق الأوسط بعد نجاح الجمهورية الاسلامية في تحقيق التوازن العسكري وتعزيز قوة الردع بغض النظر عن كل التسريبات حول تدمير قوتها النووية والحد من قدراتها الصاروخية.
لا شك في أن الحرب بدأت بسقوف عالية جدا لم يستطع العدو الاسرائيلي ومعه أميركا الوصول إليها، أو تحقيق إنتصار واضح فيها، أو تحقيق الأهداف والشعارات التي أطلقت، خصوصا أن مصير المشروع النووي وفق الايرانيين والجهات الدولية لم يُدمر، وما زالت إيران تمتلك ترسانة كبرى من الصواريخ الباليستية، كما أن جغرافية البلاد لم تسمح للعدو بأن يُحدث خسائر وازنة في بنية الدولة الايرانية الأمر الذي حال دون سقوط النظام.
وفوق هذا كله، إيران تقيم إحتفالات الانتصار وتتلقى التبريكات، كونها الدولة الوحيدة منذ نشأة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التي إستطاعت أن تُحدث كل هذا الدمار على مساحة فلسطين المحتلة، ووفقا للعديد من المصادر، فإن مبادرة ترامب بوقف الحرب جاءت بناء لطلب نتنياهو بعد الضربات الصاروخية الايرانية المتصاعدة التي كشفت بوضوح عقم الصواريخ الاعتراضية وضعف الدفاعات الجوية، حيث أظهرت الأيام الأخيرة من الحرب أن إسرائيل باتت من دون حماية والمتوقع في حال إستمرت هذه الحرب كان أكبر.
كان واضحا أن إسرائيل لم تكن قادرة على إحتمال هذه الضربات، وعلى الاستمرار من دون دعم مباشر من الولايات المتحدة الأميركية التي كانت مترددة في دخول الحرب بشكل مباشر، وهي إكتفت بضرب المنشآت النووية الايرانية من دون الاستعدادا للإنخراط أكثر في حرب من شأنها أن تفتح الأبواب أمام تطورات عدة غير محسوبة، أقلها فتح أكثر من جبهة الى جانب الجبهة الايرانية، خصوصا في ظل دخول أكثر من داعم على مستوى التسليح والتجهيزات اللوجستية من روسيا الى الصين وباكستان، الأمر الذي سيضع إسرائيل وأميركا في مواجهة حرب إستنزاف هما بغنى عنها، سيما وأن إيران إستطاعت أن تمتص وتستوعب الضربة الأولى القاسية، كما تمكنت ديناميكية النظام من تعويض الخسائر لجهة التبديلات في المواقع العسكرية بعد إغتيال القادة وسد الثغرات، ونقل اليورانيوم المخصب الى مكان آمن، كما أن جغرافية إيران المترامية الأطراف وعدد السكان، والجبهة الداخلية المتماسكة، والامكانات الصاروخية والصبر الاستراتيجي يجعل حال إسرائيل وأميركا معها، مثل حال روسيا مع أوكرانيا، وهذا يتعارض مع مصلحة ترامب ويناقض الشعارات التي أوصلته الى السلطة، وهو لم يكن بمنأى عن الانتقادات الداخلية والتحركات الاحتجاجية التي تمثلت بمطالبة الحد من صلاحياته في تقرير مشاركة أميركا في الحرب، عبر مشروع تم تقديمه الى الكونغرس، فضلا عن المطالبات بعزله بتهمة إساءة إستخدام السلطة، لذلك فإن ترامب يحرص على كثافة الادلاء بالتصريحات ويعتمد لغة الأنا وينسب الانجازات لنفسه مباشرة سعيا لنيل رضى المجتمع الأميركي.
أمام هذا الواقع المأزوم، سارع ترامب مؤيدا برغبة من نتنياهو وبعدم معارضة من إيران الى وقف الحرب، ما يؤكد أن إسرائيل لم تنتصر، وأن إيران لم تهزم، وأن أميركا لم تحقق أهدافها، والأيام المقبلة ستكون سجالاً..