بين الكوتا والقطاعات الخاصّة... كيف تعزّز الأحزاب السياسية دور المرأة في القيادة واتخاذ القرار؟

يتطور الدور السياسي للمرأة في لبنان ولو بشكل بطيء، بعد أن زاد انخراطها في العمل التشريعي والوزاري حتى القيادي والتنظيمي في الأحزاب، عبر ترجمته واقعاً بأعداد النساء في مجلس النواب والحكومة في السنوات الأخيرة مقارنة بما سبق.

في هذا السياق، تعمل الأحزاب على ترسيخ مشاركة المرأة في الحياة السياسية بترشيحها للانتخابات النيابية، أو لمقاعد وزارية، بالإضافة إلى إشراكها في المجالس القيادية، ويُمكن التذكير بالنائبات اللواتي يُمثلن عدداً من الأحزاب، أبرزها 'التيار' و'القوات' و'أمل'، في وقتٍ بدا لافتاً تحقيق مبدأ المناصفة في قيادة الحزب 'التقدمي الاشتراكي' أيضاً.

فالأحزاب باتت تؤمن بأن الدور الذي تؤديه المرأة في الحياة السياسية بشكل عام، وفي صفوفها، محوريّ، ويُعدّ توسيعاً لدائرة المشاركة في صنع القرار السياسي، وإضافةً لأفكار وبرامج مرتبطة بالنساء قد لا يلحظها الشباب المشاركون في مواقع نيابية، وزارية أو قيادية.

انطلاقاً مما ذُكر، استطلعت 'النهار' آراء الأحزاب في موضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وفي كيفيّة عمل هذه الأحزاب على تعزيز المشاركة النسائية في الأدوار القياديّة، وفي عملية صنع القرار داخلياً؟

الحزب التقدميّ الاشتراكيّ

عزّز 'الحزب التقدمي الاشتراكي' وجود المرأة في مراكز القرار والسياسة، فكان إقرار الكوتا النسائية على مستوى الحزب بنسبة 30 في المئة، وتشمل جميع المسؤوليّات والقطاعات، وإشراك الاتّحاد النسائي التقدميّ في المؤتمر العام للحزب على مستوى القيادات المركزية والوسطيّة، وإعطاء النساء الحقّ بالترشّح والانتخاب في خطوة أبرزت تعديلاً في النّظام الداخلي، الذي كان ينصّ سابقاً على أنّ من يحقّ لهم الترشّح هم جمعية المرشدين، وهم نحو 200 شخص، وفق ما أوضح أمين السرّ العام لـ'الحزب التقدمي الاشتراكي' ظافر ناصر.

ولفت إلى أنّ هذه الخطوة لا تعني أنّ دور المرأة كان مهمّشاً سابقاً، بل كان حضورها ومشاركتها قاعدة ثابتة، إلّا أنّ الفارق اليوم هو إقرار الكوتا في النظام الداخليّ.

وأضاف: 'أعطينا الحقّ لقطاع المرأة بالترشّح والانتخاب على مستوى قيادات المكاتب والمناطق وصولاً إلى القيادات المركزية. وفي انتخابات مجلس القيادة حصدنا مناصفة بين الرجال والنساء ما يفوق الـ30 في المئة'.

وأشار إلى أنّ نواب الرئيس اثنان أحدهما امرأة، ممّا يمثّل تعزيزاً لدور المرأة في المواقع القياديّة في الحزب. ولفت إلى أنّ 'مجلس قيادة الحزب إطارٌ سياسيّ لاتّخاذ القرار، والمرأة موجودة في مجلس القيادة بشكل رئيسيّ، وبشكل متساو مع الرّجل، ورأيها مهم واقتراحاتها يؤخذ بها'.

حركة أمل

من جهة أخرى، تخصّص 'حركة أمل' قطاعاً خاصّاً للمرأة، يتضمّن مسؤوليات مركزيّة في الأقاليم والمناطق والشّعب. والمرأة عضو فاعل في الهيئات الحركيّة، ولديها السّلطة في القرار، على ما أفاد مصدرٌ في 'حركة أمل'.

ولفت في حديث لـ'النهار' إلى أن النائبة عناية عز الدين مثال واضح لمشاركة المرأة في الحياة السياسية وعلى صعيد الشأن العام. فهي نصف المجتمع، والرّئيس برّي يقول إنّنا لا نستطيع أن نقف على قدم واحدة، فدورها لا يختلف عن دور المسؤول الإعلاميّ والتربويّ وغيرهما'.

وأعرب المصدر الحركيّ عن ثقته بأنّ المرأة، وفي الكثير من الأحيان 'بيخبط ميزانها'، وتتّخذ هي القرار، خاصّة في ما يتعلّق بالقرارات التنظيميّة والاجتماعيّة، بعد مناقشات عدّة بين زملاء في الهيئة السياسية وتصويت الجميع.

'القوات اللبنانية'

أمّا حزب 'القوات اللبنانية' فلطالما كان داعماً لوجود المرأة في مراكز القرار، وموقفه واضح في ما يخصّ وجود النساء في الحزب. وتؤكّد رئيسة جهاز تفعيل دور المرأة في 'القوات اللبنانية' سينتيا أسمر أنّ لـ'القوات' عدداً كبيراً من النساء المنتخبات والموجودات في مواقع القرار والمواقع القيادية في المجلس المركزي، وهن رئيسات مصالح وأجهزة ومكاتب، فضلاً عن نائبتين في مجلس النّواب.

وتضيف: 'لدينا أكثر من 33 في المئة من النساء في الحزب من عدد المنتسبات أو المكاتب والمصالح وغيرها. وعلى صعيد المراكز السياسية الحزبية، ترى 'القوات اللبنانية' المرأة دائماً في الصدارة، وكانت ولا تزال دائماً في الصفوف الأمامية، فالنساء لديهنّ آراء حكيمة يؤخذ بها'.

الكتائب اللبنانية

في سياق مماثل، لدى 'حزب الكتائب اللبنانية' أيضاً كوتا نسائية بلغت نحو 20 في المئة في عام 2015، وارتفعت إلى 25 في المئة اليوم، أي ما يُعادل خمس نساء من أصل 22 عضواً في المكتب السياسي.

وعلى صعيد المراكز أو الوحدات الجغرافية تُشير عضو المكتب السياسي الكتائبي جويل عبود إلى أنّ المرأة في 'الكتائب تسلّمت أقاليم كإقليم الشوف - عاليه، وبعلبك - البقاع الغربي وغيرهما. وعُيّنت في جميع الندوات المتخصّصة كالمحاماة، الهندسة، الطب وغيرها.

وفي ما يخصّ دور المرأة في صنع واتّخاذ القرار في اجتماعات المكتب السياسي، تؤكّد عبود أنّ رأي المرأة غاية في الأهميّة، ويؤخذ به بالتساوي مع أيّ زميل آخر.

'التيار الوطني الحرّ'

من جانب التيار الوطني الحر، وعلى الرغم من إطلالات العديد من قياداته النسائية عبر وسائل الإعلام، فإنّ نائبة الرئيس للشؤون الإدارية، السيدة مارتين كتيلي، أقفلت الخطّ لدى اتصالنا بها، ورفضت التصريح بطريقة تخلو من اللياقة.

تمثيل المرأة في العمل الحزبي لا بدّ له من أن يترافق مع خطوات حقيقية في مراكز القرار الرسميّة، وتحديداً في مجلسَي الوزراء والنواب، حتى الرئاسة، وسقوط أيّ محرّمات او حواجز؛ والأهم، سقوط ما يسمّى بالكوتا، التي ستبرهن عن فكر متقدّم ورقيّ واحترام أكبر لدور المرأة في الشأن العام في لبنان.