اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيروت ـ ناجي شربلوأحمد عز الدين
رحب رئيس الجمهورية العماد جوزف عون بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل وحركة «حماس» في مرحلته الأولى، «والذي يهدف إلى إنهاء الحرب على قطاع غزة».
وأعرب عن أمله في أن «يشكل هذا الاتفاق خطوة أولى نحو وقف دائم لإطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق في غزة»، مؤكدا «ضرورة استمرار الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق سلام شامل وعادل في المنطقة». وتمنى ان «تتجاوب إسرائيل مع الدعوات التي صدرت عن قادة الدول العربية والأجنبية من أجل وقف سياستها العدوانية في فلسطين ولبنان وسورية، لتوفير المناخات الايجابية للعمل من أجل سلام عادل وشامل ودائم يحقق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط».
في المقابل، تمضي البلاد في أجواء تبريد للأزمات الداخلية، معطوفة على ما تشهده المنطقة من وقف للعنف ولغة الصواريخ.
ولا يختلف اثنان في لبنان على ضرورة الوصول إلى وقف حقيقي لإطلاق النار مع إسرائيل، والذي لم يدخل حيز التنفيذ منذ التوصل إليه في 27 نوفمبر 2024 برعاية أميركية ـ فرنسية. إلا ان الخلاف يقوم على رزنامة التنفيذ، وخصوصا لجهة قيام لبنان الرسمي بما طلب إليه وتعهد بتحقيق حصرية السلاح على كامل الأراضي اللبنانية، بدءا من جنوب الليطاني، وهذا مطلب إسرائيلي يلقى موافقة أميركية كاملة، وتأييدا محليا لجهة الانتهاء من توريط لبنان في «حروب الآخرين»، بحسب ما كرر أركان الحكم مرارا وخصوصا اثناء استقبالهم مسؤولين إيرانيين.
إلا أن الجانب اللبناني، يفصل بين التزاماته، وضرورة تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي الذي جرى بعد الحرب، واستمر باحتجاز أسرى لبنانيين ومنع المواطنين في بلدات القرى الحدودية من العودة، والقضاء على مقومات الحياة فيها، وفرض «حزام أمني» بالنار في منطقة كبرى من الضفة اللبنانية للحدود، وصولا إلى تحديد الجيش الإسرائيلي شروطا لتمكين المزارعين من قطف موسم الزيتون في القرى الحدودية.
في كل ذلك، تجهد السلطة اللبنانية للمضي في تنفيذ تعهداتها، ومواصلة الحملة الديبلوماسية للضغط على إسرائيل، بعدما بدا بوضوح ان «الخيار العسكري» الذي لطالما عول عليه «حزب الله» منفردا وبعيدا عن التشاور مع الدولة اللبنانية، لم يأت بنتيجة، بل جاءت أموره عكسية تماما.
وللغاية، يصر أركان الحكم وخصوصا الرئيس العماد جوزف عون على توفير الضمانات لجميع المكونات اللبنانية. ضمانات تقوم على ان الدولة اللبنانية وحدها حاضنة لهم، وتتكفل بالحفاظ على السيادة اللبنانية، بقواها الشرعية من مؤسسات أمنية في طليعتها الجيش اللبنانية وسائر القوى المسلحة.
ويشدد رئيس الجمهورية، وفقا لمعلومات خاصة بـ«الأنباء» على التواصل مع «الثنائي الشيعي» وتحديدا «حزب الله»، ويلاقيه في مسعاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتأمين أفضل تعاون من قبل الأخير مع قرارات السلطة السياسية، مع إدراك الجميع حساسية المرحلة الإقليمية، وضرورة الدفع بلبنان إلى المنطقة الآمنة بعيدا عن تلك الرمادية التي وضعه فيها «الحزب».
هذا الواقع المستجد خطف اهتمام اللبنانيين لترقب تداعيات هذا الاتفاق، والموقف من مسار الوضع اللبناني الذي يشهد جمودا في حركة الاتصالات والموفدين باتجاه لبنان. ورد مصدر ديبلوماسي على سؤال لـ«الأنباء» في هذا الشأن بالقول: «(الموفد) الفرنسي قال كلمته ومشى، وينتظر تطورا في الموقف السياسي يترجم ميدانيا في موضوع نزع السلاح. فيما التحرك الأميركي بعد مغادرة (السفيرة الاميركية) ليزا جونسون، وننتظر مطلع نوفمبر المقبل وصول السفير الجديد ميشال عيسى الذي تخلى عن جنسيته اللبنانية ليكون سفيرا للإدارة الأميركية، إضافة إلى فترة الإغلاق الحكومي في واشنطن، وبعدها يمكن تحريك الاتصالات بزخم قوي في ضوء المسار الجديد للوضع في المنطقة».
وأضاف المصدر: «من هنا وبعد الاتفاق على إنهاء حرب غزة، فإن الأنظار الإقليمية والدولية ستكون على الساحة اللبنانية لترابط الملفين في أكثر من مفصل. كما ان الشعار المطروح لنصرة غزة والقضية الفلسطينية لن تعود له أولوية، على الأقل عسكريا وان المطلوب الدعم الديبلوماسي من جهة، والانضواء تحت عباءة الدولة لحماية لبنان من الاطماع الإسرائيلية من جهة أخرى». مصدر ديبلوماسي عربي تحدث لـ«الأنباء» عن «أهمية ما يحصل عند الحدود اللبنانية ـ السورية». وأشاد بـ«التقدم الذي تحقق، تمهيدا لترسيمها مستقبلا تجنبا لأي إشكالات بين لبنان وسورية».
وإذ أكد المصدر الديبلوماسي أن «وضع الحدود بات أفضل بكثير في الأسابيع القليلة الماضية»، أشاد بـ«العمليات التي يقوم بها الجيش اللبناني وسائر القوى الأمنية لضبط الممنوعات إنتاجا وترويجا وإتجارا». وكشف عن «عمليات أمنية في هذا الإطار ستعلن عنها الأجهزة الأمنية اللبنانية في الأيام والأسابيع المقبلة»، مؤكدا أن «التعاون بين الأجهزة الأمنية في دول الخليج والأجهزة الأمنية والجمارك في لبنان أسهم كثيرا في الحد من التهريب، فضلا عن أن ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية سيساعد بدوره أكثر فأكثر».
كما أكد المصدر الديبلوماسي أن «تركيب أجهزة السكانر في غضون شهر في مرفأ بيروت، سيساهم أيضا في عملية ضبط إخراج الممنوعات من لبنان أو إدخالها اليه، وهذا أمر يبشر بالخير».
ميدانيا، لفت تكثيف أعمال رفع الردميات من مخلفات الحرب الإسرائيلية الأخيرة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وتحدث شهود عيان لـ«الأنباء» عن بلوغ الأعمال ما سموه بالمرحلة الثالثة، بعد مرحلة أولى شهدت رفع الأنقاض وتسوية المباني بالأرض، ثم الولوج إلى الملاجئ في الطبقات السفلية، وصولا إلى تظهير أساسات المباني أو ما تبقى منها. ولوحظ ارتفاع وتيرة العمل في مواقع عدة دفعة واحدة. وهذه خطوة تدخل في مسار التحضير لإعادة الإعمار في هذه البقعة الجغرافية ذات الكثافة السكانية العالية.
جنوبا، وفيما الجيش اللبناني ينفذ مهمته بحرفية عالية وإصرار على إنجاز الخطة المحددة بثلاثة أشهر جنوب الليطاني، فإن اسرائيل تواصل عدوانها مستتبعة بإجراءات تعسفية لمنع عودة الأهالي إلى البلدات الحدودية، وفي نفس الوقت الضغط على القلة القليلة التي تتحمل المعاناة في أرضها وتفضلها على استمرار التهجير.
وفي يوميات الاعتداءات الإسرائيلية، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، بأن الانفجارات التي سمعت فجر أمس في بلدة ميس الجبل الحدودية الجنوبية، ناجمة عن تفجير الجيش الإسرائيلي لمنزل في البلدة. كذلك أصيب شاب من بلدة بليدا الجنوبية بجروح، جراء انفجار جسم من مخلفات الحرب، ما استدعى نقله إلى مستشفى صلاح غندور لتلقي العلاج.
هذا، وقد حضرت الجهات المعنية وفتحت تحقيقا في الحادث، فيما جدد الأهالي «مطالبتهم بضرورة إزالة هذه المخلفات التي تهدد حياة السكان، لاسيما في المناطق القريبة من الأراضي الزراعية».