اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢٦ أب ٢٠٢٥
خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
رغم أن المبعوث الأميركي توم براك يوجد اليوم بيننا في لبنان وإلى جانبه توجد مبعوثة الولايات المتحدة الأميركية السابقة والمستعان بها حالياً أورتاغوس؛ إلا أنه يمكن استباق نتائج محادثاتهما بخصوص الرد الإسرائيلي الذي يحملانه إلى بيروت. وسبب ذلك يعود إلى أن نتنياهو نفسه استبق أمس وصول رده مع براك إلى لبنان وكشف عن طريق بيان لمكتبه عن حدود الصفقة التي يعرضها؛ وهي تتشكل من نقطتين إثنتين:
النقطة الأولى حسبما أوردها مكتب نتنياهو تنص على التالي: في حال قام لبنان بنزع سلاح حزب الله فإن إسرائيل مستعدة للقيام بخطوات مماثلة قوامها الخروج من بعض المناطق التي تحتلها في لبنان..
النقطة الثانية: سوف تنسق إسرائيل هذه الانسحابات مع الولايات المتحدة الأميركية.
خلاصة بيان مكتب نتنياهو يقول أنه مستعد للقيام بخطوات مماثلة ولكن بشرط أن ينزع لبنان سلاح الحزب.. وليس واضحاً ما إذا كان نتنياهو يوافق على مبدأ خطوة مقابل خطوة؛ أي سحب متدرج للسلاح مقابل انسحاب متدرج من 'كل المناطق' التي تحتلها إسرائيل، كما يطلب لبنان وليس فقط من 'بعض' المناطق كما يقول بيان مكتب نتنياهو.
والواقع أن صياغة بيان مكتب نتنياهو يوحي لحد كبير بأن ما تطلبه تل أبيب هو اتمام لبنان لكل الخطوات بمقابل قيام إسرائيل 'ببعض الخطوات'!!.
الأمر الثاني الذي يوضحه بيان مكتب نتنياهو هو أن إسرائيل ستنسق عمليات انسحابها من بعض المناطق في حال نزع لبنان سلاح الحزب مع الولايات المتحدة الأميركية، واللافت هنا أن بيان مكتب نتنياهو لم يقل أن إسرائيل ستنسق انسحاباتها هذه مع 'اللجنة الخماسية' التي تترأسها أميركا والتي تم إنشاؤها بموجب بنود وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل؛ أو حتى أنه لم يقل أن إسرائيل ستنسق مع الأمم المتحدة!!
واضح من بيان مكتب نتنياهو أن إسرائيل تريد القفز عن اللجنة الخماسية؛ وتريد حصر مراقبة تنفيذ أي اتفاق يحصل بموجب مهمة براك أو غيره بالجانب الأميركي فقط؛ وبمعنى أوضح فإن تل أبيب لا تريد وسيطاً بينها وبين لبنان سوى واشنطن، وهي بشكل غير مباشر تقول أنها لا تريد أي دور لأوروبا في هذا الملف.
يبقى أمر أساسي وخطر يتصل ببيان مكتب نتنياهو عن لبنان الذي استبق وصول كل من براك وأورتاغوس لبيروت؛ والمقصود هنا تعليق مجلس مستوطنات الشمال عليه؛ حيث رفض هذا المجلس كلام نتنياهو عن الانسحاب من 'بعض المناطق' واستهجن كلامه 'عن مساعدة حكومة لبنان إذا وافقت على مطالبه(!!)'. خطورة دخول مجلس مستوطنات الشمال على خط التفاوض بين نتنياهو ولبنان تعود لأسباب عديدة، أهمها الخشية من أن يصبح هناك مشهد إسرائيلي داخلي بإزاء الحرب والتفاوض مع لبنان يشبه المشهد الإسرائيلي ذاته الموجود بإزاء الحرب والتسوية مع غزة: بمعنى أن مجلس المستوطنات سيوازي أهالي الأسرى ولكن مع فرق أن أهالي الأسرى يضغطون لصفقة بينما مجلس مستوطنات الشمال يضغط لبقاء احتلال التلال الخمس؛ فيما نتنياهو مع غزة سيكون هو ذاته نتنياهو المناور والمتقلب مع لبنان؛ فيما ممثلو اليمين المتطرف (بن غفير وسيموتريتش) سيمارسون ضد التسوية مع لبنان نفس الممارسة السلبية التي يبدونها تجاه غزة..
.. وهذا الواقع داخل إسرائيل الذي بدأ يتشكل كما أظهرت وقائع أحداث أمس (بيان مكتب نتنياهو ورد مستوطني الشمال)، سيؤدي أو سيخلق أمراً وواقعاً أساسياً وهو دخول لبنان في متاهة نتنياهو التي تحاكي نموذج سياساته مع غزة المستمرة منذ ٢٢ شهراً وهي سياسة يمكن وضع عنوان لها مفاده: 'غزة داخل متاهة نتنياهو وتواطؤ البيت الأبيض الديموقراطي والجمهوري معها'.