اخبار لبنان
موقع كل يوم -صحيفة الجمهورية
نشر بتاريخ: ٤ حزيران ٢٠٢٥
أعلن الجيش الإسرائيلي، أنّ جنوداً إسرائيليِّين فتحوا النار صباح أمس قرب حشود من الفلسطينيِّين الذين كانوا يَسيرون نحو موقع جديد لتوزيع الغذاء في جنوب غزة. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر ووزارة الصحة في غزة، أنّ ما لا يقل عن 27 شخصاً قد قُتلوا.
كان هذا ثاني إطلاق نار واسع النطاق من قِبل القوات الإسرائيلية خلال 3 أيام قرب موقع توزيع المساعدات عينه في مدينة رفح الجنوبية، حيث يأتي آلاف الفلسطينيِّين اليائسين والجوعى في وقت مبكر من كل يوم على أمل الحصول على حصتهم من الغذاء.
الأحد، فتح الجنود الإسرائيليّون النار قرب طريق يؤدّي إلى موقع توزيع الغذاء، وأكّد المسؤولون الفلسطينيّون، أنّ ما لا يقلّ عن 23 شخصاً قُتِلوا.
ووقعت عمليات إطلاق النار، التي قال الجيش إنّها حدثت على بُعد حوالي 500 ياردة من موقع توزيع الغذاء، وسط حالة من الفوضى تحيط بنظام جديد مثير للجدل تدعمه إسرائيل لتوزيع الغذاء في غزة، حيث يشرف مقاولون أميركيّون من القطاع الخاص على توزيع صناديق كرتونية من المساعدات.
لم يعلن هذا النظام المدعوم من إسرائيل والولايات المتحدة سوى عن 4 نقاط لتوزيع المساعدات، مقارنةً بـ400 نقطة تحت نظام توزيع المساعدات السابق الذي نسقته الأمم المتحدة. وفي معظم الأيام، لم تكن معظم هذه المواقع الـ4 تعمل.
وقد انتقدت الأمم المتحدة هذا النظام الجديد، قائلةً إنّه يُعرّض المدنيِّين إلى الخطر بإجبارهم على السَير لأميال للحصول على الغذاء عبر ممرّات خطرة تخترق خطوط الجيش الإسرائيلي. كما جادلت بأنّ تمَوضع نقاط توزيع الغذاء التي تدعمها إسرائيل – وجميعها في جنوب القطاع – يمكن أن يُسهّل خطة إسرائيلية تهدف إلى تهجير سكان شمال غزة.
وحذّرت مذكّرة للأمم المتحدة تمّ تداولها قبل إطلاق المبادرة من «مواقع توزيع مكتظة»، وأنّ القوات الإسرائيلية أو المتعاقدين الأميركيِّين قد «يستخدمون القوة للسيطرة على الحشود». كما حذّرت المذكرة من احتمال وقوع «نَهب منظّم أو انتهازي» قرب مراكز التوزيع.
ظهرت العديد من هذه المشكلات في الأسبوع الأول من تشغيل النظام. وهناك الكثير على المحك في هذه المبادرة الجديدة: فوكالات الإغاثة تؤكّد إنّ غزة تواجه خطر المجاعة الشاملة بعد حصار إسرائيلي على تسليم المواد الغذائية استمر 80 يوماً وانتهى في منتصف أيار.
في أعمال العنف الأخيرة أمس، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ قواته أطلقت النار قرب «بضعة» أشخاص ابتعدوا عن المسار المحدّد نحو الموقع ولم يستجيبوا لطلقات التحذير. ووصفهم البيان بـ«المشتبه فيهم»، وأنّهم «شكّلوا تهديداً» للجنود. لكنّ متحدّثة باسم الجيش رفضت توضيح طبيعة التهديد المُفترض. وأوضح الجيش أنّه على علم بالتقارير التي تشير إلى وجود إصابات، ويُحقّق في الأمر.
واجهت الحرب الإسرائيلية على «حماس» في غزة انتقادات دولية متزايدة، بما في ذلك من حلفائها التقليديِّين. الشهر الماضي، رأت بريطانيا وفرنسا وكندا في بيان مشترك، أنّ التهديدات الإسرائيلية الأخيرة بشنّ هجوم واسع على «حماس»، بالإضافة إلى الحصار الذي استمرّ شهرَين على المساعدات الإنسانية إلى غزة، كانت «غير متناسبة تماماً».
وتعتبر إسرائيل أنّ النظام الجديد لتوزيع المساعدات ضروري لمنع «حماس» من سرقة وتخزين الغذاء، وكذلك من تمويل مجهودها الحربي من خلال بيع الغذاء للمدنيِّين بأسعار مرتفعة. بينما يجادل مسؤولو الأمم المتحدة بأنّه لا يوجد دليل على أنّ «حماس» حوّلت المساعدات الدولية.
وتتوافد حشود ضخمة من الفلسطينيِّين الجائعين في وقت مبكر من كل صباح إلى مواقع المساعدات الجديدة بحثاً عن حصص غذائية. وغالباً ما يقطعون أميالاً سَيراً على الأقدام في الظلام قبل الفجر.
لكن بدلاً من توزيع منظّم، وصف شهود فلسطينيون لصحيفة «نيويورك تايمز» مشاهد من الفوضى، حيث كان الجميع يتدافعون للحصول على ما تبقّى من صناديق المساعدات.
وتشرف على برنامج المساعدات مجموعة جديدة غير مختبرة تدعى «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي تدفع لمتعاقدين أميركيِّين لتوزيع الغذاء من مواقع في مناطق من جنوب غزة تخضع إلى الاحتلال الإسرائيلي. وحلّ هذا النظام مكان نظام كانت تشرف عليه الأمم المتحدة، كان يوزّع الغذاء من حوالي 400 موقع في جميع أنحاء القطاع.
وأكّدت المؤسسة أنّها على علم بالتقارير عن حوادث إطلاق نار «بعيدة جداً» عن منطقة موقع توزيع المساعدات أمس. لكنّها أوضحت أنّ الموقع عمل «بأمان» طوال فترة الصباح. كما اعتبرت منظمات الإغاثة أنّ سفك الدماء خلال الأيام القليلة الماضية يُظهر المخاطر المرتبطة بالنظام الجديد.
وأضافت كلير مانيرا، منسقة الطوارئ في منظمة «أطباء بلا حدود»، في بيان يوم الأحد: «أظهرت أحداث اليوم مرّة أخرى أنّ هذا النظام الجديد لتوزيع المساعدات مُهين للكرامة الإنسانية، خطير، ويفتقر بشدّة إلى الفعالية. لقد تسبّب في مقتل وإصابة مدنيِّين، كان من الممكن تفاديها. يجب أن تُقدَّم المساعدات الإنسانية فقط من قِبل منظمات إنسانية لديها الكفاءة والعزيمة لتقديمها بأمان وفعالية».
ونُقل العديد من ضحايا إطلاق النار إلى مستشفى ميداني تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في رفح، على مسافة قصيرة من موقع الحادث. وأعلن الصليب الأحمر في بيان أنّ العيادة استقبلت أمس جثث 19 شخصاً، بالإضافة إلى 8 آخرين توفّوا لاحقاً متأثرين بجراحهم.