اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ٣ أيلول ٢٠٢٥
سيشكّل أيلول اختبارًا فعليًا لأكثر من ملف دسم، ومن هذه الملفات، ملف الاتصالات. فعمليًا إن لجنة التحقيق البرلمانية، التي شكّلت بموجب تصويت مجلس النواب في جلسته التي ُعقدت في 23 تموز الماضي، لم تبدأ عملها الفعلي الرسمي بعد، بانتظار تعيين أمين السر والكاتب. إذ إنه لا يمكن عقد جلسات تحقيق من دون وجود محضر، لأن الاستماع في مثل هذه الحالات يتم على أساس أسئلة موجّهة وإجابات مكتوبة.
في الأسبوعين الأخيرين من شهر آب، دخل مجلس النواب في عطلة للموظفين. وفي اليوم الأول من أيلول، سجّلت زيارة لنائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب إلى عين التينة، حيث حضرت هذه المسألة في النقاشات، لا سيما لجهة ضرورة الإسراع في التعيينات المطلوبة.
ووفق معلومات نداء الوطن، وبنتيجة اجتماع رئيس البرلمان ونائبه، فالتعيين سيتم في غضون أيام. بعدها ستنعقد اللجنة الأسبوع المقبل، وتبدأ الاستماع إلى وزراء الاتصالات السابقين نقولا الصحناوي وبطرس حرب وجمال الجراح، وسط همس عن أن الملف كبير بحجمه ومضمونه وتشعباته والمستفيدين منه.
وقائع ومستندات جديدة
لا شك أن انطلاقة الملف تمّت انطلاقًا من تقرير ديوان المحاسبة الرقم 3\2023 بشأن صفقات استئجار شركة ميك 2 المملوكة من الدولة، مبنى قصابيان في الشياح من دون إشغاله بتاتًا، واستئجار شركة ميك 2 مبنى الباشورة ومن ثم شرائه بتكاليف عالية من دون أن تتملّكه. وقد صدر قرار عن الديوان في 4 نيسان 2023، أظهر الوقائع والمخالفات. لكن المعلومات تشير الى أن معطيات جديدة تكشّفت ومستندات أضيفت إلى الملف الأصلي منذ لحظة تشكيل اللجنة، وهي كلّها وقائع سيتم الغوص فيها مع الوزراء والسؤال عن حيثيات قرارات اتخذوها، وخطوات قاموا بها، ومسائل تجنّبوا فعلها. إذ ترتّب عن كل قرار أو لاقرار تبعات مالية على خزينة الدولة. وفي هذا البعد أيضًا، علمت نداء الوطن أن الوزراء المعنيين حضّروا ردودهم مع الفريق القانوني التابع لهم، متوقّعين أن تكون جلسات الاستماع مطوّلة، وربما تنعقد لأكثر من جلسة.
وفي هذا السياق، يصرّ الوزراء السابقون المعنيّون بالملف، بطرس حرب، نقولا الصحناوي، وجمال الجراح على براءتهم. بينما يؤكد المعنيون في لجنة التحقيق البرلمانية أن العمل سيتم بشفافية ووفق الأصول، بعيدًا من أي أحكام مسبقة. ووحدها الوقائع هي التي ستدين أو تبرّئ كل معني بالقضية.
منذ العام 1972، منحت لجان التحقيق البرلمانية بعض سلطات قضاء التحقيق. جرى ذلك في عهد الرئيس سليمان فرنجية، وحكومة الرئيس صائب سلام، يوم كان بشير الأعور وزيرًا للعدل. صدر ذلك في القانون رقم 11، بتاريخ 25 أيلول 1972. فمنحت لجنة التحقيق المنتخبة، ووفقًا لأحكام المادة 94 من النظام الداخلي لمجلس النواب، صلاحيات قضاة التحقيق باستثناء إصدار مذكرات التوقيف والاستنابات القضائية وقرارات الظن أو الاتهام أو منع المحاكمة. وكلّ من دعيَ لشهادة أمام لجنة التحقيق البرلمانية، عليه الحضور وأداء الشهادة بعد حلف اليمين. وتطبّق بحق الشهود الذين يُدْعَون أمام لجنة التحقيق البرلمانية النصوص القانونية، لجهة التخلّف عن الحضور أو تقديم العذر الكاذب أو شهادة الزور أو كتم المعلومات وغير ذلك من الأفعال التي تقع تحت طائلة قانون العقوبات. كما تتحرّك دعوى الحق العام بحق الشهود بناء على طلب رئيس لجنة التحقيق البرلمانية، يقدّم بواسطة وزارة العدل مرفقًا بالوثائق المثبتة.
كل ما سبق يؤكد جدّية العمل وأن المسألة ليست شكلية أو وسيلة لوضع الملف في الأدراج. وعلى الرغم من أن أعضاء اللجنة يلتزمون الصمت الإعلامي، ففي وقت قريب ستكثر الأسئلة الموجّهة إليهم عما وصلت إليه التحقيقات...لا سيما أن من حق الرأي العام الاطلاع على الحقائق في ما سمّي بأحد ملفات الفساد، واللبنانيون الذين يأملون بالمرحلة الجديدة، يتطلّعون إلى محاسبة المرتكبين، وأن لا يكون وراء كل مذنب مظلّة سياسية تحميه.