اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٨ نيسان ٢٠٢٥
في لبنان، الحديث عن 'المي والكهربا' ليس مجرّد حوار عن خدمات عامة، بل هو رواية وطنية مكتوبة بالحبر الأسود للغياب. هنا، الانقطاع ليس حدثاً، بل نظام حياة. الضحك على هذه الكارثة صار ردّ فعل تلقائياً، تماماً كالدمعة التي تسبقه.
لا مواطن إلا ووقف أمام مفاتيح الضوء. من منّا لم يتحوّل إلى خبير غير معتمد في الطاقة البديلة؟ يتكلم بثقة عن الأمبيرات والديفازات والإنفرترات كأنّه خرّيج أكاديمية 'العيش رغم القهر'.
قصة عشق مع طرف غائب
علاقة اللبناني بالماء والكهرباء ليست وليدة الأزمة الاقتصادية، بل أزمة عمرها من عمر الجمهورية. بدأت بالحرب، واستمرت مع السلم، وكأن الدولة قررت أن تبني نهضتها على 'القطع' لا على 'التيار'، وعلى العطش لا على الموارد.
المياه تُخزّن على أسطح المنازل، كما لو أن بيروت تحاكي عطش الصحراء. الكهرباء تزورك كما يزورك الحظ السيئ: بلا موعد، وبلا ضمانة للعودة. أما الدولة، فهي الغائب الذي يحضر فقط عند جباية الفواتير... لا عند تقديم الخدمة.
لكن، هل يُعقل أن تصبح الكهرباء امتيازاً طبقياً؟ أن تتحول المياه إلى نقاش نخبوي؟
في عالم يسابق الزمن نحو الطاقة المتجددة، يعيش لبنان في سباق مضاد... نحو العتمة والانهيار.
كلما اشتد الانقطاع، أطلّ علينا مسؤول يحمل 'خطة إنقاذ'. بواخر، خطوط ربط، سدود، آبار... كلها مشاريع تحوّلت إلى نكتة سوداء أو ملف فساد مغلق. لا شيء يُنفّذ، وكل ما يُوعد به يُخزّن في الأدراج مثل الكهرباء في البطاريات: موجود، لكن لا يُستخدم.
لكن... ربما هناك بصيص
اليوم، مع حكومة جديدة تُحاول أن تمسك الكهرباء من طرفيها، ووزير طاقة يُحاول أن ينقل الوزارة من خانة 'الظلام الدامس' إلى 'ضوء آخر النفق'، لا بد من الاعتراف أن هناك محاولات جديّة. نسمع عن خطط طاقة شمسية، وربط كهربائي واقعي، وتوجه نحو إصلاحات قد تُعيد بعض الثقة.
فهل تكون هذه بداية الانفصال عن المولدات، وبداية علاقة مستقرة – لأول مرة – مع الكهرباء؟
دولة المولّدات... لا الدولة
المياه والكهرباء في لبنان ليستا حقاً دستورياً، بل ترف يومي قد يأتي... أو لا. فهل نصل إلى يوم تصبح فيه المياه والكهرباء حقّاً لا أُمنية؟ هل نشهد نهاية لهذا الفصل الأسود؟ الجواب مؤجّل... إلى حين عودة التيار!.