اخبار لبنان
موقع كل يوم -جنوبية
نشر بتاريخ: ١ نيسان ٢٠٢٥
لمن تُقرع الطبول وتُضاء الأنوار، وتُفرش السجادة الحمراء؟ لمن تُعلَّق الزينة وتُفرش الساحات بزخرف الألوان؟ لمن تُصدحُ الأغاني والأغاريد والأناشيد وتُذبح الخراف والقرابين؟ أيُّ طفلٍ هذا الذي يمتلك عيداً كاملاً على أشلاء الطرقات، لا يُعكرُّه جوعٌ ولا يُباغته فقرٌ وقتلٌ ودموع، ولا يخنقه حزن الفقد والرحيل؟ أيُّ امرأةٍ هذه التي تُطيل النظر في المرآة، علَّها ترى شهيدها وطفلها على أخاديد الخد والوجع، فلا يلمعُ في عينيها انكسار الأرملة أو حسرة الثكلى؟
العيد ليس للجوعى، فهم على موائد الوهم يتقاسمون السراب، ويضعون على ألسنتهم طعم الفرح المفقود، يتجرَّعون مرارة العلقم على رصيف الانتظار.. العيد ليس للمرضى، فالمستشفيات لا تعرف موسم المواسم، والأدوية لا تهدأ عن الدوران في دمائهم مثل الطواحين.
العيد ليس للموتى، فهم لم يشهدوا عدَّاد الأيام وهو يقفز إلى مواعيد جديدة، ولا يعرفون لغة حاسوب الدم. لم يُغيِّروا ثيابهم وما بدَّلوا تبديلاً، ولم يتنشقوا ويستنشقوا هواء الصباح المتخم بطبول النصر…
العيد ليس للأرامل، فالغياب لا يرتدي ثوباً جديداً من حُليِّ نخبة خمرة الأمير، ولا يُشاركُ في رقصات الفرح، على مائدة سكرة سلطة الزعيم، والعيد ليس للأيتام، فالهدايا بلا يدِ أبٍ تُقدِّمها، بلا نظرة أُمٍّ تُباركها، مجرَّد أقدامٍ تمشي مثل نخيل الليل، أشياء ميِّتة بلا روحٍ فيها.
العيد للذين لا يعرفون معنى النقص والنقصان، للذين لم يختبروا اليُتمَ وهم على قيد الأباء، ولم يتذوقوا مرارة الأرملة في حياة أزواجها.. العيد للذين لا يفهمون لغة التعب والشقاء، لأولئك الذين ينامون قريري العين والفؤاد، وأيديهم لا تمتدُّ إلا للأخذ والمزيد بلا حدود…
العيد للزعماء وأصحاب ربطات العنق في أسواق تجار الهيكل والصنم، وأرباب الطوائف،الذين يتبذخون على أوجاع غيرهم، يتفاخرون بالمآدب العامرة فيما الموائد الفارغة تئنُّ تحت وطأة الانتظار…. العيد لهم، لأنهم امتلكوا كل شيء، حتى أحزان الناس حوَّلوها إلى مناسبات للبذخ والرقص والاستعراض…
وما كان ربك ليهلك القرى وأهلها مصلحون.