اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٣ حزيران ٢٠٢٥
صدر كتاب مشترك للأستاذتين جنات الخوري جبور و ووصال الحلبي، المعنون 'دلالات أسماء الحروب وتأثيراتها النفسية على الأفراد'، مدخلٌ استثنائي تقارِب فيه الحرب من زاوية مهملة كثيرًا في الأدبيات الأكاديمية: اللغة.
وفي مقابلة خاصة لموقع المرده مع البروفيسورة جنات الخوري عن كتابها قالت :
أن الحروب لا تُخاض بالسلاح فقط، بل بالكلمة أيضًا. فالأسماء التي نُطلقها على الحروب ليست بريئة، بل موجّهة، محمّلة بدلالات ورموز، تُسهم في تعبئة الشعوب أو ترهيبها، وتترك أثرًا لا يُمحى في الوعي الجمعي.
من هذا المنطلق، انطلقت الدراسة في مقاربة شاملة تجمع بين علم الاجتماع الثقافي والتحليل النفسي-الاجتماعي، لتفكك كيف تؤثر تسميات الحروب، مثل 'عناقيد الغضب' و'طوفان الأقصى' و'عاصفة الحزم'، وغيرها …في وجدان الناس وسلوكهم، وكيف تُسهم في إعادة تشكيل مواقفهم تجاه الصراع، الهُوية، والآخر…
فعبر مراجعة نقدية للأدبيات، تبيّن لنا أن الاهتمام الأكاديمي غالبًا ما ينصب على توصيف الحروب وتحليل آثارها السياسية والاجتماعية، في حين أن البعد الرمزي واللغوي للأسماء التي تُطلق عليها ظلّ مهمشًا أو غير مستكشف بالشكل الكافي. من هنا، جاءت دراستنا لتسدّ هذا الفراغ، عبر مقاربة مزدوجة تجمع بين التحليل الثقافي-المعرفي، والتفكيك النفسي-الاجتماعي، بما يعكس تكامل اختصاصاتنا البحثية.
في القسم الثقافي-المعرفي، ارتكزت الدراسة على تحليل الخطاب الحربي في ضوء مجموعة من المحاور المفصلية، أبرزها:
• المفارقة بين الخطاب الرسمي وأجندات الحرب الخفية.
• تمظهر الحرب النفسية كجزء من المعركة الإعلامية.
• تطوّر تسمية الحروب تاريخيًا ودلالاتها الرمزية.
• التأثير المقصود للأسماء في استثارة العقل الجمعي، مستندين إلى أفكار دوركايم حول الرموز الجماعية.
• تحليل نوعي لتسمية 'عاصفة الحزم'، كمثال على التسمية التوجيهية ذات الطابع الإيديولوجي.
• استعراض للبعد اللاهوتي في التسميات، من منطلق تعبوي يستثمر في الموروث الديني لتحفيز المشاركة والمقاومة.
أما في الشق النفسي-الاجتماعي، فقد تناولنا الآثار التي تخلّفها الحروب، ليس فقط كوقائع دموية، بل كصدمات نفسية ممتدة، فناقشنا:
• تداعيات الحرب على الهوية الفردية والروابط الاجتماعية.
• اضطراب ما بعد الصدمة وكيفية تجليه لدى الفئات المختلفة.
• الآليات النفسية التي يلجأ إليها الأفراد في التعامل مع أهوال الحرب.
• الدور الحاسم للذكاء الانفعالي والدعم المجتمعي في مسارات الشفاء.
وقد اختُتمت الدراسة بجزء ميداني اشتمل على مقابلات مع ٨٤ شخصًا ممن عايشوا حروبًا متفرقة في لبنان، إضافة إلى تحليل معمق لحالات فردية تأثرت نفسيًا واجتماعيًا بدرجة عالية، حيث وضعنا خطة تدخل إرشادية مبنية على أسس علمية.
في الختام وبحسب الدكتورة الخوري ،تسعى هذه الدراسة إلى إعادة الاعتبار للغة الحروب كقوة موجهة ومؤثرة، تكشف عن عمق العلاقة بين السرد الرمزي والصراع، بين الكلمة والجراح، وبين الأسماء والذاكرة الجمعية