اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة اللواء
نشر بتاريخ: ١٤ أذار ٢٠٢٥
شعر: سلمان زين الدين
نِصْفَ قَرْنٍ على الغِيابِ وَتَبْقى
ساطِعَ النُّورِ في عُيونِ المَرايا
كُلَّ عـــامٍ وَأنْتَ تَسْكُــنُ فينــــا
أيـُّها الثّاوي في عَميـقِ الحَنايـا
لمْ يَزِدْكَ الغِيــابُ إلّا حُضورًا
قَــدَرُ البـَـدْرِ أنْ يُنيــرَ العَشايا
فَلِكـُـلٍّ منَ البَهــاءِ نَصيــبٌ
وَلِكُــلٍّ منَ السَّنــاءِ سَنايــا
مُذْ خَلَعْتَ القَميصَ ذاتَ رَبيعٍ
وَتَقَمَّصْتَ أُمْنيــات البَرايــا
لمْ يَزَلْ صَوْتُكَ المُعَتَّقُ يَحْدو
رَكْبَنا المُمْتَطي عِتاقَ المَطايا
يُطْلِقُ القَوْلَ في المُلِمّاتِ فَصْلًا
بَيْنَ بِيْضِ الخُطى وَسُوْدِ الخَطايا
حِيْنَ يَهْمي منْ كُلٍّ فَجٍّ عَميقٍ
تَجتَدي مـاءَهُ عِطـاشُ التَّكايـا
لمْ يَزَلْ فِكْرُكَ المُنيرُ عِلاجًا
ناجِعًا لِلْعُضـالِ بينَ القَضايــا
فَالحُلولُ التي اجْتَرَحْتَ تُلَبّي
حاجَةَ البَعْدِ لِاكْتِنـاهِ الخَفايـا
حِيْنَ تَدْنو قُطوفُ فِكْرِكَ نَحْظى
بِشَهِيٍّ منَ القُطــوفِ القَصايــا
مِنْ زَمانٍ نَسَجْتَ بِالنَّفْسِ فِكْرًا
فَكَسا نَسْجُكَ النُّفوسَ العَرايا
وَزَرَعْتَ الإباءَ في كُلِّ حُرٍّ
فَنَما الزَّرْعُ واسْتَحالَ وَصايا
وَسَبَيْتَ العُقولَ عَقْلًا فَعَقْلًا
فَتَغاوَت، عَلى الزَّمانِ، السَّبايا
وَطَوَيْتَ العُبـابَ تَطْلُبُ بَـرًّا
منْ أمانٍ لِلطيِّبينَ الطَّوايا
غَيْرَ أنَّ الأنْواءَ في البَحْرِ قدْ
تَجْري خِلافًا لِطَيِّباتِ النَّوايـا
فَلَئِنْ كنْتَ قَدْ تَرَحَّلْتَ عَنّا
أنْتَ باقٍ في ساحِراتِ الحَكايا
تَجتَدي سِحْرَها المَدائِنُ حِيْنًا
وَكثيرًا ما تَجْتَديهِ القَرايا
أَنتَ باقٍ طَيَّ الوَليدِ زَعيمًا
مَخَرَ الغَمْرَ هازِئًا بِالرَّزايا
أَسْرَجَ الضَّوْءَ في بَهيمِ اللَّيالي
وَمَضى يَقْطُفُ النُّجومَ البَهايا
فَلَهُ في السًّيُوفِ سَيْفٌ حُسامٌ
وَلَهُ في النَّدى أَكُفٌّ نَدايا
أنتَ باقٍ طَيَّ الحَفيدِ وَريثًا
تَلْتَقي فيهِ نادِراتُ المَزايا
جَمَعَ المَجْدَ منْ كِلا طَرَفَيْهِ
وَتَناهَتْ إليهِ حُمْرُ العَطايا
فَلَدَيْهِ منَ الكَمالِ سَجايا
وَلَدَيْهِ منَ الوَليدِ سَجايا
هوَ سِرٌّ لِجَــدِّهِ وَأبيــهِ
وَأَمينٌ على الكُنوزِ الخَبايا
مِنْ زَمانٍ رَحَلْتَ دونَ وَداعٍ
فَهَرَقْنا، دونَ الرَّحيلِ، السَّخايا
قَطَفَ المُجْرِمونَ جِسْمَكَ بَغْيًا
فَاسْتَحَقّوا ما تَسْتَحِقُّ البَغايا
أَدرَكَتْهُمْ عَدالَةُ الأرْضِ حَتّى
وَطِئَتْ هامَهُمْ نِعالُ الضَّحايا
نِصْفَ قَرْنٍ وَنَحْنُ نَنْتَظر
ُالنَّهْــرَ لِيَأتي بِأُمَّهاتِ الهَدايا
وَأخيرًا أتى بِما انْتَظَرَ الشَّعْـــبُ
طَويلًا مِنَ المُنى وَالمَنايـا
أَخَذَ الشَّعْبُ أَمْرَهُ بِيَدَيْهِ
وَاسْتَفاقَتْ مِنَ السُّباتِ السَّرايا
سَقَطَ الباغي في حَضيضٍ دَنيءٍ
وَغَدا البَغْي في مَهَبِّ الدَّنايا
وَتَهاوَتْ أسْوارُ سِجْنٍ كَبيرٍ
وَتَداعَتْ أرْكانُهُ وَالزَّوايا
نَمْ قَريرًا فَالحُلْمُ يَدْنو قُطوفًا
وَالرَّبيعُ العَتيدُ يُلْقي التَّحايا
قبرُكَ العَرشُ لِلنَّقيِّينَ حَجٌّ
وَمَزارٌ مُقَدَّسٌ لِلنَّقايــــا
وَعُروشُ البُغاةِ أمْسَتْ قُبورًا
وَقُبورُ الطُّغاةِ أمْسَتْ بَقايا
نِصْفَ قَرْنٍ وَلا تَزالُ كَبَدْرٍ
لمْ تَشُبْهُ منَ الخُسوفِ شَظايا
وَسَتَبْقى على الزَّمانِ تَمامًا