حرب أميركية – ايرانية في الشرق الأوسط

في ظل التكهنات حول الرد الأميركي المتوقع ضد إيران بعد مقتل ثلاثة جنود أميركيين خلال عطلة نهاية الأسبوع في الأردن، كيف يمكن أن تبدو الحرب الأميركية مع إيران؟ يقترح المحلل ماثيو هو، الضابط المتقاعد في مشاة البحرية الأميركية والمدير المساعد لشبكة أيزنهاور الاعلامية سيناريوهات في أفضل الأحوال وأسوأها.

ضربة في العمق الايراني وانتقام بالوكالة

وحسب التحليل، 'لعل السيناريو الأكثر إثارة للقلق قد يقضي بهجوم أميركي يستهدف العمق الايراني نفسه بشكل يولد ضغوطاً سياسية داخلية مشابهة لما يواجهه الرئيس الأميركي جو بايدن. وبالطبع، لن يأتي أي هجوم علني بهذه الطريقة من دون رد مماثل. وعلى الأرجح، ستحفز أي هجمات محدودة ضد أهداف في إيران ردود فعل انتقامية متناسبة. وبالتالي، ستحفز الهجمات ضد منشآت الحرس الجمهوري الايراني أو القواعد الجوية والبحرية تجدد الهجمات المضادة ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا.

وفي أفضل الأحوال، يعد الرد الايراني على اغتيال الجنرال قاسم سليماني في يناير/كانون الثاني 2020 مثالاً جيداً. ومع ذلك، قد لا تؤول الأحوال الى النتيجة نفسها كما في ذلك العام، وقد تنتهي بترسيخ دورة متصاعدة من الانتقام تدفع باتجاهها الضغوط السياسية الداخلية الأميركية والايرانية. كما أن هناك خطراً أيضاً من أن يؤدي الهجوم الأميركي ضد إيران الى مضاعفة اعتداءات الجماعات المتحالفة مع إيران وهجماتها ضد أهداف أميركية، بما في ذلك سفارتا الولايات المتحدة في بغداد وبيروت. علاوة على ذلك، يمكن للجماعات المناهضة لايران مثل تنظيم الدولة الاسلامية والجماعات الانفصالية الكردية والبلوشية استغلال الفرصة لمهاجمة أهداف إيرانية، بما في ذلك الأهداف المدنية، كما حدث في وقت سابق من هذا الشهر في إيران.

السيناريو الأسوأ: هجمات واسعة النطاق

وفي أسوأ الاحتمالات وفقاً للتحليل، قد تقرر الولايات المتحدة شن هجمات كبيرة ضد أهداف إيرانية داخل البلاد، بما في ذلك القيادة السياسية والعسكرية الايرانية. وقد تكون مثل تلك الهجمات دائمة وواسعة النطاق، أي أشبه بحملة عسكرية تسعى الى تدمير القدرة العسكرية الايرانية وتنذر بتغيير النظام (ولا يهم حقاً إن كانت تلك النية الفعلية أم لا، بل ما يهم هو ما يدركه الايرانيون). وتعطي مثل هذه الهجمات المكثفة الايرانيين دافعاً سياسياً وسبباً عملياً لشن هجمات واسعة النطاق في المقابل.

وبالتالي، قد توسع إيران هجماتها ضد القواعد الجوية والبحرية ومقرات القيادة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط، بهدف الإضرار أو تدمير قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ عمليات جوية. وستركز إيران بصورة أساسية على حاملة الطائرات الأميركية في المنطقة، يو إس إس أيزنهاور، باستخدام الصواريخ المضادة للسفن والمسيرات وغواصات الديزل. ومع ذلك، من المستبعد أن نشهد ضربات صاروخية إيرانية بعيدة المدى على أهداف إسرائيلية خوفاً من رد نووي إسرائيلي، لكن ذلك لن يمنع حزب الله من إطلاق عشرات الآلاف من الصواريخ ضد القواعد والموانئ والمطارات والبنية التحتية والمدن الاسرائيلية.

تضاف إلى ذلك، هجمات سيبرانية محتملة شبيهة بتلك التي نفذت على مدار العقدين الماضيين. لذلك، على الرغم من المسافة التي تفصل بين الخليج العربي والساحل الشرقي للولايات المتحدة، لن يبقى الرأي العام الأميركي بمنأى عن وطأة الحرب وتكاليفها في حال لم تقتصر الهجمات الالكترونية على الأهداف الحكومية والعسكرية.

ولا بد من القول إن الإيرانيين مستعدون بصورة جيدة لهذه الحرب بحيث لم تترك 45 عاماً من جهود الولايات المتحدة لتغيير النظام، بما في ذلك حرب الثمانينيات والعقوبات والاغتيالات والتهديدات، مجالاً للشك في أذهان معظم الايرانيين بضرورة استعدادهم لحرب مع الولايات المتحدة. بالتالي، ينبغي أن نتوقع أن الايرانيين أخذوا تهديد الولايات المتحدة على محمل الجد وأنهم مستعدون له.

الحروب بالوكالة

كما تطرح علامات استفهام حول كيفية استجابة الدول الأخرى لمثل هذه الحرب، فمن المرجح أن يدخل حزب الله وسواه من وكلاء إيران فيها. ويبدو أن سوريا وروسيا حريصتان على المساعدة بهدوء، أو على الأقل عدم الوقوف في وجه تدمير القوات الأميركية. وقد نشهد حملة جوية ومسيرات وصواريخ أميركية طويلة ضد إيران؛ وحرب بين حزب الله وإسرائيل قد تمتد إلى سوريا والعراق والمزيد من التدهور في الاقتصاد العالمي. وقد تجد تركيا والصين وروسيا فرصة عظيمة في تقليص وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في نهاية المطاف، كما ستقدم نفسها بمواجهة كشركاء هادئين وموثوقين.

في المقابل، سيتضاعف الضغط السياسي على الولايات المتحدة من أجل الفوز في الشرق الأوسط، وسيطارد شبح جون ماكين انتخابات عام 2024. ومع ذلك تبقى فكرة الغزو الأميركي واحتلال إيران فكرة غير منطقية بصورة مرعبة، خصوصاً في ظل الحروب الأميركية السابقة في أفغانستان والعراق'.