اخبار لبنان
موقع كل يوم -المرده
نشر بتاريخ: ٢٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
ثمّة عوائق كثيرة أمام لبنان تحول دون انخراطه حالياً في مفاوضات مباشرة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، مهما ضغط الاحتلال والإدارة الأميركية، ذلك أن الجو الداخلي اللبناني لا يسمح بدخول هذه «المعمعة» الكبرى حتى لا تسبّب مزيداً من الانقسامات والتوتر بسبب الاختلافات الجذرية في مواقف الأطراف اللبنانية، كما إن المناخ الإقليمي غير مهيّأ بعد لمفاوضات عربية – إسرائيلية مباشرة حول تسويات سلمية تريدها وتسعى لتحقيقها الإدارة الأميركية، قبل الانتهاء من حرب غزة بشكل نهائي وكامل ووضع آليات إدارة القطاع المحتل وخطط وأُطر إعادة الإعمار، وعودة السكان الى مناطقهم للإقامة ولو تحت الخيام تلافياً للتهجير الذي يريده الاحتلال. وكذلك قبل اتضاح ما ستؤول إليه المفاوضات الأمنية بين سوريا وكيان الاحتلال والى أي مدى سياسي ستصل لاحقاً.
وثمّة عوائق أيضاً أمام موقف لبنان بالتفاوض غير المباشر الأمني فقط مع كيان الاحتلال، تتمثل برفضه من قبل الاحتلال وعدم حماسة الإدارة الأميركية له لأن لديها خططاً وأفكاراً أخرى أوسع وأكبر لإدارة وضع لبنان في مرحلة المتغيّرات الكبرى في المنطقة، والتي لم تثبت بعد على أي اتفاق أو خيار مقبول يمكن تنفيذه.
فلبنان يريد شيئاً والكيان الإسرائيلي والإدارة الأميركية يُريدان شيئاً آخر مختلفاً بشكل جذري وفق ما يقوله أركان إدارة الرئيس دونالد ترامب، الغارق في بحور من الحروب السياسية والاقتصادية والعسكرية من الشرق الأوسط الى الصين والى أميركا اللاتينية، وهو بالتالي يتخبط في مواقف تناقضها مواقف أخرى له، ولعلّ هذا الضياع الأميركي يستغلّه الكيان الإسرائيلي لتنفيذ عدوانه على غزة ولبنان وسوريا وربما لاحقاً على دول أخرى، طالما ان الأميركي غير مهتم بما يفعله الإسرائيلي في المنطقة العربية هنا وهناك، وطالما العرب يكتفون ببيانات الإدانة والاستنكار ولا يتخذون موقفاً رادعاً لعدوانية إسرائيل.
الصورة ما زالت ضبابية كما يبدو من المشهد العام في الإقليم، ومن الطبيعي أن تنعكس هذه الضبابية على لبنان فتدفعه الى مقاربة التطورات يوماً بيوم بل ساعة بساعة، فلا ينهي قرارا نهائياً ولا ينفذ خطوة إجرائية قبل انقشاع الضباب السياسي الذي يلفّ المنطقة، من دون أن يمنع ذلك التشاور بين أركان الحكم ومتابعة هذه التطورات ولو اختلفت نظرة كلٌّ منهم الى بعض الأمور واختلفت بالتالي الأولويات، مع ان التوافق بين أركان الحكم قائم على أمر واحد هو التفاوض غير المباشر عبر لجنة الإشراف الخماسية الدولية مع كيان الاحتلال لتنفيذ النقاط العالقة في اتفاق وقف الأعمال العدائية، اما المستقبل فله شأن آخر.
ومع ذلك، فالمتوقع عدم حصول أي تقدم في شأن المفاوضات غير المباشرة، واستمرار التصعيد العدواني العسكري الإسرائيلي على لبنان تحت حجج واهية تغطيها الإدارة الأميركية عبر مندوبيها في لبنان، الذين لا يُحرّكون ساكنا تجاه أي عدوان، ولم يصدر عنهم موقف بعد الغارات على المصيلح وأنصار – سيناي التي استهدفت منشآت مدنية بملايين الدولارات، وقبلها على مجزرة بنت جبيل وضحاياها المدنيين من عائلتي شرارة وبزي.
وثمة من يدعو الى انتظار وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى الى بيروت نهاية هذا الشهر لتسلّم مهامه رسمياً وتبيان هل يحمل توجهات ومقاربات جديدة، أم انه سيعيد المعزوفات الأميركية السمجة والمملّة ذاتها حول المطلوب تنفيذه من لبنان، وغضّ النظر عن ما هو مطلوب من الكيان الإسرائيلي؟ علماً ان عيسى من أصول لبنانية فهل يحنّ الدم اللبناني في عروقه على أبناء بلده فيسعى الى اجتراح أفكار ومقترحات تفيد لبنان وتريحه من الحرب الإسرائيلية عليه؟