اخبار لبنان
موقع كل يوم -الهديل
نشر بتاريخ: ٢ تشرين الأول ٢٠٢٥
د. حمد الكواري: على دروب بخارى وسمرقند… رحلة إلى قلب الحضارة
ديار ما وراء النهر، أرضٌ كان لها في الحضارة الإسلامية شأنٌ عظيم، ومنها خرجت إلى العالم أسماء خالدة صنعت ذاكرة الإسلام وعلومه. بخارى التي أنجبت الإمام البخاري صاحب “الجامع الصحيح”، وسمرقند التي عُرفت بمرصد أولوغ بيك وريادة علم الفلك، وترمذ مهد الإمام الترمذي صاحب “الشمائل المحمدية”، وخوارزم التي أشرقت منها عبقرية الخوارزمي في علم الجبر، والبيروني في الفلك والرياضيات. مدن لا تزال شواهد على إبداعٍ فكري وعمراني زُرع في قلب آسيا الوسطى وأثمر علماً ونوراً امتد أثره إلى الدنيا بأسرها.
لكنّ مسار التاريخ لم يكن رحيمًا بهذه الديار؛ فقد جاء العهد السوفييتي ليحاول طمس شخصيتها الحضارية، وعزلها عن امتدادها الإسلامي والعالمي، فغابت أسماءها عن الذاكرة الحية، وبات حضورها مقيدًا خلف ستارٍ ثقيلٍ من العزلة الإيديولوجية. ومع ذلك ظلّت روحها الثقافية كامنة تنتظر لحظة الانبعاث.
يوم الاثنين الماضي احتفلت أوزبكستان بيومها الوطني، وقد لبّيت دعوة سفيرها في الدوحة السيد Ashraf Khodjeab، سفير أوزبكستان، لحضور حفل الاستقبال، كضيف شرف.
وفي حديث ودي دار بيننا، وجّه لي دعوةً لزيارة بلاده. كنت قد قرأت عن تاريخها المشرق ومدنها العريقة، فوجدت نفسي متشوقاً لرؤية أرضٍ كانت مناراتٍ للعلم والدين والحضارة.
سألتُ السفير: هل هناك خط مباشر للخطوط القطرية إلى طشقند؟ فأجابني: نعم. قلت: وكم تبعد؟ قال: الرحلة لا تزيد عن ثلاث ساعات. حينها أدركتُ كم أنّ هذه الديار التي بدت بعيدة في ذاكرتنا، هي قريبةٌ في الواقع في التاريخ والجغرافيا.
أتطلّع بشغف إلى زيارة أوزبكستان، لا كرحلة عابرة، بل كعودةٍ إلى محطة مضيئة من محطات حضارتنا الإسلامية، حيث امتزج العلم بالعمران، والروح بالفكر، والشرق بالغرب على طرق الحرير.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزارء
رئيس مكتبة قطر الوطنية