اخبار لبنان
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
بيروت - ناجي شربل وأحمد عز الدين
أبلغ رئيس الجمهورية العماد جواف عون وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني خلال استقباله له في قصر بعبدا مع وزير العدل السوري د.مظهر الويس، والوفد المرافق، أن «لبنان يتطلع إلى تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتفعيل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بما يحقق الاستقرار في كل من لبنان وسورية».
واعتبر الرئيس عون «أن تعميق العلاقات الثنائية وتطويرها يتم من خلال تأليف لجان مشتركة تبحث في كل الملفات العالقة، وأهمها الاتفاقيات المعقودة بين البلدين والتي تحتاج حتما إلى إعادة ودرس وتقييم». وأشار إلى «ان القرار السوري بتعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني - السوري يستوجب تفعيل العلاقات الديبلوماسية. وننتظر في هذا الإطار تعيين سفير سوري جديد في لبنان لمتابعة كل المسائل من خلال السفارتين اللبنانية والسورية في كل من دمشق وبيروت».
وقال الرئيس عون للوزير الشيباني: «أمامنا طريق طويل، ومتى صفت النوايا فإن مصلحة بلدينا الشقيقين تسمو على كل الاعتبارات، وليس لدينا خيار سوى الاتفاق على ما يضمن هذه المصلحة».
ولفت الرئيس عون إلى أن «الوضع على الحدود اللبنانية - السورية بات أفضل من السابق، وان المسائل التي تستوجب المعالجة كما اتفقنا عليها مع الرئيس السوري أحمد الشرع خلال لقاءين سابقين في القاهرة والدوحة أبرزها موضوع الحدود البرية والبحرية، وخط الغاز، ومسألة الموقوفين. وسنعمل على درس كل هذه القضايا انطلاقا من المصلحة المشتركة».
وقال الرئيس عون: «المنطقة شبعت حروبا وهدرا للمقدرات التي ينبغي أن تستثمر حتى تعيش شعوبنا بكرامة، بعدما دفعت الكثير من العذاب وعدم الاستقرار».
وحمل الرئيس عون الوزير الشيباني تحياته إلى الرئيس الشرع، مجددا الدعوة له لزيارة لبنان.
وكان الوزير الشيباني نقل في مستهل الاجتماع إلى الرئيس عون تحيات الرئيس الشرع، شاكرا الحفاوة التي لقيها خلال هذه الزيارة، مؤكدا «على أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع بين لبنان وسورية، والتي يفترض تعميقها وتصحيح ما حصل في السابق». ودعا الوزير السوري «إلى تعميق التعاون في كل المجالات، لاسيما المجالين الاقتصادي والتجاري، مع وجود هذا الانفتاح على سورية وبعد رفع العقوبات عنها، لأن لبنان يمكن أن يستفيد من هذه التطورات الإيجابية».
وجدد الوزير الشيباني التأكيد «على سيادة لبنان والحرص على إقامة علاقات متينة قائمة على الاحترام والتعاون. ونتطلع إلى أن نطوي صفحة الماضي لأننا نريد ان نصنع المستقبل». وقال إن بلاده جاهزة لمناقشة أي ملف عالق سواء كان ملفا اقتصاديا أو أمنيا. وأضاف: «لقد عانت شعوبنا من الحروب والمآسي، فلنجرب السلام». وجدد الوزير الشيباني دعوة الرئيس الشرع للرئيس عون لزيارة سورية، وقال: «لبنان بلد الفرح والسعادة، وقدرنا أن تكون علاقاتنا الثنائية مرتكزة على أساس الأخوة والتعاون».
وضم الوفد السوري إلى الوزيرين الشيباني والويس: رئيس جهاز الاستخبارات حسين السلامة، ومساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية اللواء عبدالقادر طحان، ومدير إدارة الشؤون العربية في وزارة الخارجية الدكتور محمد الأحمد، ومدير الإدارة القنصلية في وزارة الخارجية محمد العمر، ومدير الشؤون القانونية في وزارة الداخلية العميد سامر الحسين، ورئيس مكتب وزير الخارجية عبادة دياب.
وحضر عن الجانب اللبناني وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، ووزير العدل عادل نصار، وعدد من مستشاري رئيس الجمهورية.
وفي السرايا، استقبل رئيس الحكومة د.نواف سلام الوزير الشيباني في حضور نائب رئيس مجلس الوزراء د.طارق متري ووزير الخارجية يوسف رجي ووزير العدل عادل نصار، ووزير العدل السوري د.مظهر الويس والوفد المرافق.
كما عقد في السرايا اجتماع بين المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير واللواء عبد القادر طحان. كذلك التقى مدير المخابرات في الجيش العميد الركن طوني قهوجي برئيس الاستخبارات السورية حسين السلامة.
وكان الشيباني تحدث من منبر وزارة الخارجية، فقال: «هناك فرصة اقتصادية وسياسية تاريخية متطورة تصب في مصلحة الشعبين. وقد كنا ضحايا النظام السابق في سوء العلاقة مع لبنان». فيما قال الوزير رجي: «اتفقت مع الوزير الشيباني على إقامة لجان لمعالجة كل الأمور العالقة. وأصبحت العلاقات بين دولتي لبنان وسورية من خلال الأطر الديبلوماسية. وهناك التزام من الجهتين، واحترام للدولة اللبنانية مع عدم التدخل في شؤونها، وهذا مسار إيجابي».
وكانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية تبلغت عبر السفارة السورية في بيروت، قرار السلطات السورية بتعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني - السوري، وحصر كافة أنواع المراسلات بين البلدين بالطرق الرسمية الديبلوماسية.
في السياسية الداخلية اللبنانية، لم يعد سرا غياب الود بين مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وبين مقر الرئاسة الثالثة في السرايا الحكومية.
كذلك يلاحظ للعيان ارتفاع الكيمياء بين قصر بعبدا، حيث مقر رئاسة الجمهورية، وعين التينة حيث يقطن رئيس المجلس النيابي نبيه بري في المقر الرسمي للرئاسة الثانية.
وجاء كلام الرئيس بري أمام وفد جمعية الإعلاميين الاقتصاديين ليؤكد المؤكد غير المجهول، والمعروف من قبل الجميع في البلاد وخارجها.
وردت مصادر «عين التينة» ليل الخميس على رد رئيس الحكومة نواف سلام على كلام رئيس المجلس بالقول: «الشمس شارقة والناس قاشعة».
في أي حال، بدا واضحا أن كلام بري حمل رسائل عدة، منها في خانة المواقف الثابتة، وأبرزها إجراء الانتخابات النيابية المقررة في مايو 2026 وفق القانون الحالي النافذ (تغييب اقتراع المغتربين من مقر إقامتهم للدوائر كلها)، إلى التأكيد على العلاقة المتينة بين بري ورئيس الجمهورية العماد جوزف عون، مع ما يتركه ذلك من مسار إيجابي في ملف السلاح، حيث يعاضد رئيس المجلس رئيس الجمهورية، ويساهم في تخفيف مطالب شريكه في «الثنائي»، أي «حزب الله».
أما في المواقف القابلة للأخذ والرد، فهي انتظار نتائج الانتخابات لتسمية رئيس الحكومة المكلف.. وهذا ملف شائك، إلا أن التداول به بدأ منذ الآن.
توازيا، يستمر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون في العمل بوتيرة مرتفعة للعبور بالبلاد إلى «دولة المؤسسات». وهو حث عددا من زائريه من المقربين على لعب دور في هذا السياق، بالتواصل مع أحد طرفي «الثنائي»، فضلا عن مواكبته المباشرة لهذا الملف، والتي ترجمت باستقباله رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» التابعة لـ «حزب الله» النائب محمد رعد.
ومع تفهم رئيس البلاد وتبنيه المطالب اللبنانية الأساسية، بالعمل على تحقيق الانسحاب العسكري الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة وتحرير الأسرى، إلا انه يعمل بزخم على ملف السلاح، مشددا على وفاء الدولة اللبنانية بالتزاماتها التي قطعتها أمام المجتمع الدولي.
رئيس الجمهورية لا يخفي أمام بعض زواره انزعاجه من «عرقلة البعض لعمل الحكومة» وخصوصا من مجموعات معينة، إلا انه يتعاطى بانفتاح وبروح ديموقراطية مع الأمور، محددا ثوابت أساسية أولها حفظ المؤسسات الأمنية وعدم القبول بحملات التجني عليها، وتأكيد الالتزام بإجراء الانتخابات النيابية بعيدا من أية حسابات انتخابية داخلية، ذلك ان الأولوية لديه تثبيت دوران عجلة قطار الدولة والسير إلى الأمام، تاركا الحكم للناس على ما تحقق منذ بداية العهد، وخصوصا على صعيد العبور إلى الدولة، وتخطي عثرتي 1968 (أدت لاحقا إلى اتفاق القاهرة مع منظمة التحرير الفلسطينية وتقويض سلطة الدولة) و1992 يوم لم يتم نزع سلاح كل الميليشات والقوى المسلحة اللبنانية وغير اللبنانية بالكامل.
في أي حال، تبدو البلاد أقرب إلى انفراجات على مختلف الصعد، مع تثبيت ضمان الأمن ومنع كافة المظاهر المسلحة، وإطلاق ورش العمل في المرافق العامة والتحضير لموسم الميلاد الذي يعول عليه في تنشيط الحركة الاقتصادية الداخلية.
رئيس الجمهورية عاد والسيدة اللبنانية الاولى نعمت عون، الجريحة أماني بزي شرارة في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، حيث تتلقى العلاج على اثر إصابتها في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدينة بنت جبيل في 21 سبتمبر الماضي، وأدت إلى استشهاد أطفالها الثلاثة وزوجها شادي صبحي شرارة.
وكان في استقبال الرئيس عون والسيدة الأولى مدير المستشفى جوزيف عتيق، والطبيب المعالج د.سمير علم الذي قدم شرحا مفصلا عن الوضع الصحي للسيدة بزي، ووضع ابنتها أسيل التي لاتزال في العناية الفائقة.
وخلال الزيارة، أعرب الرئيس عون والسيدة اللبنانية الأولى عن تضامنهما العميق مع السيدة أماني، وأكدا أن «اللبنانيين جميعا يقفون إلى جانبها في محنتها»، وثمنا قدرتها على التحمل وتخطي هذه المأساة الأليمة. كما عبرا عن أملهما في شفاء ابنتها أسيل والصلاة من أجل سلامتها.