اخبار لبنان
موقع كل يوم -هنا لبنان
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
في تطوّرٍ ميداني غير مسبوق قد يقلب موازين الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين، نفّذت أوكرانيا هجومًا عميقًا في قلب الأراضي الروسية، مستهدفة منشآت بالغة الحساسيّة يُعتقد أنها مرتبطة بالثالوث النووي الروسي، في عمليةٍ تُعدّ الأطول مدى والأجرأ منذ اندلاع الصراع.
العملية التي وُصفت بـ'الابتكار الاستراتيجي' جاءت في لحظةٍ دقيقةٍ، تزامنًا مع مؤشراتٍ خجولةٍ على مفاوضاتٍ محتملةٍ في إسطنبول، لكنّها أعادت تسليط الضوء على هشاشة الخطوط الحمراء، وعلى معادلة الرّدع التي باتت تُختبر من جديد في عمق سيبيريا.
وفي مشهدٍ غير مسبوقٍ يُعيد خلط أوراق الحرب الأوكرانية – الروسية، نفّذت كييف هجومًا نوعيًا استهدف الثالوث النووي الروسي في عمق سيبيريا، محققةً ضربةً توصف بأنّها 'الأبعد جغرافيًا' منذ اندلاع الصراع.
العملية، التي تُقدّر خسائرها بمليارات الدولارات، لم تكن مجرّد نجاحٍ عسكريّ تكتيكيّ، بل رسالة استراتيجية وضعت الكرملين أمام تحدٍ مباشرٍ لمعادلات الردع التقليدية.
وبينما تتّجه الأنظار إلى مفاوضات إسطنبول، بات السؤال الأكثر إلحاحًا: كيف سيردّ بوتين؟
وبدأت الجولة الجديدة من المحادثات التي تهدف إلى إنهاء النزاع بين روسيا وأوكرانيا في اسطنبول الإثنين برعاية تركيا، من أجل التوصل إلى تسوية توقف الحرب المستمرة بينهما منذ فبراير/شباط 2022.
وكانت وزارة الخارجية الأوكرانية أعلنت وصول وفدها الذي يرأسه وزير الدفاع رستم عمروف إلى إسطنبول لإجراء محادثات مع الوفد الروسي، وذلك غداة واحدةٍ من أضخم الهجمات التي شنّتها كييف على الأراضي الروسية، منذ بداية الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات.
بينما وصل الوفد الروسي إلى المدينة التركية، أمس، حسب وكالة 'تاس'.
وكانت موسكو أعلنت أنّها سلّمت مذكرتها أو شروط السلام إلى الجانب الأوكراني. كذلك سلّمت كييف شروطها، أمس الأحد.
أوكرانيا تخرق العمق الروسي
ميدانيًّا، نفّذت أوكرانيا هجومًا 'مبتكرًا' باستخدام طائرات مُسيّرة، اخترقت المجال الروسي انطلاقًا من داخل الأراضي الروسية نفسِها، في محاولةٍ لتجنّب الدفاعات الجوية الروسية المحيطة بالحدود.
الضربات استهدفت مطاراتٍ عسكريةً ومنشآتٍ يُعتقد أنّها على صلة بالثالوث النووي الروسي، فيما وصفت مصادر أوكرانية العملية بأنّها 'واسعة النطاق'، طالت أكثر من 40 طائرة عسكرية وامتدّت إلى مسافةٍ تفوق 4 آلاف كيلومترٍ في عمق سيبيريا.
وبينما قَدّرَت كييف الخسائر بما يتجاوز 7 مليارات دولار، فإنّ موسكو التزمت الصمت الميداني، مكتفيةً بالإقرار بوقوع الهجمات وتأكيدها اعتقال عددٍ من المشتبه بهم.
غير أنّ التحرك الأوكراني لم يتوقّف عند المُسيّرات، إذ تزامن مع تفجيرات استهدفت جسورًا وسككًا حديديةً في منطقتَيْ بريانسك وكورسك، خلّفت 7 قتلى وعشرات الجرحى، مما أثار تساؤلات حول طبيعة الهجوم، وأي 'أجهزة غربية' ساهمت في التخطيط له.
ردٌّ قاسٍ…
وقد اعتبر الكاتب والباحث السياسي بسام البنّي خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على 'سكاي نيوز عربية' أنّ 'الرئيس الروسي عوّدنا على هدوئه المنظّم جدًا'، لكنه شدّد في الوقت ذاتِه على أن الرّد سيأتي لا محالة.
وقال: 'لا أعتقد أن الرّد سيكون نوويًا… لأن مستوى التصعيد لا يرقى بعد إلى تفعيل العقيدة النووية الروسية'.
وبحسب البنّي، فإنّ ما حدث في كورسك وبريانسك 'يعدُّ جريمةً دنيئةً'، مستنكرًا استهداف المدنيين، في مقابل تفهّمه للهجمات التي استهدفت مواقع عسكرية، لكونها تقع 'ضمن قواعد الاشتباك في حربٍ مفتوحةٍ بين دولتيْن'.
ويشير البنّي إلى التضارب في المعلومات حول ما إذا كانت أوكرانيا قد أبلغت واشنطن مسبقًا بنية تنفيذ الهجوم، مستشهدًا بما نشره موقع 'أكسيوس'، قبل أن يَسحب لاحقًا تلك المعلومات. الأمر الذي اعتبره البنّي دليلًا على وجود قناة خلفية للمشاورات بين موسكو وواشنطن، والتي قد تؤثر في توقيت وشكل الردّ الروسي.