اخبار لبنان
موقع كل يوم -نداء الوطن
نشر بتاريخ: ٢٨ كانون الثاني ٢٠٢٥
منذ أكثر من عقد، تحولت شعارات 'العدالة والمحاسبة' في سوريا إلى صرخة مكتومة تنبض بمعاناة شعبٍ سحقه النزاع وحُرم من أبسط حقوقه.
بحلول أواخر عام 2011، ازدادت التدخلات الخارجية وظهرت ميليشيات عبرت الحدود، كان أبرزها 'جيش المهدي' التابع للزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، رغم النفي الرسمي لمشاركته. ومع حلول صيف 2012، ظهر 'لواء أبو الفضل العباس' إلى جانب ميليشيات أخرى. تزامن ذلك مع تصاعد الخطاب الطائفي. ورغم هذه التدخلات، لا يمكن تجاهل أن الصراع السوري ليس مجرد مسألة طائفية بحتة. فقد شهدت البلاد في الوقت ذاته تطورات معقدة على الصعيد الداخلي، بما في ذلك تصاعد ظهور فصائل المعارضة المسلحة المتنوعة.
دور 'حزب الله' في تعميق الأزمة
ومع تصاعد التدخلات الطائفية، جاء التدخل العلني لـ 'حزب الله' اللبناني في نيسان 2013 خلال معركة القصير، ليشكل نقطة تحول حاسمة في النزاع. فقد قدم 'الحزب' للنظام السوري دعماً عسكرياً وسياسياً بالغ الأهمية، ما أسهم في تعقيد الصورة العامة للصراع وجعل قضية العدالة والمحاسبة أكثر صعوبة.
في المقابل، لا بد من الإشارة إلى أن الأساليب العسكرية للنظام السوري في مواجهة المعارضة، استفادت من الدعم الكبير الذي تلقاه النظام من حلفائه مثل إيران وروسيا، اللتين لعبتا دوراً محورياً في تغيير مسار الحرب لصالح النظام.
دور الميليشيات الطائفية في جرائم الحرب
وكشف فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في حديثه لـ 'نداء الوطن' عن الانتهاكات الواسعة التي وثقتها الشبكة منذ بداية الثورة السورية. وأكد أن الشبكة تعمل على بناء قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على آلاف الصفحات التي توثق الحوادث المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وأوضح عبد الغني أن هذه الوثائق جاهزة للاستخدام في المحاكم الدولية وأمام القضاء السوري. وشدد على أن الجرائم المرتكبة، مثل القتل والاختفاء القسري والاغتصاب والعنف الجنسي والتشريد القسري، لا تسقط بالتقادم.
وأشار عبد الغني إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان قامت بتوثيق هذه الانتهاكات بكل دقة لتكون قاعدة بيانات حية تُثبت تورط المجرمين. وأكد أن العدالة في سوريا ليست مستحيلة، وأن الشعب السوري مستمر في نضاله من أجل تحقيقها.
توثيق الانتهاكات
وكشف عبد الغني عن قائمة تحتوي على حوالى 16.200 شخص متورط في ارتكاب الجرائم، بينهم 6.724 من أفراد القوات النظامية السابقة و9.476 من الميليشيات الرديفة، بما في ذلك 'حزب الله' اللبناني. وأسهم وجود هذه الميليشيات ومساعدتها في جرائم قوات النظام السوري في مناطق ريف دمشق، وريف حمص، وريف حلب بشكل خاص، بجعل الطابع الطائفي للصراع يطغى على المشهد في سوريا والإقليم.
العدالة الانتقالية والمحاسبة
وأكد عبد الغني ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم. وركّز على أهمية إصدار مذكرات توقيف ضد المتورطين لتسليمهم للمحاكمة. وأشار إلى أنه سيتم إبلاغ حكومات الدول التي شاركت في هذه الجرائم، بما في ذلك الحكومة اللبنانية.
وشدد عبد الغني على أهمية تطبيق العدالة الانتقالية لمحاسبة جميع الأطراف التي ارتكبت أو ساهمت في ارتكاب هذه الجرائم. وكرر القول إن الميليشيات نفذت انتهاكات عديدة، تركزت غالباً في ريف حلب وريف دمشق وريف حمص، حيث استخدم عناصرها أساليب وحشية في تنفيذ المجازر ضد المدنيين. وتراوحت هذه الأساليب بين قتل الأشخاص أو إلقائهم أحياء في الآبار، وصولًا إلى إحراقهم.