ميقاتي يخبط على رأسه… و"لبنان الكبير" ينشر محضر الخلاف

في تمام الساعة الخامسة من نهار الثلاثاء في السادس من شباط ٢٠٢٤ عرض ملف تعيين خفراء متمرنين لصالح إدارة الجمارك، انفاذاً لقرار مجلس الوزراء بتاريخ ٧/٩/٢٠٢٤ والذي قضى بالتأكيد على قراره الصادر في ١٤/٧/٢٠٢٠، مع الموافقة على تعيين المستفيدين من قرار مجلس شورى الدولة وعددهم تسعة إضافة إلى جميع الخفراء الناجحين في المباراة التي أجريت لتطوير الخفراء لصالح الضابطة الجمركية (بر بحر وجهاز فني) والذين استبعدوا نتيجة تطبيق قرار مجلس الوزراء.

‏عرض الملف على عضو المجلس الأعلى للجمارك وسام الغوش بحسب الجداول المقدمة من مديرية الجمارك العامة، فوافقت غوش على السير بالتعيين وإصدار القرار اللازم بالمعنى عملاً بقرار مجلس الوزراء.

‏عرض الملف على عضو المجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي فطلبت الاستمهال لمدة أسبوع تمهيداً لإجراء اللازم.

عرض الملف على رئيس المجلس الأعلى للجمارك بالوكالة ريما مكي التي وافقت على السير بالتعيين وإصدار القرار اللازم بالمعنى عملاً بقرار مجلس الوزراء، وطلبت النظر في طلبات الاسترحام المقدمة من المستدعين ‏وعددهم سبعة الذين لم يتمكنوا في حينه من الإلتحاق بدورات التنشئة العسكرية لظروف استثنائية خاصة بهم. فتقرر من مكي وغوش عرض الموضوع على مجلس الوزراء وفقاً للآلية المتبعة عبر وزير المال وعدم انتظار مهلة الأسبوع التي طلبتها القزي نظراً الى تقادم الملف.

‏رفع المحضر إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مرفقاً بقرار مجلس شورى الدولة الصادر بتاريخ ٢٣/٣/٢٠٢٣، بحيث كان المجلس أكد أن وظيفة خفير جمركي ليست من وظائف الفئة الأولى المذكورة في المادة 95 من الدستور فملاك الضابطة الجمركية يشمل إلى جانب رتبة خفير، الرتب التالية: عريف، رقيب، رقيب معاون، معاون أول، ملازم، ملازم أول، نقيب، رائد، مقدم، عقيد، وهي جميعها رتب أعلى من رتبة خفير، الأمر الذي يستتبع عدم انطباق الاستثناء الوارد في الدستور لجهة تطبيق التوازن الطائفي على التعيين في وظيفة خفير جمركي، ويرى مجلس شورى الدولة أنه كان يتوجب على المجلس الأعلى الجمارك أن يتقيد بقراري التعيين المطعون بهما.

آنذاك وتحت صفة 'فوري' طلبت مديرية الجمارك عبر مديرها العام العميد ريمون خوري رفع الملف إلى مجلس الوزراء مع اقتراح تجميد القرار المطعون به بالطرق القانونية المناسبة، نظراً إلى التداعيات الخطيرة والمدمرة التي ستأتي جراء إلغاء هذا القرار وما سيتبعه من إلغاء قرارات التعيين الصادرة وتسريح المعنيين ثم استدعاء الفائزين منهم وعلى عدة دفعات لاستكمال العدد المطلوب لا سيما أن جزءاً كبيراً من الفائزين لا يرغبون في التطوع ومنهم ‏من فسخ عقد التطوع، والكثير من الناجحين الذين سيصبحون فائزين بعد إلغاء القرار، لن يرغب في التطوع ما يؤدي إلى افراغ الضابطة الجمركية من نصفي عديدها تقريباً ولفترة ليست قصيرة وما يتبع ذلك من إرباك في العمل قد يصل إلى توقفه في معظم الشعب والمفارز، عدا عن الحقوق المكتسبة للذين سيلغى تطويعهم، والذين تركوا وظائفهم وأعمالهم ليلتحقوا بسلك الضابطة الجمركية، ومنهم من أمضى ثلاث سنوات في الخدمة ستذهب هباء لأسباب خارجة عن إرادته. كما أن معظم الذين سيتم تطويعهم في حال تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة قد تخطى الثلاثين من العمر، ما يؤثر على حقوق التقاعد لدى تقاعدهم ولن تستفيد الادارة من خدمتهم للفترة اللازمة.

وعاد مجلس الوزراء وأكد على القرار، وفي جلسته التي عقدت في السراي في السابع من أيلول الماضي ٢٠٢٣، وفي محضر الجلسة تبين أنه بتاريخ ١٤/٧/٢٠٢٠، وافق المجلس على تعيين الخفراء الناجحين في المباراة التي جرت لتطويع خفراء لصالح الضابطة الجمركية بحسب ترتيب نجاحهم في المباراة وبشكل يراعي مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك ‏وهي الجلسة التي عقدت في القصر الجمهوري برئاسة الرئيس السابق ميشال عون في عهد حكومة حسان دياب. ولكن كان الجميع يعلم أن الناجحين جميعهم من الطائفة الاسلامية، فتعذر التنفيذ بسبب رفض عون ومن ورائه رئيس 'التيار الوطني الحر' جبران باسيل بحجة الاخلال بالتوازن الطائفي. فرفض تعيين الناجحين الـ ١٩٧، وقام تسعة منهم بتقديم الطعن أمام مجلس شورى الدولة، فقبلت مراجعتهم.

ومرة جديدة قرر مجلس الوزراء في جلسة ٧/٩/٢٠٢٣ برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي الموافقة على تعيين المستفيدين من قرار مجلس شورى الدولة اضافة الى جميع الخفراء الناجحين والذين استبعدوا نتيجة تطبيق قرار مجلس الوزراء الذي صدر من بعبدا ويشترط مراعاة الحفاظ على مقتضيات الوفاق الوطني أي المناصفة.

لم ينفذ القرار في المجلس الأعلى للجمارك واستفحل الخلاف بين الأعضاء وجيّشت القزي الحسابات الطائفية في تنفيذه الى أن رفع وزير المال بتاريخ ٢٢ شباط الماضي هذا الخلاف الى مجلس الوزراء طالباً اتخاذ القرار المناسب (الكتاب مرفق). فماذا حصل في جلسة أول من أمس الثلاثاء؟

يقول مصدر وزاري بارز لموقع 'لبنان الكبير': 'في قانون الجمارك يجتمع المجلس الأعلى للجمارك لينظر في جدول الأعمال فإذا لم يتم الاتفاق على نقطة معينة يرفع الأمر إلى مجلس الوزراء، وبالتالي ما يطرح على طاولة مجلس الوزراء هو الأمور التي تدخل في صلب وظيفة المجلس الأعلى للجمارك والتي لم يستطع اتخاذ قرار بشأنها وليس مسألة عدم تنفيذ قرار مجلس الوزراء، ‏‏لأنه في حال عدم تطبيق قرار مجلس الوزراء يجب الإحالة على التفتيش المركزي، ‏لأن القرار بالتعيين كان قد اتخذ من أيلول الماضي وبالتالي على المجلس الأعلى للجمارك أن ينفذ. ‏وكان على مجلس الوزراء في جلستنا الأخيرة أن يتخذ موقفاً من عدم تنفيذ قراره، ‏وأبعد من ذلك كان يجب احالة من يعترض على هذا القرار أي غراسيا القزي على التفتيش المركزي والمساءلة أو اقالتها، فهل يجوز أن تعطل موظفة قرار مجلس الوزراء؟ لأن الدستور واضح لجهة احترام التوازن الطائفي، بما خص الفئة الأولى ودون ذلك لا تخضع الوظائف إلى مبدأ التوازن، وما كان يجب من الأساس وضع هذا البند على جدول الأعمال. ‏مجلس الوزراء هنا وفي هذه الحالة لم يعد مرجعاً للبت بالخلاف في المجلس الأعلى للجمارك بل أصبح وكأنه يدرس عدم تطبيق قراراته، ‏وهذا الخطأ الذي وقعنا فيه، بينما هناك موظفة تتصرف وكأنها المرجع لتعطيل قرارات مجلس الوزراء وتردها الينا، وتقوم بتعطيلها'.

‏ويستغرب المصدر 'كيف أن بعض الوزراء وقع في هذا الفخ وسأل داخل الجلسة هل نعيّن أو لا نعيّن؟ بينما التعيين اتخذ وكان يجب أن لا يقارب هذا الموضوع من هذه الزاوية، وأن لا يعرض على مجلس الوزراء'.

ويكشف المصدر أنه وفي معرض نقاش هذا البند وبند الطوابع المالية وبروز حالة التخبط في اتخاذ القرارت، خبط ميقاتي يديه على رأسه غاضباً، وقال: 'انا شو بدي أعمل لأعمل؟ بدي أعمل وزير مال ووزير خارجية ووزير طاقة ووزير دفاع… هذا الأمر لم يعد مقبولاً أبداً'.