اخبار لبنان
موقع كل يوم -ام تي في
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الثاني ٢٠٢٥
لم تعد معركة المغتربين اللبنانيين على حقّهم في التصويت مسألة تقنية أو تنظيمية كما يحاول البعض تصويرها، بل تحوّلت إلى معركة سياسية عميقة تمسّ جوهر التوازنات التقليدية في النظام اللبناني.في قلب هذه المعركة، يبرز موقف الثنائي الشيعي الذي لا يخفي انزعاجه من فكرة أن يصوّت الشيعة المغتربون في دوائرهم الأصلية بدل الدائرة 16 الخاصة بالمغتربين. والتبريرات التي يقدمها احترام النصّ الحرفي لقانون الانتخابات رقم 44/2017، الذي نصّ على إنشاء دائرة مخصّصة للمغتربين تضمّ ستة مقاعد فقط.ولكن خلف هذا التمسّك القانوني، تكمن هواجس سياسية أعمق تتعلق بفقدان السيطرة على الصوت الشيعي في الخارج، وهو صوت لم يعد يمكن ضبطه ضمن آليات النفوذ والزبائنية التي تسود الداخل اللبناني.
مصادر متابعة لآلية الحركة الإنتخابية في دول الإنتشار تعتبر أن مشكلة الثنائي تكمن في أنه لا يقول صراحة إنه يخشى أصوات المغتربين، وأنه يتمسّك بذريعة الخصوصية الطائفية وبفكرة أنّ الدائرة 16 تحافظ على توازن التمثيل.لكن الواقع أن هذا التوازن لم يكن يوماً عادلاً. فحصر مئات آلاف المغتربين بستة مقاعد فقط، يعني فعلياً إلغاء دورهم السياسي الحقيقي، وتحويلهم إلى جمهور رمزي لا تأثير له في مسار القرار الوطني.
وما يُزعج الثنائي الشيعي ليس الإجراءات، بل احتمال ولادة شيعية سياسية جديدة في الخارج أكثر استقلالية، أقل خوفاً، وأكثر انفتاحاً على مفهوم الدولة المدنية.ولهذا، فإن معركة الدائرة 16 ليست معركة مقعد إضافي أو مادة قانونية، بل معركة بين لبنان القديم الذي يخشى المجهول، ولبنان الجديد الذي يريد أن يسمع صوته ولو من آخر الدنيا.
المصادر نفسها تتوقف عند كلام المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل خلال إحياء الذكرى السنوية الاولى لشهداء مجزرة دير قانون رأس العين، حيث قال أننا نتعاطى بأعلى درجات المسؤولية ونثق بخيارات شعبنا وأبناء هذه الأرض، ولكن الواجب يتطلب منا أن نخوض المعركة السياسية وسنخوضها، ولن نقبل بأن يُفرض علينا قرار أو خيار يتجاوز دورنا الذي يجب أن يحفظ لنا خلال خوض الانتخابات النيابية على مستوى الداخل أو الخارج، مشيراً إلى أن المعركة طويلة وشعبنا فيه عزيمة وإيمان وإخلاص ومكتوب عليه أن يسجل انتصاراً تلو الانتصار.
وتلفت إلى أن هذا الكلام وحده يؤشر إلى أن ما وراء قلق الثنائي هو الخوف من التغيير ونهاية سردية الاحتكار التي مارسها على مدى عقود نهاية الاحتكار. المغترب الشيعي اليوم ليس ذاك الذي غادر قريته بحثاً عن لقمة العيش فقط، بل هو جيل جديد من الأكاديميين ورجال الأعمال والمثقفين الذين يتعاملون مع العالم بعقلية مختلفة.
حتى الآن لا يزال مصير انتخابات المغتربين بين يدي نبيه بري وفقاً لما ينص عليه النظام الداخلي لمجلس النواب وصلاحياته التي تترك له مساحة للتحرك والمناورة، على رغم الخطوة المتقدمة التي تجلّت الخميس الفائت بإحالة الحكومة مشروع قانون معجّل مكرر لتعديل المادة المرتبطة بحصر أصوات المغتربين بـ6 مقاعد نيابية ومنحهم مجدداً حق التصويت للنواب الـ128 حسب دوائرهم الإنتخابية. فهل يفعلها نبيه بري ويضرب بالمرسوم، فلا يضعه على جدول أعمال الجلسة علما أنه بات مكشوفا ليس فقط أمام الرأي العام المحلي إنما أيضا الدولي، أم يسربه حفاظا على ماء الوجه ويتم تعديل ما لا لزوم له؟
الخبير في شؤون الانتخابات سعيد صندقلي يقول لـالمركزية أن ليس الثنائي الشيعي وحده يخشى من اقتراع غير المقيمين كما يصر على التسمية، إنما كل الأحزاب لا تريد اقتراع المغتربين الذين تحرروا من ضغوطات قياداتهم الحزبية وحسابات الأهل والمحيط . لكن على ما يبدو أن الصوت الشيعي وحده الذي يعلو ضمن دائرة الخائفين والمؤيدين للدائرة 16 والدليل أن التقرير الذي وضعته اللجنة الوزارية وتسلمه وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي منذ 21 أيلول الماضي تأخر في عرضه على مجلس الوزراء حتى جلسة الأمس بهدف المماطلة لأن أصوات غير المقيمين لا تقدم كثيرا وإذا كان هناك إقبال فإن الغالبية لن تطابق حسابات مرشحي الأحزاب بدليل أن نتائج انتخابات المغتربين في الـ 2022 صوّتت في غالبيتها للتغييريين مما يؤكد أن تحرير الناخب من الضغط المجتمعي والعائلي والحزبي والترهيب غير المباشر يحرر صوت الناخب وهذه الخشية تنسحب أيضا على الميغاسنتر لأنه في حال إقراره فإن الناخب الشيعي الذي يقطن في بيروت لن يذهب إلى الجنوب لانتخاب المرشح والرضوخ لكل أنواع الضغوطات. والحال نفسها تنطبق على الناخب الماروني في البترون وبشري ودير الأحمر والكاثوليكي في زحلة... من هنا أرجح أن تجرى الإنتخابات من دون أصوات غير المقيمين. واللي بدن اياه الأحزاب بيجيبوا واللي ما بيفيدن ما بيجيبوا.
وفي ما خص كلام الثنائي عن عدم إمكانية القيام بحملات انتخابية في الإغتراب يؤكد صندقلي أنه لم يعد يوائم هذا العصر حيث أن الحملات تجري عبر وسائل التواصل الإجتماعي وهذه أعذار واهية.
في الخلاصة يبدو أن الخطة باء باتت شبه واضحة لدى صندقلي منذ اللحظة إذا حصلت الإنتخابات النيابية وأصر على الإذا لأنه حتى اللحظة لم تتألف هيئة الإشراف المفروض أن تتشكل قبل 6 أشهر من موعد الإنتخابات لتكون فاعلة . وإذا حصلت أرجح أن تكون على غرار الإنتخابات البلدية التي فازت فيها غالبية المجالس البلدية بالتزكية. أما أن نتوقع انتخابات حرة نزيهة مطابقة للقانون فهذا مستبعد بالمطلق يختم صندقلي.











































































